تعقيب على مقال : ما هي الفلسفة !
السباحة و الغوص في
بحر الفلسفة !
للأخت الفاضلة هيفاء السلوم - طالبة في السنة التحضيرية
يا لفرحة
الفلسفة، فكل يوم مقالة عنها في أكثر من جريدة ومجلة يومية وأسبوعية، يا لسعادتها
كل يوم يظهر لنا منبهر جديد بأفكارها، فهي محط الانتباه و الفضول. وعلى كل حال
يجب أن ننبه العقول إلى: إن الفلسفة ليست من منتجات أو صنائع العرب والمسلمين بل
إن أصولها غربية (يونانية) محضة، وكلمة «فيلوسوفيا» اليونانية، تتألف من مقطعين، «
فيلو» أي محبة و« سوفيا » أي حكمة، ولذلك تترجم «فيلوسوفيا إلى محبة الحكمة أي
الفلسفة، أي أن الفلسفة تعني محبة الحكمة، والفيلسوف بطبيعة الحال هو » محب
الحكمة. والفلسفة عند اليونان ليست علماً بعينه بل هي أم العلوم، حيث يحاول
الفيلسوف من خلال منهجه التأملي وضع إطار نظري فحسب = مذهب فلسفي يبين فيه تصوره
للكون، أمثال طاليس، وأفلاطون، وأرسطو،،،الخ .
والفلاسفة - وليس علماء الفلسفة
- تركوا لنا مذاهب فلسفية تتناول مباحث الفلسفة الرئيسة بالدراسة والتحليل وهي :
الوجود، والمعرفة، والقيم ؛ بالإضافة إلى مباحث الفلسفة الفرعية مثال : فلسفة
التاريخ، و فلسفة القانون،،، الخ .
وتعد فلسفة اللغة من بنات الفلسفة المعاصرة
مثل فلسفة العلم وغيرها من مباحث الفلسفة المعاصرة . التي أنتجها الفلاسفة
المعاصرون، حتى يظل للفلسفة موضوعات جديدة يمكن بها أن تخاطب الآخرين، وبالتالي
تجدد الفلسفة دماءها باستمرار، وفلسفة اللغة تنشغل بتحليل الألفاظ التي نتداولها
ومن أحدث فروع الفلسفة أيضا، فلسفة الأرض، وتعني البحث في قضية الأرض أي التراب أو
قل إن شئت الوطن والانتماء إليه .
وأما الفيلسوف - و ليس الكاتب الفلسفي -
فهو المتأمل في هذا الكون الذي يطرح مذهباً فلسفياً يتناول مباحث الفلسفة الرئيسة
والفرعية بالدراسة والتحليل . ويعد ابن رشد الحفيد هو آخر فلاسفة العرب، فقد نضب
الفكر الفلسفي العربي بوفاة ابن رشد. لكن الغرب فمازال غنياً بالفكر الفلسفي.
ومن أشهر نظريات الفلسفة المعاصرة «نظرية تصادم أو صدام الحضارات» التي طرحها
الفيلسوف وعالم الاجتماع الأمريكي «صموئيل هنتجتون» الذي هلك منذ أيام
قليلة.
إن الفلسفة أم العلوم ليست حكراً على أصحاب العقول المتميزة، ولا حكرا
على فئات معينة، ولا حكراً على طبقات معينة، بل الفلاسفة من كل الفئات والطبقات
والعقول.. ولا تستقطب الفلسفة النخب بل منها سقراط الذي ينتمي للطبقة المعدمة ومنها
أرسطو الذي ينتمي للطبقة الأرستقراطية، ومنها انكسمنس الذي تكلم فحسب عن نشأة
الكون، ومنها هيجل وكانط الفلاسفة الكبار . و لذلك يمكننا القول أن الفلاسفة منهم
صغار ومنهم كبار.
ولم يعد بيننا في العالم العربي من يستحق أن يطلق عليه لقب
«فيلسوف» لأن الفكر الفلسفي العربي انتهى بوفاة ابن رشد الحفيد في القرن الثاني عشر
الميلادي على نحو ما ذكرنا. ولكن يوجد بيننا دارسون و شارحون للفلسفة فحسب
.
ولذلك أرجو ممن يريد أن يسبح أو يغوص في بحر الفلسفة أن يكون سباحاً وغواصاً
ماهراً، حتى لا يغرق في هذا البحر، ويستطيع أيضا أن يصل إلى شاطئه بأمان. كذلك من
يكتب عن الفلسفة عليه أن يعرف ألفاظها ومصطلحاتها وأهدافها، ومضارها ومفاسدها قبل
السباحة والغوص في بحرها، عليه أن يكون متمكناً مما يكتب عنه حتى لا يخلط الحابل
بالنابل في مسألة الألفاظ والمصطلحات، فما بالك إذا تعمقنا في بحر الفلسفة و خضنا
في مباحثها الرئيسة والفرعية، فماذا سنقرأ ؟! هل سنقرأ أكثر من القول؟ .. فعندما
نوجه الأنظار إلى المفهوم الإسلامي نجد أنه مصطلح _ المقصود الفلسفة - عام يمكن
تعريفه واستخدامه بطرق مختلفة، فيمكن استخدامه على أنه الفلسفة المستمدة من نصوص
الإسلام بحيث يقدم تصور الإسلام ورؤيته حول الكون ... . وأخيراً أرجو من كل من
يريد أن يعرف الفلسفة فعليه الذهاب إلى قسم الثقافة الإسلامية بكلية التربية،
ليتعرف على الفلسفة عن كثب، ويعرف كذلك موقف الإسلام منها .
د. حسن كامل
قسم الثقافة الإسلامية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق