الاثنين، 12 نوفمبر 2012
فلسفة بارمنيدس وأثرها على نظرية المثل الأفلاطونية
< فلسفة بارمنيدس وأثرها على نظرية المثل الأفلاطونية
د. حسن حسن كامل إبراهيم
أستاذ – قسم الدراسات الإسلامية
كلية التربية – جامعة الملك سعود
طرح فلاسفة اليونان على بساط البحث الفلسفي كثيرا من القضايا الفلسفية ، منها ما يتعلق بالمباحث الرئيسية للفلسفة : الوجود ، والمعرفة ، والقيم ؛ ومنها ما يدور حول المباحث الفرعية للفلسفة : فلسفة التاريخ ، و فلسفة القانون ، وفلسفة الجمال ،،، إلخ . ومن القضايا الفلسفية التي ترتبط بالمباحث الرئيسية للفلسفة ، والتي تناولها فلاسفة اليونان بالبحث والدراسة والتحلي قضية " ثبات الوجود و واحديته " ، أقصد هل الوجود ثابت وواحد أم أنه متكثر ومتحرك ؟ . ويعد الفيلسوف اليوناني بارمنيدس ( حوالي 500 ق.م. ) المنتمي للمدرسة الإيلية في مقدمة الفلاسفة الذين اعتقدوا أن الوجود ثابت وواحد . ولقد استفاد نفر من الفلاسفة التاليين عليه من فلسفته وفي طليعتهم الفيلسوف اليوناني أفلاطون ( 347 – 427 ق.م.) . ومن هذا المنطلق سيحاول الباحث من خلال هذا البحث الوقوف على طبيعة الوجود عند بارمنيدس ، وكيف برهن على ثباته و واحديته ؟ وما هي صفات هذا الوجود ؟ ومعرفة مدي تأثر أفلاطون بفلسفته ؟ . معتمدا في ذلك على نصوص كلا الفيلسوفين التي سيقوم بتحليلها .
بادئ ذي بدء ننوه إلى أن الأيونيين السابقين عليه كانوا يزعمون أن الحركة والتغير هما الطابع العام للوجود ، وأشاروا كذلك إلي أن السكون يحتاج إلي التفسير والدراسة وظل الأمر على هذا النحو إلى أن جاء بارمنيدس ورفض القول بحركة الوجود وتغيره على نحو ما صرح الأيونيون ونادي بأن العالم ثابت مقابل حركته عند الأيونيين . لقد رفض بارمنيدس القول بتغير الوجود وأكد على ثباته ، لأن القول بالتغير يعني الانتقال من الوجود إلى اللاوجود . ولكن أرسطاطاليس ( 322 – 384 ق.م. ) رفض هذا الرأي البارمنيدي ، فعند الأول " يصح الانتقال من مرتبة في الوجود إلي مرتبة أخري ، مثل انتقال الموجود بالقوة إلي الوجود بالفعل ، فالتغير قد يكون عند أرسطاطاليس انتقالا من وجود إلي وجود آخر وليس انتقالا من وجود إلي لا وجود . "( ) ولم يخالف بارمنيدس الأيونيين فحسب بل أنه خالف بقوله هذا هيراقليطس ( 475 – 535 ق.م. ) أيضا الذي زعم أن السمة الغالبة علي الوجود هي الحركة والتغير . وهكذا فإن الكثرة مرفوضة وكذلك التغير مرفوض عند الإيليين عامة و بارمنيدس خاصة . ( ) لقد وجه بارمنيدس " اهتمامه إلى مشكلة العقل والحواس شأنه في ذلك شأن معاصره هيراقليط الأفسوسي في الطرف الآخر من العالم المتكلم بالإغريقية اعتقد أن الإنسان يجب أن يتبع العقل وحده إلا أن عقله أوصله إلي نتيجة هي عكس ما وصل إليه هيراقليط تماما . قال هيراقليط : كل شيء يتغير ، وقال بارمنيدس : لا شيء يتغير . قال هيراقليط : ليست الحكمة سوي تفهم الطريقة التي يدور بها العالم ، وقال بارمنيدس : أن الكون لا يدور حقا على الإطلاق ، وإنما هو ساكن سكونا مطلقا . إن التغير والحركة والتبادل لم تكن في نظره سوي أوهام مصدرها الحواس . "( ) إن بارمنيدس باتجاهه العقلي وهيراقليطس باتجاهه الحسي هما رواد الفكر الفلسفي بلا منازع . " إن الفيلسوفين الكبيرين هرقليطس و بارمنيدس مهدا طريق الفلسفة : الأول ينادي بالتغير والصيرورة ... والثاني بالثبات والسكون . الأول بلا شك أب السفسطة والثاني أب المنطق والتغير والثبات هما الفلسفة خلال القرون . "( ) ولم تستمر السيادة لهذين التيارين الفلسفيين كثيرا ؛ بل أنه ظهر فريق آخر من الفلاسفة حاول التوفيق بين هذين الاتجاهين المتضادين ." ( )
إن الإيليين عامة و بارمنيدس خاصة حولوا مسار البحث الفلسفي عامة فبعد أن كان البحث الفلسفي يبحث عن العلة الأولي للأشياء ، التي عدها الطبيعيون الأوائل : الماء ، والهواء ،،، إلخ . أو أنها الأعداد - على نحو ما زعم الفيثاغوريون – فقد أصبح البحث الفلسفي على أيدي الإيليين يبحث في ما وراء الوجود المحسوس ، إنه أصبح يبحث في ماهية الوجود ذاته .( ) ولقد رفض بارمنيدس تلك الواحدية المادية الأيونية التي تشكل أسس الفلسفة الأيونية .( )
وإذا كان بارمنيدس رفض مبادئ الفلسفة الأيونية و الفيثاغورية إلا أن أفلاطون تأثر بهما كثيرا . بالإضافة إلي تأثره بمؤثرات فلسفية أخري أثرت في فلسفته . ولأجل ذلك يمكننا القول أن بارمنيدس يعد همزة الوصل بين الاتجاه المادي الحسي الذي سبقه والاتجاه العقلي الذي أتي من بعده .
ولقد وضع بارمنيدس فلسفته شعرا مقابل فلاسفة مدرسة أيونيا الذين وضعوا فلسفتهم نثرا ، وحذا حذوه نفر من الفلاسفة الذين أتوا من بعده . ووضع بارمنيدس فلسفته في كتاب دعاه " الطبيعة " ، الذي قسمه إلي قسمين : الأول :" في الحقيقة " الوجود الحقيقي " ، والثاني في الظن " الوجود المحسوس " .(*)
يبدأ بارمنيدس قصيدته حيث يشير إلي أنه سيبحث فيها عن الوجود الحقيقي والوجود غير الحقيقي . يقول : " جئت تبحث – هكذا تحدث الآلهة بارمنيدس – في كل شيء : عن الحق الثابت للمستدير ، كما تبحث عن ظنون البشر الفانيين التي لا يوثق بها . ولكنك تعلم أن تعلم هذه الأمور أيضا ( أي الظنون ) ، كيف تنظر في جميع الأشياء التي تظهر ( أي المظاهر ) وتبحث فيها . "( 1) نستنتج من ذلك أن بارمنيدس يعتبر الوجود الحقيقي هو الثابت والوجود غير الحقيقي هو الظن وخداع البصر . وهذا نفس ما نسبه أرسطاطاليس في مؤلفه " الطبيعة " إلي بارمنيدس ، عندما صنفه ضمن الفلاسفة القائلين بأن المبدأ الأول لا يتحرك . يقول : " وقد يجب أن يكون المبدأ إما واحدا، وإما أكثر من واحد . وإن كان واحدا فإما أن يكون غير متحرك على مثال ما قال بارمنيدس ومالسيس ، وإما أن يكون متحركا على ما قال الطبيعيون . فقال بعضهم إن المبدأ الأول هواء ، وقال آخرون إنه ماء . " ( 2) وهذا ما أشار إليه أرسطاطاليس أيضا في مؤلفه " الكون والفساد " ولكنه صرح بذلك – هنا – علي نحو ينم عن دهشته وتعجبه من هذا الرأي . يقول : " بالصدور عن هذه النظريات وبمعاندة شهادة الحواس والاستهانة بها بحجة أنه ينبغي إتباع العقل فقط انتهي بعض الفلاسفة – يقصد بارمنيدس وأصحابه من الإيليين – إلي التصديق بأن العالم واحد غير متحرك وغير متناه لأنه إن لم يكن كذلك فإن الحد بحسبهم لا يمكن إلا أن يحاد الخلو . "( )
يري بارمنيدس أن الوجود الحقيقي كما أنه ثابت فهو أيضا واحد بعبارة أخري الكل عنده واحد وكذلك غير متحرك أيضا .( ) وهذا ما عناه أفلاطون في محاورة " بارمنيدس " ، الذي ذكر أن الكل واحدا وليس متعددا عند بارمنيدس ، ذلك يعني أن الأخير ينكر الكثرة ، وهذا ما قصده من بعده تلميذاه زينون ( ؟ - 489 ق.م. ) ومليسوس ( حوالي 440 ق.م. ) . يقول أفلاطون :
سقراط : إنني أري يا بارمنيدس ، أي زينون لا يجب أن يكون واحدا معك في الصداقة فقط ، بل الثاني لنفسك في تأليفه أيضا . إنه يضع ما تقول بطريقة أخري ، وسيبذل قصاري جهده ليجعلنا نعتقد أنه يخبرنا شيئا جديدا ؛ لأنك تقول في قصائدك ( الكل يكون واحدا ) ولا تورد براهين ممتازة عن هذا . وتقول أنه لا يكون متعددا من الناحية الأخرى ، وتقدم دليلا غامرا لصالح هذا القول . أنت تثبت الوحدة ، هو ينكر الكثرة . وهكذا أنت تخدع العالم بإيهامهم أنك تقول أشياء مختلفة – يقصد عن تلاميذه – في حين أنك تقول الشيء عينه . إن هذا أسلوب فني يتعدي مجال أكثريتنا . "( )
جعل بارمنيدس للمعرفة طريقين : الأول : طريق اليقين ، والثاني : طريق الظن . يقول : " أقبل الآن لأخبرك ، واسمع كلمتي وتقبلها . هناك طريقان لا غير للمعرفة يمكن التفكير فيهما ، الأول أن الوجود موجود ... ولا يمكن أن يكون غير موجود ، وهذا هو طريق اليقين ، لأنه يتبع الحق . والثاني أن الوجود غير موجود ، ويجب ألا يكون موجودا ، وهذا الطريق لا يستطيع أحد أن يبحثه ، لأنك لا تستطيع معرفة اللا وجود ولا أن تنطق به لأن الفكر والوجود واحد ونفس الشيء . " ( ) هكذا يقسم بارمنيدس الوجود إلي وجودين : وجود حقيقي وهو موجود ، ووجود غير حقيقي وهو غير موجود . والقسم الثاني في تلك القسمة أو الثنائية هو ما جعله السوفسطائيون موجودا وجودا حقيقيا . فقد أشاروا إلي أ، ما هو فاسد موجود ، وهذا ما صرح به أفلاطون في محاورته " السفسطائي " ، فقد عاب عليهم أنهم أكدوا على وجود اللا وجود وأثني على موقف بارمنيدس المناهض لهذا الاتجاه السوفسطائي . يقول أفلاطون : "
الغريب : إن من يقول إن الباطل موجود فلديه الجرأة لتأكيد لا وجود الوجود ، لأن هذا يدل ضمنا على احتمال وجود الباطل . لكن بارمنيدس العظيم – يا ولدى ، احتج ضد هذه المقولة ، فى أيام كنت صبيا ، لقد واصل غرس الدرس عينة في الأفكار حتى نهاية حياته ، مردده شعرا ونثرا: أبعد عقلك من طرق هذا ؛ لأن ذلك لا يبرهن أبدا ، وهو أن الأشياء وهو أن الأشياء التى لا تكون تكون . "( ) إذا لا وجود للخلاء أو الفراغ ، وكذلك لا وجود لمسافات بين الأشياء حيث تكون الحركة والتغير محتملين ، ولا وجود أيضا لبدايات أو نهايات زمنية للأشياء . ( )
يوحد بارمنيدس – على نحو ما ذكرنا سابقا - بين الوجود والمعرفة ، فيشير إلي أن ما نفكر فيه موجود وما لا نفكر فيه غير موجود ، فكأن الأشياء المحسوسة لا وجود لها في إدراكنا ، وأن ما يسري عليه الكون والفساد والبداية والنهاية صور فحسب . ( ) ويشير بارمنيدس إلي ذلك بقوله : " ما يلفظ به ويفكر فيه يجب أن يكون موجودا ، لأنه من الممكن أن يكون الوجود موجودا ، ومن المستحيل أن يوجد اللا وجود : إني أمرك أن تتأمل هذه الأمور . " ( ) ولما كان الوجود قابل للتفكير فيه فهو موجود ، ولما كان اللا وجود في المقابل لا يمكن التفكير فيه فهو غير موجود ، ولما كان الجمهور يفكر عكس ذلك يجب الابتعاد عن طريقة تفكيره . يقول : " وأن ترجع عن ذلك الطريق [ الأول للبحث ] وعن هذا الطريق الأخر أيضا الذي يصل فيه البشر ، ولا يعرفون شيئا ناظرين إليه بوجهين ؛ لأن الارتباك الموجود في صدورهم يضلل عقولهم حتى لقد يعيشون كالصم العمي والطغام الذين لا يميزون ، فيذهبون إلي أن الوجود موجود ، وأن الوجود والوجود و اللا وجود شيء واحد ، وإلي أن كل شيء يتجه في اتجاهات متضادة . "( )
إذا العقل وحده يستطيع أن يصل إلي حقيقة الأشياء ، وهي أن الوجود موجود واللا وجود غير موجود ، وأنه من المستحيل أن يكون الوجود واللا وجود ، وأنه من المستحيل أن يكون الوجود واللاوجود شيئا واحدا . أقصد أنه من غير الممكن إثبات وجود اللا وجود ، ويجب عدم النظر أو البحث في هذه المسألة لأنها بكل تأكيد مستحيلة .( ) وهكذا يمكننا القول أنه لا يوجد سوي طريق واحد يجب أن نسلكه وهو أن الوجود موجود . ولقد أكد بارمنيدس على ذلك وعضد من أتي من بعده من الإيليين رأيه من خلال حججهم لنفي الكثرة والحركة . ( ) كذلك العقل وحده يمكنه معرفة الوجود الحقيقي ( الوجود العقلي ) مقابل الحواس التي لا تستطيع معرفة سوي الوجود الزائف ( الوجود الحسي ) . ومن هنا تكون المعرفة عند بارمنيدس " نوعان : عقلية وهي ثابتة كاملة وظنية وهي قائمة على العرف وظواهر الحواس . فالحكيم يأخذ بالأولي ويعول عليه كل التعويل ، ثم يلم بالأخرى ليقف على مخاطرها ويحاربها بكل قواه . "( )
وفيما يتعلق بصفات الوجود عند بارمنيدس فهي عديدة ، منها أنه لا يكون ولا يفسد ، وأنه واحد ، ومتصل : كان ويكون وسيكون ، وكل ، ووحيد التركيب ، لا يتحرك ، ولا نهاية له ، ولا نهاية له ، و مجتمع .( )
نستدل من ذلك أن الوجود يأتي من الوجود وينتهي إلي الوجود . وينفي بارمنيدس بذلك – على نحو ما أشرنا سابقا – العدم ، فالعدم – عنده – من هذا الطريق معدوم .
ويستطرد بارمنيدس موضحا مسألة كون الوجود ، فينفي عنه أنه أتي من اللا وجود فلا يبقي سوي أنه أتي من الوجود . يقول : فأي أصل لهذا الوجود تريد أن تبحث عنه ؟ وكيف ومن أي أصل نشأ ؟ إني أسمح لك بالقول أو التفكير أنه نشأ من اللا وجود ، لأن اللا وجود لا يمكن أن يعبر عنه أو يفكر فيه وأيضا إذا كان قد نشأ من اللا وجود ، فما الضرورة التي جعلته ينشأ متأخرا عن وقته أو قبل ذلك ؟ فهو إما أن يكون قد وجد مرة واحدة ، أو لم يوجد أصلا . ولن تسلم قوة اليقين في أنفسنا بأن شيئا خرج إلي الوجود من اللا وجود ، اللهم إلا من الوجود ذاته ، ولذلك فإن العدالة لم تخفف قيودها وتسمح للوجود بأن يكون أو يفسد ، بل العدالة تشد الوجود بقيد وثيق . ويتوقف الحكم على هذه الأمور على ما يأتي : " هل الوجود موجود أو غير موجود ؟ " لهذا يلزم بالضرورة أن نتجاهل أحد الطريقين لأنه لا يمكن التفكير فيه أو التعبير عنه ( إذ هو طريق غير صادق ) وأن نأخذ الطريق الثاني لأنه طريق الوجود والحقيقة . وما مصير الوجود في المستقبل ؟ أو كيف يمكن أن يوجد ؟ إذا جاء إلي الوجود فليس بموجود . وكذلك إذا وجد في المستقبل . وبذلك تزول الصيرورة ولا يتحدث أحد عن فساده . "( ) إذا لا مجال للتغير أو الحركة وكذلك لا مجال للعدم أو الخلاء على الإطلاق فيما يتعلق بالوجود . وهذا ما ذكره أرسطاطاليس ، فقد بين في مؤلفه " الكون والفساد " أن بارمنيدس أكد على الواحدية والثبات ، وأنه أكد أيضا على انتفاء الخلاء والعدم . يقول أرسطاطاليس : " وفي الواقع أن بعض القدماء – يقصد بارمنيدس وأصحابه من الإيليين – قد ظن أن الموجود هو بالضرورة واحد وغير متحرك فعلي رأيهم الخلو لا يوجد وأنه لا يمكن أن توجد حركة في العالم مادام أنه لا يوجد خلو منفصل عن الأشياء . وكانوا يزيدون على ذلك أنه لا يمكن أيضا أن يوجد تعدد مادام أنه لا يوجد خلو يقسم الأشياء ويعزلها . على أن دعوي أن العالم ليس متصلا لكن الموجودات التي تؤلفه متماسة مهما كانت منفصلة فيرجع ذلك إلي القول بأن الموجود متعدد وليس واحدا وأن الخلو موجود . وأنه إذا كان الموجود هو مطلقا قابلا للقسمة في جميع الاتجاهات فمن ثم لا يوجد بعد وحدة لأي ما كان بحيث أنه لا يوجد أيضا تعدد . " ( )
ويستمر بارمنيدس في سرد صفات الوجود ، فهو عنده ليس منقسما ، ومتجانس ، ومتماسك ، ويملأ كل شيء ، ومتصل . يقول : " وأيضا فإنه لا يتحرك من جهة حدوده القوية السر ، بلا بداية ولا نهاية ، لأن الكون والفساد [ أي ما يظهر وما يختفي ] قد ابعدا ، إذ أبعدهما اليقين الصادق – إن الوجود ذاته يظل في المكان نفسه ، باقيا بنفسه ، ثانيا على الدوام ، لأن الضرورة تمسكه داخل قيود النهاية التي تحيط به ، فقد حكم القانون الإلهي ألا يكون الوجود بغير نهاية ، فهو لا يحتاج إلي شيء ؛ أما إذا كان لا نهائيا [ فريمان من جهة المكان ] فإنه يحتاج إلي كل شيء . "( )
ويترتب على قولنا أن الوجود والفكر أمرا واحدا أنه لا معني لكثير من المصطلحات التي يستخدمها البشر، وتوهموا أنها ذات معني ، كقولنا : الكون والفساد ، والوجود واللا وجود ، والنقلة في المكان ، وتغير اللون الساطع . ( )
الوجود كامل من جميع الجهات ، وكل لا انفصال فيه . يقول : " وحيث كان له ( أي للوجود ) حد بعيد ، فهو كامل من جميع الجهات ، مثل الكرة المستديرة الأبعاد من المركز ، لأنها ليست أكبر أو أصغر في هذا الاتجاه أو ذاك ، ولا يعوقها شيء عن بلوغ النقط المتساوية عن المركز ، وليس الوجود أكثر أول أقل في مكان دون آخر ؛ بل هو كل لا انفصال فيه . ولما كان الوجود متساويا من جميع الجهات فإنه يبلغ الحدود بشكل متجانس . " ( )
وبمجرد أن انتهي بارمنيدس من توضيح طبيعة الوجود الحقيقي من خلال طريق الحق الذي بدأ به قصيدته . ينتقل بعد ذلك إلي الطريق الثاني الذي اسماه طريق الظن . وبدأ حديثه عن هذا الطريق بالتصريح أنه انتهي الحديث عن طريق الحق والكلام الصادق المتعلق بالفكر والعقل . وأنه سيبدأ من الآن حديثه عن طريق الظن حيث الألفاظ الخادعة التي يقتنع بها الجمهور العادي . ( )
يشير إلي أنه أمام الجمهور طريقين : الأول : طريق الحقيقة ، والثاني : طريق الزيف : ويجب أن يبتعد الجمهور عن الطريق الثاني . يقول : " لقد تعود البشر تسمية صورتين ، ويجب أن يمسكوا عن ذكر إحداهما عند الانحراف عن الحق [ كورنفورد : إذا ذهبوا بعيدا ] . وقد يزول بينهما من حيث تضادهما في الصورة ، واستدلوا عليهما بعلامات مختلفة . إحداهما النار في السماء ، وهي نار رقيقة لطيفة متجانسة من جميع الجهات ، ولكنها تختلف عن الأخرى . وهذه الصورة الأخرى تضادها تماما : إنها الليل المظلم ، جسم ثقيل كثيف واني واصفه لك نظام هذا العالم كما يظهر ، حتى لا يسبقك تفكير أي إنسان . "( )
وبالجملة فإن نفر من الباحثين لما وجدوا بارمنيدس يؤثر الوجود العقلي – الوجود الحقيقي – علي الوجود المحسوس – الوجود الزائف – زعموا أن بارمنيدس هو رائد المثالية . ولكن نفر آخر من الباحثين في المقابل اعترض على ذلك زاعما أن بارمنيدس هو رائد المادية بحجة أن بارمنيدس أكد على أن الأشياء تكون بواسطة الحار والبارد واللذين يسميهما نارا وأرضا .( ) ويردد بارمنيدس هنا – على ما يبدو – الطريقة الفيثاغورية عن الأضداد . ( ) لكن يري نفر من الباحثين في المقابل أن الإيليين رفضوا التضاد .
وعموما فإنه من الممكن تلخيص الخلاف بين هاتين المدرستين : الفيثاغورية والإيلية " بالقول إن مفهوم الوحدة عند الأولي رياضي إلي حد ما ، وعند الثانية ميتافيزيقي أو أنطولوجي ... إن الفيثاغوريين وضعوا مبدأ التضاد بين المحدود واللامحدود في صلب فلسفتهم العددية واعتبروه مبدأ صدور الكثرة عن الوحدة ، بينما نفي الإيليائيون التضاد وردوا وجود الأشياء إلي الوحدة المطلقة . "( )
وإذا كان بارمنيدس اختلف مع الطبيعيون الأوائل الذين زعموا أن العالم متغيرا ومتحركا ومملوء كثرة مقابل قوله بالواحدية والثبات . فإنه اختلف أيضا مع الطبيعيين المتأخرين في نفس المسألة ، وإن كان الطبيعيون المتأخرون أخذوا عنه أن الموجود لا يسري عليه التغير أو الفساد ، وأنه يظل مماثلا لذاته .( )
وإذا كان الطبيعيون المتأخرون تأثروا بالجانب المادي من فلسفة بارمنيدس ؛ فإن الجانب العقلي من فلسفته ظل خاملا إلي أن أمسك به أفلاطون وارتقي به إلي مستوي التجريد العقلي الخالص ويبدو ذلك بوضوح في نظريته عن المثل .( )
وإذا ما انتقلنا إلي القسم الثاني من البحث وهو معرفة أثر فلسفة بارمنيدس على فلسفة أفلاطون وخاصة نظريته عن المثل . فإنه من الضروري الإشارة إلي أن أفلاطون استفاد من الفلاسفة السابقين عليه كثيرا ، ومن هؤلاء الفلاسفة الذين استفاد منهم أفلاطون بارمنيدس ، وتبدو مبادئ فلسفة بارمنيدس الثبات والواحدية بوضوح في نظرية المثل الأفلاطونية . فقد انتصر أفلاطون في هذه النظرية لبارمنيدس مقابل آراء هيراقليطس و السوفسطائيين . فقد رفض أفلاطون تغير هيراقليطس وحركته الذي رأي أنهما يسريان على الوجود المحسوس على غرار بارمنيدس ، ورفض كذلك ربط حقائق الأشياء بما هو محسوس عند السوفسطاءيين مثلما فعل بارمنيدس . ولذلك يمكننا القول بأن أفلاطون ليس هو أول من ابتدأ طريق توجيه النقد للمعرفة الحسية السوفسطائية بل سبقه في ذلك بارمنيدس " لقد بدأ الاتجاه إلي نقد المعرفة الحسية منذ عصر الفلسفة السابقة على سقراط وكان بارمنيدس الفيلسوف المثالي أو ل وأهم من قدم نقدا عنيفا للمعرفة الحسية إذ فرق بين طريق الظن وطريق الحق وفي مقابل اتجاه بارمنيدس العقلي في المعرفة أكد السوفسطائيون وخاصة بروتاجوراس على أهمية الحواس في المعرفة بالعالم الطبيعي كما ادخلوا لأول مرة في اعتبارهم نسبية المعرفة إلي الذات العارفة فقال بروتاجوراس : الإنسان مقياس كل شيء ، غير أنه بدا لأفلاطون أن التوحيد بين المعرفة والإحساس لابد وأن ينتهي إلي إلغاء وجود الحقيقة ، فمادام كل ما يبدو للإنسان صحيحا بالنسبة له فسوف تتعدد وجهات النظر بحيث لا توجد في النهاية حقيقة واحدة موضوعية يمكن للجميع الاتفاق عليها بل سوف يصبح من المستحيل أيضا وجود الخطأ لذلك فقد عني أفلاطون عناية بالغة بالبحث في الأحكام الخاطئة وتفسير إمكانية وجودها . "(2 )
ويشير أفلاطون إلي أن المعرفة السوفسطائية ليست معرفة حقيقية في الواقع بمقدار ما أنها تخمينية ، فهي تنصب على معرفو ظواهر الأشياء لا علي معرفة ماهية أو حقائق الأشياء .( 3) ويبدو ذلك بجلاء في طرح بروتاجوراس ( 411 – 481 ق.م. ) أن الإنسان معيار معرفة الأشياء جميعا ، ويذكر أفلاطون هذا المبدأ السوفسطائي بقوله :
" سقراط : حسنا إنك أنقذت نفسك من تعلم مهم جدا بشأن المعرفة ؛ إن هذا الرأي هو رأي بروتاجوراس حقا ، مع أن لديه طريقة أخرى لإيضاح الفكرة عينها . يقول : " إن الإنسان هو مقياس كل الأشياء التي تكون ، ومقياس لوجود الأشياء التى لا تكون . " إنك قرأت هذه العبارة في أعماله ؟
ثياتيتوس : أوه نعم ، قرأتها مرارا .
سقراط : ألا يقول ط " أو يعني " أن الأشياء تكون لك مثلما تظهر لك ، وتكون لي كما تبدو لي وأننا أنت وأنا رجلان " ( ) نستنتج من ذلك أن الحواس عند السوفسطائيين هي مصدر معرفة حقيقة الأشياء ، ولما كانت الحواس متغيرة فالمعرفة عندهم بالتالي متغيرة ، وتختلف من شخص إلي آخر . ويرجع ذلك إلي أن الإنسان الفرد عند السوفسطائيين هو الحكم في أن يقرر ما يكون له وما لا يكون له ، أقصد أن ما يراه الإنسان الفرد صادق بالنسبة له فهو صادق بالنسبة له ، وما يراه كاذب بالنسبة له فهو كاذب بالنسبة له . وما يري أنه أفضل بالنسبة له فهو فاضل بالنسبة له ، وما يري أنه رذيلة بالنسبة له فهو رذيلة بالنسبة له . ( )
وبناء على ما سبق فإن الطابع العام للوجود عند السوفسطائيين هو الحركة والتغير ، وهذا ما يرفضه بارمنيدس مقابل طائفة أخرى من الفلاسفة التاليين عليه قبلوا ذلك منه . ويشير أفلاطون إلي هذا التوجه السوفسطائي المرفوض من قبل بارمنيدس ومن قبله كذلك بقوله :
" سقراط : ليس هناك شيء واحد ، ولا هذا ، ولا ذاك . وإن كل تلك الأشياء التي نعلن أنها تكون تأتي إلي الوجود من الحركة ، والتغيير ، ومن المزج مع بعضها بعضا . وإن وجب التكلم بشكل صحيح ، فإنه لا يوجد وجود على الإطلاق ، بل توجد صيرورة دائمة ومستمرة يمكن افتراض أن كل الفلاسفة المتعاقبين اتفقوا معك في هذا يا بروتاجوراس ، ما عدا بارمنيدس ، أخص بالذكر منهم هيراقليطس ، ايمادوقلوس وبقية الفلاسفة . "( )
وفيما يتعلق بالعدم أو الخلاء أقصد اللا وجود فإن بارمنيدس – على نحو ما ذكرنا سابقا – رفض أن يكون اللا وجود موجودا على نحو ما زعم السوفسطائيون ، ويسير أفلاطون على درب بارمنيدس فيرفض بدوره مبدأ السوفسطائيين أن اللا وجود موجود ، فعنده " أن اللا وجود ليس ملائما لأي وجود ، فمن المستحيل أن نتحدث عن شيء ما معري عن أي الوجود . "( ) ويعني ذلك أن ما يزعمه السوفسطائيين أن اللا وجود موجود رأي فاسد عند أفلاطون . فلا يمكن أن يكون اللا وجود موجود بل إن اللا وجود غير موجود والموجود موجود . يقول :
" الغريب : وتعني بالحقيقي ذلك الذي يكون بحق ؟
ثياتيتوس : نعم .
الغريب : ويكون اللا حقيقي ذلك الذي هو ضد الحقيقي ؟
ثياتيتوس : بالضبط .
الغريب : لا يكون الشبه حقيقي بحق إذن ، إذا كان ليس حقيقيا ، كما تقول .
ثياتيتوس : لا ، بل هو يكون في معني محدد .
الغريب : تعني أنه ، ليس في معني حقيقي ؟
ثياتيتوس : نعم ، إنه يكون صورة في الحقيقة فقط .
الغريب : ماذا نسمي إذن ، الصورة التى تكون غير حقيقية في الحقيقة بحق ؟
ثياتيتوس : نعم ، يظهر أ اللا وجود يكون معقدا مع الوجود بغرابة ، بهذه الطريقة .
الغريب : بغرابة ! علي اعتقاد ذلك . أنظر كيف أخبرنا السوفسطائي المتعدد الرؤوس ، أن نعترف بوجود اللا وجود ضد إرادتنا تماما . "( ) نستنتج من ذلك أن أفلاطون مثل بارمنيدس يرفض وجود الخلاء أو العدم أي اللا وجود .
ويربط أفلاطون بين نظريته في المعرفة ونظريته في الوجود ، ويظهر ذلك واضحا عندما يقسم الوجود – على غرار بارمنيدس – إلي وجودين مرئي وغير منظور ، الأول : يسري عليه التغير والحركة ، والثاني : ليس كذلك ، الأول : يدرك بواسطة الحواس ، والثاني : يدرك من خلال العقل . يقول : " يجب علينا بادئ ذي بدء ، أن نوجد تميزا في حكمي ، وأن نسأل بعدئذ ما هو ذلك الذي يكون على الدوام ولا يمتلك صيرورة وما هو ذلك الذي يكون صائرا على الدوام ولا يكون أبدا ؟ إن ذلك الذي يدرك بالعقل والاستنتاج المنطقي يكون في الحالة عينها على الدوام ، لكن الذي يتصور بالرأي بمساعدة الحواس وبدون استنتاج منطقي يكون في عملية صيرورة والفناء ، ولا يكون في الحقيقة أبدا " ( ) ويستطرد أفلاطون في ذكر صفات الوجود العقلي والوجود الحسي ، ونلاحظ أنها نفس الصفات التى ينعتها بارمنيدس لهما . ويطلق أفلاطون عليهما صفتين أخريين ، فالأول : غير مركب من أجزاء ، أما الثاني فعلي عكس ذلك مركب من أجزاء ، الأول : يكون هو نفسه ، والثاني لا يكون نفسه . يقول :
" سقراط : ويمكن أن يفترض الذي لا يتركب من عدة أجزاء أنه الشيء نفسه وغير متبدل ولا متحول ، في حين أن المركب من أشياء عدة يتبدل على الدوام ولا يكون الشيء عينه قط .
سيبس : إنني أوافق .
سقراط : إذن دعنا الآن نعود إلي البحث . أتكون تلك الحقيقة والتي نعطي نحن تعليلا عن وجودها في العملية المنطقية الديالكتيكية سواء أكانت المساواة ، الجمال ، أو أي شيء آخر ، أقول ، أتكون هذه ، الحقائق عرضة لأن تتغير وتتبدل قليلا أو بعض الشيء خلال الزمن ؟ وهل يكون كل منها ، ما هو على الدوام ، له الوجود الذاتي الموحد نفسه والطبائع عينها التي لا تتغير أو تتبدل ، ولا تقبل التنوع على الإطلاق ، أو في أي زمن ؟
سيبس : يجب أن تكون الشيء عينه يا سقراط .
سقراط : وماذا ستقول عن الجمال المتعدد ، كمثال ، جمال الرجال أو الأحصنة أو الأثواب أو أية أشياء أخرى كهذه ، أو عن التساوي المتعدد ، أو عن كل الأشياء الأخرى التي تسمي بالأشياء عينها والتي تدعي بها الحقائق بشكل عام ؟ هل هي الشيء عينه على الدوام ؟ ألا يمكن وصفها بمصطلحات عكس ذلك بالضبط على الأصح ، مثل أنها متغيرة دائما تقريبا وبالكاد تكون الشيء عينه أبدا إما مع أنفسها أو مع بعضها بعضا ؟
سيبس : أقول الأخير ، يا سقراط ، أي أنها في حالة تبدل على الدوام .
سقراط : وهذه نستطيع لمسها ورؤيتها وإدراكها بالحواس . لكن الأشياء اللا متغيرة يمكنك الإحاطة بها وفهمها جيدا بالعقل – إنها غير مرئية وهي لا تشاهد .
سيبس : إن هذا حقيقي جدا . "( )
إذا الوجود عند أفلاطون وجودين : أحدهما معقول والآخر محسوس ، والأخير يشبه الأول وتقليد له ، إنه عبارة عن ظلال وانعكاسات للأول . يقول : "
سقراط : خذ الآن خطا كان قد قطع إلي جزأين غير متساويين ، وقسم كلا منهما بالنسبة عينها مرة ثانية ، وافترض أن أحد القسمين يطابق العالم المرئي والآخر يطابق العالم العقلي ، وعندها قارن التقسيمات فيما يتعلق بوضوحها أو غموضها وسوف تجد المقطع الأول في المجال المرئي يتألف من الصور ، وأعني بالصور ، في المكان الثاني الانعكاسات في الماء أو في الجسم ، الأجسام الناعمة والمصقولة وما شابه . هل تفهم ؟
كلوكون : نعم ، إنني أفهم .
سقراط : تخيل الجزء الأخر الآن ، والذي يكون هذا شبها له فقط ، لنضمن كل الحيوانات التي نري وكل شيء يتمدد يصنع .
كلوكون : جيد جدا . "( )
ويمكن التوصل إلي معرفة حقيقة الأشياء بفضل ما يوجد فينا قبلا من مقدرة على معرفة ما هو حقيقي . يقول :
" سقراط : في حين أن محاورتنا تبين أن قدرة وطاقة العلم توجد في النفس سابقا ؛ وذلك كأمه إذا لم يكن ممكنا أن تتحول العين من الظلام إلي النور بدون الجسد كله ، هكذا آلة المعرفة تقدر بحركة النفس كلها فقط أن تتحول من عالم الصيرورة إلي ذلك العالم الذي للوجود وتتعلم الصبر على رؤية الوجود بالتدريج وعلي ألمع وأفضل وجود ، أو بكلمات أخرى على الخير . "( ) نستدل من ذلك على أن الخير أو الوجود الحقيقي الذي يتربع على قمته مثال الخير أي الصانع هو الوجود الأفضل على حين أن الوجود المحسوس ليس كذلك .
ويعد مثال الخير هو علة المعرفة أي هو الذي يعطي المرء القدرة على المعرفة ، فالمعرفة والوجود الحقيقي شبيهين به . يقول :
" سقراط : وبعد ، فذلك الذي يمنح الحقيقة إلي المعروف وقوة المعرفة إلي العارف هو ، كما أريدك أن تقول ، مثال الخير . وهذا المثال ، وهو سبب العلم والحقيقة ، ستتصوره كوجود مدرك بالمعرفة ، و مع ذلك خال من العيوب كما هي الحقيقة والمعرفة كلاهما ، وستكون محقا لتجله كشيء مختلف عن هذه وحتى أجمل . ويمكن القول بحق ، كما في المثال السابق . إن النور والبصر شبيهان بالشمس ومع ذلك فهما ليسا الشمس . وهكذا في المجال الآخر فإن العلم والحقيقة يمكن اعتبارهما شبيهين بالخير ، لكن من الخطأ أن نعتقد أنهما الخير . والخير له مكان شريف أعلي فوق ذلك . "( )
وإذا كان ما هو معقول هو الحقيقي ، وأن الذي يعطينا القدرة على معرفته هو مثال الخير ، فإن الفيلسوف وحده الذي يمكنه أن يدرك هذا الوجود . يقول :
" سقراط : حسنا ، لكن ثمة شيء آخر ، سيمياس ، هل يوجد عدل مطلق أم لا ؟
سيمياس : يوجد بكل تأكيد .
سقراط : ويوجد كمال مطلق وخير مطلق .
سيمياس : طبعا .
سقراط : لكن هل رأيت أيا منهما بعينيك فقط .
سيمياس : لا ، بدون ريب .
سقراط : أو هل وصلت إليه أبدا بأي من حواسك الجسدية ؟ وأنا لا أتكلم عن هذه قط ، بل عن العظم المطلق ، والصحة ، والقوة ، وبالاختصار ، عن الحقيقة أو الطبيعة الحقيقة في كل سيء . هل تدرك حقيقتها من خلال الأعضاء الجسدية قط ؟ وعلى الأصح ، ألا يكون الدنو القرب إلي معرفة طبائعها المتعددة مصنوعا من قبل من ينظم رؤياه العقلية كي تمتلك الإدراك الأكثر دقة لجوهر كل شيء يتأمله ؟
سيمياس : بالتأكيد .
سقراط : ويصل إلي معرفة الأنقى من يذهب إلي كل منها بالعقل وحده غير مولج أو مدخل عنوة عمل البصر أو الفكر ، أو أية حاسة أخرى بالإضافة إلي النقل ، بل يبحث عن الحقيقة مع العقل في صفاته التي تخصه يبحث عن حقيقة كل شيء في نقائه ، وهو من تخلص ، بقدر ما يستطيع من العينين والأذنين ومن الجسد ككل ، وإذا جاز التعبير ، لأن هذه كونها في رأيه مختلة العناصر التي عندما تتحد بالنفس تعوقها عن نيل الحقيقة والمعرفة ومن غير الفيلسوف يستطيع أن يصل إلي معرفة الوجود الحقيقي على الأرجح . "( )
ويمكن للفيلسوف أن يصل إلي المفاهيم أو حقائق الأشياء من خلال الجدل ، فهو يستطيع أن يصل إلي معرفة الخير القصي على غرار البصر الذي يمكنه أن يدرك المحسوس .( ) ويشير أفلاطون إلي ذلك بقوله :
" سقراط : وهكذا ، يا كلوكون ، وصلنا إلي ترنيمة علم الجمال أخيرا . إنه الأصل الذي يخص الألمعي فقط . ولقد وجدنا أن طاقة البصر تقدر على أن تقلده على كل حال ، لأن البصر ، وكما تتذكر ، تخيلنا أن باستطاعته أن يري الحيوانات الحقيقية والنجوم ولو بعد حين ، وآخر الجميع الشمس نفسه . هكذا ، بعلم الجدل ، يبدأ الشخص إذ ذاك استكشاف الحقيقي بنور العقل فقط وبدون أية مساعدة حسية ن يصون ذلك ، حتى يصل إلي إدراك الخير الحقيقي بالفهم الصافي ويجد نفسه في أخيرا في نهاية العالم العقلي ، كما يكون في حالة البصر في نهاية العالم المرئي . "( )
ولما كانت علوم الهندسة والحساب تهدف إلي معرفة ما هو أزلي وليس معرفة ما يفني ، وعرفة ما هو ثابت وليس معرفة ما هو متغير ، لذلك فهما يساعدا الجدل في التوصل إلي معرفة حقائق الأشياء . يقول :
" سقراط : كما أن العلوم الحسابية التي تمتلك بعض الإدراك للوجود الحقيقي ، كما سبق وقلنا ، فإن الهندسة وما شابه ، تحكم عن الوجود فقط ، ولكنها لا تقدر على رؤية الحقيقة المستيقظة طالما أنها تترك الفرضيات التي تستعمل ثابتة وهي غير قادرة أن تعطي كشفا حسابيا عنها . إذ عندما لا يعرف الإنسان سببه الأول الخاص به ، وعندما يكون الاستنتاج والخطوات الوسيطة مبنية خارج الذي لا يعرفه ما هو ، فكيف يمكنه أن يتصور أن هكذا بنية اصطلاحية يمكن أن تصبح علما أبدا ؟
سقراط : إن علم الجدل ، وحده ، يذهب مباشرة إلي السبب الأول وهو العلم الوحيد الذي يلغي الفرضيات كي يجعل أساسه مبنيا إن العين النفسية التي دفنت حقيقة في ارض موحلة غريبة ترتفع إلي أعلي بمساعدته اللطيفة . و في هذا العمل تستخدم العلوم التي كنا باحثين فيها كمساعدين ووصفاء . لقد استعملنا غالبا الاسم المألوف للعلوم ، غير أنها يجب أن تمتلك اسما آخر ، أكثر وضوحا من الرأي وأقل وضوحا من العلم ، وهذا ما سميناه فهما في تخطيطنا المتقدم . لكن لماذا سنتجادل بشأن الأسماء في حين أن لدينا حقائق في هذه الأهمية كي نعتبر . "( )
وبالنسبة لدرجات المعرفة فإنه مرتبطة بأقسام الوجود . ويشير أفلاطون إلي أن أقسام الوجود أثنين ينقسم كل منهما إلي قسمين ، وهذه الأقسام الأربعة للوجود تتطابق مع القدرات الأربعة التي يمتلكها الإنسان . فالعقل يتفق مع الأعلى ، والفهم مع الثاني ، والإيمان أو الاعتقاد مع الثالث ، ويعد إدراك الظلال مع الأخير .( ) إذا أقسام المعرفة قسمين للعقل وآخرين مع الرأي . يقول :
" سقراط : إننا قانعون على كل حال ، كما كنا سابقا ، ليكون لدينا أربع تقسيمات . اثنتان للعقل ، واثنتان لأهل الرأي . سنسمي القسمة الأولي علما ، والثانية فهما ، والثالثة اعتقادا ، والرابعة الإدراك الحسي للظلال ، الرأي كونه متعلقا بالولائم ، والعقلي بالوجود ، وهكذا لتصنع التناسب . " يكون الوجود للملائك ، هكذا الصفاء العقلي للرأي . وكما يكون العقلي للرأي ، كذلك العلم للاعتقاد ، والفهم للإدراك الحسي للظلال . " ( )
بقول كلي فإن نظرية المثل عند أفلاطون تبين أن فلسفته تقوم على التوفيق ، ففي هذه النظرية لم يتأثر ببارمنيدس فحسب بل تأثر بهرقليطس أيضا ، وتأثر بغيرهم من الفلاسفة كذلك . وتقوم طريقته في التوفيق علي " حصر كل وجهة نظر في دائرة وإخضاع المحسوس للمعقول ، والحادث للضروري .فنحن نجد عنده تغير هرقليطس ، ووجود بارمنيدس ، ورياضيات الفيثاغوريين وعقيدتهم في النفس ، وجواهر ديموقريطس ، وعناصر أنبادوقليس ، وعقل أنكساغوراس فضلا عن مذهب سقراط ... فهو لم يزدر شيئا من تراث الماضي ، وأراد أن ينتفع بكل شيء ، ثم طبع هذا التراث بطابعه الخاص ، وزاد فيه فتوسع وتعمق إلي حد لم يسبقه إليه أحد . "( )
وبالنسبة لتأثر أفلاطون ببارمنيدس فقد استفاد منه كثيرا ويبدو ذلك بوضوح في رفضه لتغير هيراقليطس ، وفي بحثه عن عالم ثابت يشبه الوجود البارمنيدي في كل صفاته ويظهر ذلك في التشابه الواضح والكبير بين صفات المثل عند أفلاطون وصفات الوجود الحقيقي عند بارمنيدس . إن أثر بارمنيدس على فلسفة افلاطون " يكمن في رفض أفلاطون لعام هيراقليطس المتغير ... ومحاولته إيجاد عالم ثابت غير متغير ، وهذا العالم شبيه بالوجود البارمنيدي تتوفر فيه متطلبات الدوام والأزلية والتي بدونها لا يمكن وجود معرفة ، ثم أن أفلاطون ( نسب إلي المثل صفات الوجود البارمنيدي من حيث أنها صور ثابتة كلية لا تفسد ولا تتغير ، ولكن التغير قانون العالم الحسي والتبادل البدي بين الأضداد هو الذي يسيطر على هذا الوجود فمن الضد إلي الضد ، ومن الموت إلي الحياة "، إضافة إلي ذلك استمد أفلاطون من بارمنيدس الإيمان بأن العالم الواقع في الزمن ، وبأن التغير لابد أن يكون وهما ، حيث كان يعلم جيدا بإنكار بارمنيدس لوجود مكان فارغ . "( )
الخاتمة : تشتمل على أهم النتائج :
1 – رفض بارمنيدس ما زعمه الطبيعيون الأوائل أن الوجود متغير و متحرك ، ورفض كذلك واحديتهم المادية . وأضحت الفلسفة تتناول علي يدي الإيليين عامة وبارمنيدس خاصة ما وراء الوجود المحسوس وليس الوجود المحسوس .
2 – ربط بارمنيدس بين مبحث الوجود ومبحث المعرفة ، وقسم الوجود إلي وجودين : الأول : الوجود العقلي – الوجود الحقيقي – والثاني : الوجود المحسوس – الوجود غير الحقيقي – الأول : نعرفه بواسطة العقل ، والثاني نعرفه بواسطة الحواس .
3 – نعت الوجود بأنه موجود واللا وجود بأنه غير موجود ، والوجود واحد ، ومتصل ، ولا يفسد ، ووحيد التركيب ، ولا بداية له ولا نهاية ، ومتجانس ، ولا يكون ولا يفسد ، ومتماسك ، و دائما ، و ملاء ، ،،إلخ .
4 – اختلف الباحثون حول كون بارمنيدس رائدا للمثالية أن أنه رائدا للمادية ، ففي حين يري بعض الباحثين أنه رائد للمثالية يري البعض الآخر في المقابل أنه رائد المادية ، لكنه من المرجح أنه جمع في فلسفته بين المثالية والمادية .
5 – استفاد أفلاطون من فلسفته كثيرا – على نحو ما ستفاد من غيره من الفلاسفة – في ما وضعه من فلسفة وخاصة نظريته عن المثل . فقد رفض أفلاطون – على غرار بارمنيدس – قول السوفسطائيين أن الحواس هي مصدر معرفة حقائق الأشياء ، ورفض رأيهم أن التغير والحركة الطابع العام للوجود .
6 – قسم الوجود – على غرار بارمنيدس – إلي قسمين : الأول الوجود العقلي – الوجود الحقيقي – والوجود الحسي – الوجود غير الحقيقي – الأول يعرف عن طريق العقل والثاني يعرف عن الحواس . ويعرف الفيلسوف وحده حقيقة الأشياء من خلال الجدل وبمساعدة علوم الحساب والهندسة .
7 – جعل للمعرفة درجات ، وكل درجة مرتبطة بقسمي الوجود ، اللذين قسم كل قسم منهما إلي قسمين ، وأصبحت للمعرفة بالتالي أربع درجات ، اثنتان للعقل واثنتان للرأي ، والأوليان يمثلان العلم ، والأخريان يمثلان الاعتقاد .
قائمة المصادر والمراجع
أولا : العربي منها :
1 – د. أحمد فؤاد الأهواني : فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط ، محاضرات ألقاها عام 1953- 1954م ، الطبعة الأولي 1954م ، دار إحياء الكتب العربية عيسي البابي الحلبي وشركاه .
2 – أرسطاطاليس : الكون والفساد ويتلوه كتاب " في ميلسوس وفي أكسينوفان وفي غرغياس " ترجمها من الإغريقية إلي الفرنسية وصدرها بمقدمة في تاريخ الفلسفة الإغريقية وعلق عليهما تعليقات متتابعة بارتلمي سانتهلير ونقلها إلي العربية أحمد لطفي السيد ، 1350 هـ / 1932 م، دار الكتب المصرية بالقاهرة .
3 – أرسطاطاليس : تلخيص السماء والعالم لأبي الوليد بن رشد تقديم وتحقيق جمال الدين العلوي ، الطبعة الأولي 1404 هـ / 1984 م، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس (1) جامعة سيدي محمد بن عبد الله .
4 – أرسطاطاليس : الطبيعة ترجمة إسحق بن حنين مع شروح ابن السمح وآخرين ، حققه وقدم له د. عبد الرحمن بدوي ، 1384 هـ / 1964 م، الناشر الدار القومية للطباعة والنشر مصر .
5 – أفلاطون : الجمهورية ، المحاورات الكاملة ، المجلد الأول ، نقلها إلي العربية شوقي داود تمراز ، 1994 م، الأهلية للنشر والتوزيع بيروت – لبنان .
6 – أفلاطون : بارمنيدس ، المحاورات الكاملة ، المجلد الثاني ، نقلها إلي العربية شوقي داود تمراز ، 1994 م، الأهلية للنشر والتوزيع بيروت – لبنان .
7 - أفلاطون : فيدون ، المحاورات الكاملة ، المجلد الثالث ، نقلها إلي العربية شوقي داود تمراز ، 1994 م، الأهلية للنشر والتوزيع بيروت – لبنان .
8 - أفلاطون :السفسطائي ، المحاورات الكاملة ، المجلد الثاني ، نقلها إلي العربية شوقي داود تمراز ، 1994 م، الأهلية للنشر والتوزيع بيروت – لبنان .
9 - أفلاطون :ثياتيتوس ، المحاورات الكاملة ، المجلد الخامس ، نقلها إلي العربية شوقي داود تمراز ، 1994 م، الأهلية للنشر والتوزيع بيروت – لبنان .
10 - أفلاطون :طيماوس ، المحاورات الكاملة ، المجلد الخامس ، نقلها إلي العربية شوقي داود تمراز ، 1994 م، الأهلية للنشر والتوزيع بيروت – لبنان .
11 – د. أميرة حلمي مطر : الفلسفة اليونانية تاريخها ومشكلاتها ، طبعة جديدة 1998 م، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة .
12 – أوليف جيجن : المشكلات الكبرى في الفلسفة اليونانية ، ترجمه عن الألمانية وعلق عليه د. عزت قرني ، 1976 م، توزيع دار النهضة العربية القاهرة .
13 – برتراند رسل : حكمة الغرب : عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي ، ترجمة فؤاد زكريا ، 1403 هـ / 1983 م، سلسلة عالم المعرفة سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون واِلآداب – الكويت .
14 – بنيامين فارنتن : العلم الإغريقي ، ترجمة أحمد شكري سالم مراجعة حسين كامل أبو الليف ، 1985 م، ملتزم الطبع والنشر مكتبة النهضة المصرية .
15 - ثيوكاريس كيسيدس : جذور المادية الديالكتيكية هيراقليطس ، ترجمة حاتم سلمام ، الطبعة الأولي 1987 م، دار الفارابي بيروت – لبنان .
16 – جورج جي . أم جيمس : التراث المسروق الفلسفة اليونانية فلسفة مصرية مسروقةترجمة شوقي جلال ، 1966 م، المجلس الأعلي للثقافة ، المشروع القومي للترجمة – مصر .
17 – حربي عباس عطيتو : ملامح الفكر الفلسفي عند اليونان ، 1922 م، دار المعرفة الجامعية الإسكندرية .
18 – ر . فالتزر : أفلاطون تصوره لإله واحد ونظرة المسلمين في فلسفته ، كتب دائرة المعارف الإسلامية (8) إبراهيم خورشد وآخرين ، الطبعة الأولي 1982 م، دار الكتاب اللبناني بيروت – لبنان .
