مصر : هبة المصريين ؟!
زعم هيرودوت (425 – 484 ق.م.) المؤرخ اليوناني المشهور في مؤلفه : تاريخ هيرودوت ترجمة عبد الإله الملاح ؛ مراجعة : أحمد السقاف وحمد بن صراي ،2001 م ، الناشر المجمع الثقافي : الإمارات العربية المتحدة – أبو ظبي ، ص 135... أن مصر منحة من نهر النيل العظيم حيث يقول : " ... لأنه واضح لكل حصيف ذي نظر ، وإن لم يكن على دراية بالأمر ، أن مصر التي يبحر إليها الإغريق في أيامنا إنما هي هدية النهر ، إذا جاز القول ، ولم يتولها أهلها إلا من عهد قريب ... "
يبدو من عبارة هيرودوت أن اليونانيين كانو يبحرون إلي مصردون أن يذكر سبب ذهابهم لمصر ، ولكن كتب التاريخ كما نعلم تؤكد أن اليونانيين لك يكونوا يبحروا لمصر من أجل التجارة فحسب بل للتتلمذ على أيدي المصريين أيضا . ويظهر كذلك من عبارة هيرودوت أن النهر وهب مصر الحياة -إن جاز التعبير -ولكن ذلك كما هو ثابت ليس صحيحا فإن المصريين بمجرد أن استقروا حول النهر قاموا بتشيد حضارة عظيمة يشهد لها التاريخ ، ويشهد لها العدو قبل الصديق أيضا . فليس من فراغ أن أكد نابليون الذي فشل في غزوته على مصر في نهاية القرن الثامن عشر أن يقول : " ... من حكم مصر حكم العالم ... " .
لقد قام المصريون بتدشين حضارة عظيمة منذ فجر الضمير البشري كما ذكر جون هنري برستيد في كتابه " فجر الضمير " . وليس أدل على ذلك من تأسيس أهل الغرب قاطبة علما جديدا خاص بمصر المصريين هو " علم المصريات " لمعرفة عظمة مصر والمصريين ، والوقوف على تاريخهم و منجزاتهم ومكتشفاتهم التي لا تزال تبهر ليس الغرب فحسب بل العالم عامة .
فليست مصر - بالفعل - هبة النيل بل مصر هبة المصريين الذين بذلوا الدم والعرق علي مر العصور الإنسانية لكي يؤسسوا هذه الحضارة العظيمة ، الإنسانية التي مازالت تقتات على فتات الحضارة المصرية القديمة . ولا يعني ذلك أن المصريين يظلوا أسري لهذا الماضي التليد بل عليهم أن يحطموا كل العوائق والموانع المستحيلة التي ينسج خيوطها الأعداء في الخارج والعملاء في الداخل .
إن مصر 25 يناير لحظة فارقة ليس في تاريخ مصر فحسب بل وفي تاريخ العالم بأكمله ، وهذا ما شهد به العالم أجمع ، إن مصر 25 يناير صفحة جديدة في تاريخ العالم أجمع . إن مصر 25 يناير صفحة طويت من تاريخ العالم وبدأت صفحة جديدة في تاريخ الإنسانية قاطبة .
ولذلك على المصريين مسؤولية تاريخية وحضارية وأخلاقية تجاه الإنسانية كلها ، فعليهم أن يؤدوا هذه المهمة الكبيرة بكل قوة واقتدار ويلقنوا أعداء الإنسانية درسا لن ينساه التاريخ ما ظلت الحياة على هذا الكوكب .
على المصريين أن يستعيدوا مرة أخرى ثقتهم في أنفسهم لكي يحققوا أهداف 25 يناير ، تلك الأهداف النبيلة التي تحتاج إليها كل الشعوب في كل مكان وزمان . إن الشعوب الحرة في كل مكان في العالم تنتظر ذلك الدور المصري العظيم الذي يثبت ريادة مصر المصريين .ذلك الدور الذي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المصريين هنا ، يعيشون في هذه اللحظة التاريخية الفارقة في تاريخ العالم أجمع .تلك اللحظة التي يثبت فيها المصريون أن مصر هبة المصريين وليست هبة النيل كما يزعم كثير من أعدائها .