الاثنين، 30 أبريل 2012

موقف المسلمين من الفلسفة


موقف المسلمين من الفلسفة
د. حسن كامل إبراهيم
 
قبل أن يقوم نصارى السريان بنقل تراث الأوائل إلى المسلمين كان لدى المسلمين تراث يشتمل على ما هو مادي وما هو روحي، ولأجل ذلك يمكننا أن نقسم التراث الإسلامي إلى قسمين: التراث الأصيل وهو ما ورثه المسلمون من خبرات ومعلومات على المستوى الروحي: كالشعر والنثر أو في مجال العلوم العملية: كالطب والصيدلة...إلخ. أما التراث الدخيل أو ما أطلق عليه المسلمون علوم الأوائل فهو ما تلقاه المسلمون من معارف ومعلومات من طريق النقل والترجمة من بلاد اليونان والفرس والهند،،،إلخ. وفي هذا الموضع سنتكلم عن التراث الدخيل على المسلمين وخصوصاً ما وصل إليهم من تراث اليونان من الفلسفة والمنطق.

بادئ ذي بدء من الضروري أن نؤكد أن المسلمين كانوا خلوا من الفلسفة والمنطق قبل الإسلام وحتى بعد الإسلام أقصد قبل مرحلة النقل والترجمة، ولذلك لم تظهر بين المسلمين مشكلات فلسفية كالتي ظهرت بينهم بعد مرحلة النقل والترجمة، ومع انتقال مؤلفات الفلسفة والمنطق إلى ديار الإسلام أخذت الفلسفة والمنطق في الظهور بين المسلمين وما صاحبهما من مشكلات فلسفية وفكرية وثقافية. ولقد نقل إلى المسلمين في البداية المؤلفات الخاصة بالعلوم العملية أعني التي تفيدهم في حياتهم اليومية كالحساب الذي استفادوا منه في تحديد اتجاه القبلة، والطب الذي انتفعوا به في مداواة الأبدان، والصيدلة التي اعتمدوا عليها في تحضير الأدوية والعقاقير..إلخ. ونقل بعد ذلك المؤلفات الخاصة بالفلسفة والمنطق.

ولقد انقسم المسلمون بصدد مؤلفات الفلسفة والمنطق إلى قسمين: من انبهر وقلد فلاسفة اليونان في هذا المجال، ومعارض ورافض لذلك التراث بسبب ما يشتمل عليه من مفاسد وضلالات.

وقبل أن نفصل موقف المسلمين من الفلسفة والمنطق اليونانيين، من الضروري أن نؤكد أن المسلمين لم يقوموا بدور النقل والترجمة من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية، بل قام بهذا الدور نصارى السريان الذين كانوا يعيشون في ظل سماحة الدولة الإسلامية، ويعضد ذلك أنه لم يثبت أن أحدا ما من المسلمين كان على دراية باللغة اليونانية، باستثناء الكندي فيلسوف العرب الأول الذي اختلف الباحثون حول كونه كان على دراية باللغة اليونانية أم لا؟. وعموما فإن مسألة نقل وترجمة كتب الفلسفة والمنطق من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية تحتاج إلى موضع آخر لنتناولها بالتفصيل والتوضيح. ويجب كذلك أن نبين الدافع الحقيقي وراء نقل كتب الفلسفة والمنطق إلى المسلمين، فهل كان المسلمون في أمس الحاجة إلى الفلسفة والمنطق؟!. بالقطع لم يكن المسلمون في حاجة لهما لأن بين أيديهم ما يغنيهم عن الفلسفة والمنطق كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهما يغنيا أي مسلم عما عداهما.

لقد تم نقل المؤلفات الخاصة بالفلسفة والمنطق إلى المسلمين بسبب انبهار نفر من المسلمين بالفلسفة والمنطق مما دفع بعض الخلفاء وأهل اليسار من المسلمين إلى تبني عملية نقل كتب الفلسفة والمنطق، وكان في مقدمة هؤلاء الخلفاء الخليفة العباسي المأمون الذي طلب من ملك الروم نقل كتب الفلسفة والمنطق إلى ديار الإسلام الذي نصحه وزراؤه وكهنته وكبار قساوسته بإرسالها إلى ديار الإسلام لأنها -على نحو ما نصحه كبير قساوسته- ما دخلت على أمة ذات عقيدة إلا وزلزلت عقيدتها. ومن هذا المنطلق سارع ملك الروم بنقل كتب الفلسفة والمنطق إلى ديار الإسلام، تلك الكتب التي تلقاها نصارى السريان وقاموا بنقلها إلى اللغة العربية. وكان ما كان من تأثيراتها الفاسدة على المسلمين، وفي مقدمة تلك المفاسد مشكلة كون القرآن الكريم: قديم أم حادث؟ وما صاحب تلك المشكلة من محنة الإمام أحمد ابن حنبل؟.