19 – ريكس وورنر : فلاسفة الإغريق ترجمة عبد الحميد سالم ، 1985 م، الهيئة المصرية العامة للكتاب .
20 – أ.د/ عبد الجليل كاظم الوالي : نظرية المثل البناء الأفلاطوني والنقد الأرسطي ، الطبعة الأولي 2002م، الوراق للنشر والتوزيع – عمان الأردن .
21- د. عبد الرحمن بدوي : ربيع الفكر اليوناني : خلاصة الفكر الأوروبي سلسلة الينابيع ، الطبعة الهامسة 1979 م، الناشر وكالة المطبوعات الكويت دار القلم بيروت لبنان .
22 – د. عبد العال عبد الرحمن عبد العال : مشكلة التوفيق والأصالة لدي فلاسفة اليونان من أمباذوقليس حتى أفلوطين ، بحث منشور لنيل درجة الماجستير ، قسم الفلسفة ، كلية الآداب – جامعة طنطا 1995 م.
23 – د. علي سامي النشار : نشأة الفكر الفلسفي عند اليونان ، 1981 مدار المعارف – مصر .
24 – فريدريك نيتشة : مقدمة لقراءة محاورات أفلاطون ، ترجمة د. محمد الجوة ، ود. أحمد الجوة تقديم د. فتحي التريكي ، الطبعة الأولي ، دار البيروني للنشر والتوزيع صفاقس .
25 – د. ماجد فخري : تاريخ الفلسفة اليونانية ، بدون .
26 – أ.د/ مصطفي النشار : تاريخ الفلسفة اليونانية من منظور شرقي ، 1988 م، الناشر دأر قباء للطباعة والنشر والتوزيع .
27 – ميشلين سوفاج : بارمنيدس ترجمة د. بشارة صارجي ، سلسلة أعلام الفكر العالمي ، الطبعة الأولي ، 1401 هـ / 1981 م،المؤسسة العربية للدراسات والنشر .
28 – و.ك.س.جثري : الفلاسفة الإغريق من طاليس إلي أرسطو ترجمة وتقديم د. رأفت حليم سيف مراجعة د.إمام عبد الفتاح إمام ، بدون .
29 – ول ديورانت : قصة الحضارة ترجمة محمد زيدان ، الطبعة الثالثة 1986 م، اختارته وأنفقت علي ترجمته الإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر .
30 – يوسف كرم : تاريخ الفلسفة اليونانية ، 1999 م، لجنة التأليف والترجمة و النشر ملتزم توزيع هذا الكتاب مكتبة النهضة المصرية .
ثانيا : الأجنبي منها :
1 –Barnes ( Jonathan ) : The presocratic philosophers printed in 1986 ,Routledge & Kegan Paul London and New York .
2 - Freeman ( Kathleen ) : The pre – Socratic philosophers , 1971 printing in Great Britain , Oxford Basil Black well .
3 – Leaertus ( Diogenes ) : Lives of eminents philosophers , with an enlish translation ,L.C.L.
4 – Luce ( J.V . ) : AN introduction to greek philosophy , ©1992 , Reprinted 1994 , Thames and Hudson Ltd . London .
5 – Tomlin ( E.W.F.) : Great philosophers the western world , Skeffington and son L T D , founded 1858 , Hutchinson House , Stratford Place , London .
الأربعاء، 19 سبتمبر 2012
نعم لـ مكة المكرمة ... لا لـ جوجل .. لا لـ يوتيوب ...
أتمني أن نستفيد استفادة واقعية و عملية من " الفيلم المسيء ، الذي أحدث كثيرا من القلاقل و النزاعات ، و تكون ردة فعلنا ترضي الإسلام حقا . أقصد أن علينا أن نكون عملين , و هذه أمنيتي و دعوتي أن يتجمع مجموعة من شباب العرب و المسلمين و يردوا هذه الإساءة بطريقة عملية ، و هي عدم استهلاك التكنولوجيا الغربية فحسب ، بل المساهمة بفاعلية و جدية في تأسيس هذه التكنولوجيا ، و أعتقد أن هذا أبلغ رد على هذه الإساءة . و هو تدشين محرك بحث جديد يطلق عليه " مكة المكة " . محرك بحث يدشنه العرب و المسلمون ، و يمتنعوا تدريجيا عن الولوج إلي محركات البحث الغربية .
و نحن قادرون علي ذلك بإذن الله تعالي ، فلدينا العقول و الأدمغة التي تستطيع أن تقوم بهذا العمل الجاد و المتميز . و المهم هو الإرادة ، هل لدينا الإرادة للقيام بهذه الخطوة أم أننا مازال لدينا القابلية للإستعمار الثقافي - على نحو ما قال المفكر و المهندس الجزائري - مالك بن نبي .
و لتأسيس محرك بحث " مكة المكرمة " أهمية كبيرة ، فإننا سنثبت لأنفسنا أننا لم نعد تابعين ، و أننا لم نعد مستهلكون للتكنولوجيا الغربية ، و أننا قادرون على المساهمة الجادة و القوية في تدشين التكنولوجيا ،،،الخ . و بذلك فقط يمكننا استعادة أمجاد الآباء و الأجداد عمليا ، و بالفعل نكون مثال لمن قيل عنهم : ليس الفتي من قال كان أبي : و لكن الفتي من قال ها أنا ذا .
و نثبت للآخر : أنه عليه قبل أن يفعل هذا الفعل عليه أن يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على هذا الفعل أو غيره . و أنه عليه من الآن أن يعمل لنا ألف حساب . و لك أن تتخيل عزيزي القاريء أن جماعة أخري من الشباب قامت بزراعة عدد لا بأس به من الأرض بالقمح كرد فعل على هذه الإساءة ، و غيرهم من الشباب اخترع تلفون محمول ، و غيرهم كثير . و أتصور أن هذا أبلغ رد على هذه الإساءة ، و ليس الرد الصراعات و الشتائم و السباب أ و الوقوف أمام السفارات
القاريء العزيز : تري لوكهذا ردة فعلنا ، أقصد أنه إذا كانت ردة فعلنا على الفيلم المسيء بالعمل الجاد و المنتج و المفيد ، تري كيف ستكون رد فعل الغرب ، هل يا تري سيظهر بعد ذلك شيئا مسيئا ؟ ! .
الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012
الخميس، 13 سبتمبر 2012
الفوضي
الفوضي
تعني الفوضي : الاضطراب ، و الاختلاط ، و التلفيق ، تعني الفوضي أن الشيء لا يكون له طول أو عرض أو ارتفاع أو عمق . و الفوضي بذلك نحن نشاهدها كل يوم ، و لكننا لا ندقق فيها . فالطفل عندما يمسك بقطعة الصلصال ، و هي بدون شكل يذكر اي و هي بلا طول أو عرض أو ارتفاع أو عمق ، نقول أن الصلصال في حالة فوضي ، أي أنه بدون شكل محدد نستطيع من خلاله أن نقول مثلا : هذا مسدس . و عندما يعمل الطفل يديه في قطعة الصلصال و يحولها إلي مسدس واضح المعالم لكل من يشاهده . عندئذ نقول : هذا مسدس . إذا الفوضي تحول الشيء من حالة اللاتحديد إلي حالة التحديد . و عندما يقوم الطفل بنشر الفوضي في المسدس الذي بين يديه و يحويله إلي كرة ، نقول حول المحدد إلي محدد جديد .
و الفوضي فكرة فلسفية قديمة تناولها نفر من الفلاسفة القدامي منذ العهد اليوناني أقصد فلاسفة اليونان الذين ناقشوا قضية الفوضي و خاصة الفوضي الخلاقة ، تلك الفوضي التي يظهر منها شيئا جديدا . أقصد أن الاضطراب أو الفوضي يظهر منها إلي حيز الوجود موجودا جديدا لم يكن موجودا من ذي قبل . هذا ما يحدث بواسطة الفوضي .
و لعلنا نتساءل عن محرك الفوضي ؟ . من الذي يحرك اللاشيء من حالة الفوضي إلي حالة الشيء فيكون محدودا و موجودا على غرار كل الأشياء . طرح فلاسفة اليونانيون هذا الموضوع للبحث و النقاش و من قبلهم شعراء اليونان ، و انتهوا إلي أن الفوضي كما أنها تحدث في حياة الأفراد فهي كذلك تحث في الكون الفسيح . و تحدث الفوضي بواسطة الألهة لأن اليونانيون كانوا يزعمون أن الآلهة تسيطر على هذا الوجود . فكان يروج عند شعراء اليونانييين و كذلك الفلاسفة مقولة مؤداها " العالم مملوء بالآلهة " فلكل شيء في الوجود إله مسؤل عن إيجاده إلي حيز الوجود . و لقد عبر فلاسفة اليونانوين عن هذا الوجود بأكثر من طريقة ، فكل فيلسوف يشير إلي أن الفوضي في الوجود تكون بواسطة مايتفق مع مذهبه الفلسفي ، و توضيح ذلك يحتاج إلي موضع آخر نبين ذلك فيه .