نعم، لقد جلبت مؤلفات الفلسفة والمنطق كثيرا من المشكلات الفكرية التي أحدثت آثارا سيئة في البيئة الإسلامية، مما حدا بنفر من المسلمين المخلصين لدينهم أن يهرعوا للدفاع عن الإسلام والمسلمين، وتوضيح المفاسد والضلالات التي توجد في الفلسفة والمنطق، وتعريف المسلمين بأن أضرار الفلسفة والمنطق أكثر من منافعهما إن كان فيهما منافع. ويأتي شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة الذين نبهوا العقول على ما تنطوي عليه الفلسفة والمنطق من مفاسد وضلالات. ويبدو ذلك بوضوح في مختلف مؤلفاته التي وضعها للرد على المتفلسفة والمناطقة: كالرد على المنطقيين، ونقض المنطق، والفتاوى، ودرء تعارض العقل مع النقل. ولقد بذل هذا النفر من المسلمين -الذين أخذوا علي عاتقهم مهمة توضيح مفاسد الفلسفة وضلالاتها- كل ما يملكون من غال ونفيس لتوضيح ذلك للمسلمين في تلك الآونة وفيما بعدهم أيضا حتى لا يضل المسلمون من بعدهم. وعلى كل حال فإن مسألة موقف المسلمين من الفلسفة والمنطق تحتاج إلى العديد والعديد من المقالات لتوضيح هذا الأمر.

يتضح لنا مما سبق أن الفلسفة لا يقبل على تحصيلها إلا من كان على عقيدة إيمانية راسخة تماما. ولا يقبل على دراستها سوى طلاب العلم فحسب داخل قاعات الدرس ولا تنشر على الجمهور حرصا منا على الجمهور وليس استخفافا به. ويجب أن تقدم الفلسفة لطلاب العلم من قبيل أنها شر مخافة الوقوع فيه، وعلى طلاب العلم أن يتعاطوا مع الفلسفة اتقاء لشرها. على نحو ما كان يفعل ثلة من الصحابة حيث كانوا يسألون الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة الوقوع فيه، مقابل فئة أخرى من الصحابة كانوا يسألونه صلى الله عليه وسلم عن الخير لنيل الثواب في الدنيا والآخرة.

ومن هذا المنطلق تدريس مقررات الفلسفة والمنطق من منظور إسلامي أو في ضوء الإسلام في داخل الجامعات بالمملكة العربية السعودية عامة وخاصة جامعة الملك سعود -كلية التربية- قسم الثقافة الإسلامية حتى لا يفتن بها أحد من المسلمين. وتلك مسؤولية أخلاقية كبيرة تتحملها المملكة العربية السعودية. وهذا أمر يحمد للقائمين على العملية التعليمية في داخل المملكة العربية السعودية في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين. وإلي اللقاء إن شاء مع المزيد من المقالات في هذا المجال الذي يندرج تحت ما نسميه بالأمن الفكري. الأمن الفكري الذي نخاف عليه جميعا حكاماً ومحكومين، ونحن على استعداد تام لأن نضحي بالغالي والثمين لتحقيقه. ومن هذا المنطلق نناشد القائمين على وحدات الأمن الفكري اليقظة والحيطة من مثل هذه الدعاوى الضالة والمضللة.

جامعة الملك سعود - كلية التربية - قسم الثقافة الإسلامية
//factulty.ksu.edu.sa/philosophy/ http:

الفلسفة مدرسة للحرية


التجربة العربية في تدريس الفلسفة


الحوار في الاسلام


الحوار في الاسلام



د. حسن كامل إبراهيم
إذا كان الآخر ينادي بصدام الحضارات إلا أننا كمسلمين نرفض هذا التصادم، فلم نقرأ في التاريخ الإسلامي أن المسلمين شجعوا على صدام أو تصادم الحضارات، بل على العكس تزخر صفحات التاريخ الإسلامي بكثير من الحوارات الحضارية التي قام بها المسلمون في كثير من عصورهم الزاهرة وخاصة في العهد: الأموي، العباسي، والأندلسي. ويرجع ذلك إلى أن الدين الإسلامي يحض الإنسان المسلم على الحوار مع الآخر سواء كان الآخر مسلما أو على ملة أخرى غير دين الإسلام.
فقد ور د لفظ الحوار في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم، قال ـ سبحانه وتعالى ـ "فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا" [الكهف/ 34]، وقال أيضا " قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا" [الكهف/ 37]، وقال أيضا "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما" [المجادلة/ 1]. وتشير هذه الآيات الثلاث إلى الاختلاف بين المتحاورين ومحاولة إقناع بعضهم بعضا. ونستفيد من ذلك أيضا أن الحوار يعني مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين مختلفين.
إن الإسلام دين الحوار بعبارة أخرى إن الحوار منهج قرآني، فالإنسان المسلم يتحاور مع الآخرين نظرا لأن الإسلام يحضه على الحوار، ويبدو الحوار في القرآن الكريم على كثير من المستويات. فقد كلم الله ـ سبحانه وتعالى ـ الملائكة واستمع إليهم، يقول سبحانه وتعالى "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" [البقرة / 30] . وكذلك رسله يقول ـ سبحانه وتعالى ـ "وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ء أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله" [المائدة/ 116 ] . وأيضا إبليس يقول ـ سبحانه وتعالى "قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين" [الأعراف/ 12]. ويشتمل القرآن الكريم على كثير من محاورات الرسل مع أقوامهم. يقول سبحانه وتعالى "قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض" [إبراهيم/ 10] .
ولقد أورد القرآن الكريم حوار إبراهيم عليه السلام مع مدعي الربوبية. يقول سبحانه و تعالى "ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين" [البقرة/ 258].
وحوار موسى عليه السلام مع فرعون مدعي الألوهية والربوبية ورد في سور عديدة في القرآن الكريم، وأيضا بقية الرسل عليهم صلوات الله وسلامه حيث يحاورون أقوامهم بالحكمة لدعوتهم إلى الله وتوضيح الحق لهم والرد على شبهاتهم. ولقد أورد القرآن الكريم حوار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع امرأة. يقول سبحانه وتعالى "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير" [المجادلة/ 1].
إذا الحوار مطلب إسلامي لكي نقوم بواجبنا تجاه الأمم الأخرى ليس لإفادة أنفسنا فحسب بل لفائدة الأمم الأخرى أيضا لنوصل إليها الخير الذي أمرنا الله به أعني الإسلام الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور.
* كاتب وباحث أكاديمي في جامعة الملك سعود

أردوغان و المثقف العربي


 




من الملاحظ الآن أن الدبلوماسية التركية النشطة جدا تمكنت 
في الفترة الأخيرة من دعدغة مشاعر الشارع العربي ، هذا أمر لا شك فيه ، فتركيا أردوغان تمكنت من فهم طبيعة المواطن العربي العادي و عرفت كيف تخاطبه ، وما  قاله و فعله أردوغان مؤخرا أضاف كثيرا لرصيد تركيا في الشارع العربي ، بدايةمن ردة فعل أردوغان تجاه رئيس الكيان الصهيوني الغاشم في المنتدي الاقتصادي الدولي في دافوس و مرورا بأحداث سفينة مرمرة ، و ليس نهاية بجولته في الدول العربية الأخيرة التي رحبيت فيها الشعوب العربية بزيارته كثيرا . و تمكن في هذه الجولة من عقد شراكات إقتصادية و سياسية ممتازة لتركيا .و لكن هل فكر أردوعان في مخاطبة المثقف العربي سواء كان صاحب توجه إسلامي أو علماني أو ليبرالي أو اشتراكي . إن الميقفين العرب مازلوا غير مقتنعين - من وجهة نظري المتواضعة -  بسلوك تركيا أردوغان ، مازالوا يتشككون في نوايا تركيا أردوغان ، فتلك البروبجندا التي يصنعها أردوغان من وقت لآخر تجاه أمريكا أو الكيان الصهيوني الغاشم مازال المثقف العربي غير مقتنع بأن تركيا أردوغان تقوم بذلك دون ممارسات أخري من تحت الطاولة ، و نشر بعض المثقفين العرب تخوفاتهم من تركيا أردوغان في وسائل الإعلام المختلفة . مما كان له أثرسلبي  إلي حد ما على تركيا أردوغان .
 و أتساءل:  كيف تخاطب تركيا أردوغان المثقف العربي  ؟ ، ما هي الوسيلة التي تستخدمها تركيا أردوغان في دغدغة مشاعر المثقف العربي ؟ ، و هل المثقف عامة و المثقف العربي خاصة يكون الخطاب الموجه له يدغدغ مشاعره فحسب أم أن الذي يريد أن يخاطب المثقف من الضروري أن يضع في حساباته عقلية هذا المثقف ، أعني توجهاته الأيديولوجية . كذلك ما الآليات التي تستخدمها تركيا أردوعان في اقناع هذا المثقف في أنها تضع في حساباتها مصالح العرب ؟ .
أعتقد أن التعامل مع المثقف العربي يحتاج من تركيا أردوغان إلي مزيد من الجهد الفكري في التعامل معه . أعتقد أن تركيا أردوغان تحتاج في الوقت الراهن إلي القيام بعملية استعراب دقيقة تدرس من خلالها الشعب العربي عامة و المثقف العربي خاصة عن قرب و على نحو علمي دقيق حتي لا تخسر تركيا أردوغان كل ما حققته من مكاسب سياسية و إقتصادية في العالم العربي . من الضروري أن تبحث تركيا أردوغان عن الآليات اللازمة لمخاطبة المثقف العربي لتقنعه بأنها لا تمرر شيئا من تحت الطاولة و خاصة في تعاملاتها مع الكيان الصهيوني الغاشم .
 فيا تري هل تنجح تركيا أردوغان و تركيا ما بعد أردوغان في المحافظة على كل هذه
 المكاسب القريبة و البعيدة  في العالم العربي . 



أ.د / حسن كامل إبرهيم
جامعة الملك سعود كلية التربية
التخصص فلسفة
مصري مقيم بالرياض