إذا الفوضي أو الاضطراب أو الخاؤوس كما يسميها اليونانيون مسألة تحتاج منا بحث عميق ، و يرجع ذلك إلي أن أهل الغرب الان أو كما يدعوهم بعضنا الفرنجة عادوا إلي تراثهم مرة أخرى ، يستخدمون الآن نظرية الفوضي على أرض الواقع . أريد أن أقول أن الفرنجة الآن راحوا يفتشون في تراثهم القديم ، ووجدوا أن نظرية الفوضي الفلسفية من الممكن أن تحقق لهم بعض أطماعهم الاستعمارية من فرض سيطرة استعمارية جديدة على العرب و المسلمين .
نعم ما نلاحظه الآن من أحداث هنا و هناك في أقليم الشرق الأوسط يرجع إلي استخدام الفرنجة لنظرية الفوضي الفلسفية ، و تحويلها لنظرية سياسية أو قل أنهم يعيشون كما نعلم جميعا طبقا لمذاهبهم الفلسفية التي زعموها عندما أعلنوا أنه لا يوجد إله لهذا العالم ، و من نظرياتهم الفلسفة ( في تراثهم القديم ) نظرية الفوضي الفلسفية .
إن صناعة الفوضي التي نراها هنا و هناك صناعة افرنجية أو غربية لها أدوتها و آلياتها و مظاهرها و أهدافها الاستعمارية التي تقوم على السلب و النهب و الاستعمار للآخر ، و اقصد بالاخر هنا العالمين العربي و الإسلامي و مع الأسف الشديد يوجد من بني جلدتنا مع يساعدهم في ذلك ، و هم ذيول الاستشراق المتعصب الذي يحمل في صدره الاحقاد الصهيونية على العرب و المسلمين أينما وجدوا . الذي يريد أن يفتت العرب و المسلمين متبعين في ذلك شعارهم المعهود " فرق تسد "
الفوضي !! قضية فلسفية لها آثارها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و لها أهدافها و أطماعها الاستعمارية ، يجب أن ندرسها و بعمق شديد . و هذا يعتبر من مظاهر علم الاستغراب . أعني دراسة الانتاج الأيديولوجي الغربي ، و مع الأسف الشديد في الوقت الذي يمارسة فيه الغرب الاستشراق على قدم و ساق فإنه نادرا ما نجد من العرب و المسلمين المخلصين لعقيدتهم و عروبتهم و أوطانهم من يمارسون الاستغراب .
تعني الفوضي : الاضطراب ، و الاختلاط ، و التلفيق ، تعني الفوضي أن الشيء لا يكون له طول أو عرض أو ارتفاع أو عمق . و الفوضي بذلك نحن نشاهدها كل يوم ، و لكننا لا ندقق فيها . فالطفل عندما يمسك بقطعة الصلصال ، و هي بدون شكل يذكر اي و هي بلا طول أو عرض أو ارتفاع أو عمق ، نقول أن الصلصال في حالة فوضي ، أي أنه بدون شكل محدد نستطيع من خلاله أن نقول مثلا : هذا مسدس . و عندما يعمل الطفل يديه في قطعة الصلصال و يحولها إلي مسدس واضح المعالم لكل من يشاهده . عندئذ نقول : هذا مسدس . إذا الفوضي تحول الشيء من حالة اللاتحديد إلي حالة التحديد . و عندما يقوم الطفل بنشر الفوضي في المسدس الذي بين يديه و يحويله إلي كرة ، نقول حول المحدد إلي محدد جديد .
و الفوضي فكرة فلسفية قديمة تناولها نفر من الفلاسفة القدامي منذ العهد اليوناني أقصد فلاسفة اليونان الذين ناقشوا قضية الفوضي و خاصة الفوضي الخلاقة ، تلك الفوضي التي يظهر منها شيئا جديدا . أقصد أن الاضطراب أو الفوضي يظهر منها إلي حيز الوجود موجودا جديدا لم يكن موجودا من ذي قبل . هذا ما يحدث بواسطة الفوضي .
و لعلنا نتساءل عن محرك الفوضي ؟ . من الذي يحرك اللاشيء من حالة الفوضي إلي حالة الشيء فيكون محدودا و موجودا على غرار كل الأشياء . طرح فلاسفة اليونانيون هذا الموضوع للبحث و النقاش و من قبلهم شعراء اليونان ، و انتهوا إلي أن الفوضي كما أنها تحدث في حياة الأفراد فهي كذلك تحث في الكون الفسيح . و تحدث الفوضي بواسطة الألهة لأن اليونانيون كانوا يزعمون أن الآلهة تسيطر على هذا الوجود . فكان يروج عند شعراء اليونانييين و كذلك الفلاسفة مقولة مؤداها " العالم مملوء بالآلهة " فلكل شيء في الوجود إله مسؤل عن إيجاده إلي حيز الوجود . و لقد عبر فلاسفة اليونانوين عن هذا الوجود بأكثر من طريقة ، فكل فيلسوف يشير إلي أن الفوضي في الوجود تكون بواسطة مايتفق مع مذهبه الفلسفي ، و توضيح ذلك يحتاج إلي موضع آخر نبين ذلك فيه .
إذا الفوضي أو الاضطراب أو الخاؤوس كما يسميها اليونانيون مسألة تحتاج منا بحث عميق ، و يرجع ذلك إلي أن أهل الغرب الان أو كما يدعوهم بعضنا الفرنجة عادوا إلي تراثهم مرة أخرى ، يستخدمون الآن نظرية الفوضي على أرض الواقع . أريد أن أقول أن الفرنجة الآن راحوا يفتشون في تراثهم القديم ، ووجدوا أن نظرية الفوضي الفلسفية من الممكن أن تحقق لهم بعض أطماعهم الاستعمارية من فرض سيطرة استعمارية جديدة على العرب و المسلمين .
نعم ما نلاحظه الآن من أحداث هنا و هناك في أقليم الشرق الأوسط يرجع إلي استخدام الفرنجة لنظرية الفوضي الفلسفية ، و تحويلها لنظرية سياسية أو قل أنهم يعيشون كما نعلم جميعا طبقا لمذاهبهم الفلسفية التي زعموها عندما أعلنوا أنه لا يوجد إله لهذا العالم ، و من نظرياتهم الفلسفة ( في تراثهم القديم ) نظرية الفوضي الفلسفية .
إن صناعة الفوضي التي نراها هنا و هناك صناعة افرنجية أو غربية لها أدوتها و آلياتها و مظاهرها و أهدافها الاستعمارية التي تقوم على السلب و النهب و الاستعمار للآخر ، و اقصد بالاخر هنا العالمين العربي و الإسلامي و مع الأسف الشديد يوجد من بني جلدتنا مع يساعدهم في ذلك ، و هم ذيول الاستشراق المتعصب الذي يحمل في صدره الاحقاد الصهيونية على العرب و المسلمين أينما وجدوا . الذي يريد أن يفتت العرب و المسلمين متبعين في ذلك شعارهم المعهود " فرق تسد "
الفوضي !! قضية فلسفية لها آثارها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و لها أهدافها و أطماعها الاستعمارية ، يجب أن ندرسها و بعمق شديد . و هذا يعتبر من مظاهر علم الاستغراب . أعني دراسة الانتاج الأيديولوجي الغربي ، و مع الأسف الشديد في الوقت الذي يمارسة فيه الغرب الاستشراق على قدم و ساق فإنه نادرا ما نجد من العرب و المسلمين المخلصين لعقيدتهم و عروبتهم و أوطانهم من يمارسون الاستغراب .
السبت، 23 يونيو 2012
الأصول اليونانية للفكر العلمي العربي
الأصول اليونانية للفكر العلمي العربي
إعداد
د. حسن حسن كامل
مدرس – قسم الدراسات الفلسفية
كلية البنات – جامعة عين شمس
1999 م
مدخل
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين ..
وبعد ،،
لقد نقل نصاري السريان تراث الأوائل بعامة وتراث اليونانيين بخاصة إلي العرب مما كان له عظيم الأثر علي الفكر العربي أبان العصور الوسطي . وكان للتراث اليوناني الفلسفي والعلمي الدور الأكبر في تكوين العقلية العربية . وفي هذا البحث ( الأصول اليونانية للفكر العلمي العربي ) سنقتصر علي توضيح كيف استفاد العرب من التراث العلمي اليوناني الذي كان له الأولوية في الترجمة إلي اللغة العربية في العهدين الأموي والعباسي ، ونتبين كذلك كيف تفاعل العرب أصحاب النزعة الواقعة مع التراث العلمي اليوناني الذي أفرزته العقلية اليونانية الاستنباطية . وستحاول أيضا الوقوف علي الأصول اليونانية التي عول عليها العرب في دراستهم لبعض العلوم الطبيعية كعلم الحيوان ، وعلم الصيدلة ، وعلم الطب ، وعلم الكيمياء ، وعلم الأرصاد الجوية ، وعلم الطبيعية وعلم الفلك ، وعلم الجغرافيا .
بادئ ذي بدئ نشير إلي أن أصحاب حضارات الشرق القديم ( مصر القديمة ، والهند ، وفارس ..) ساهموا في تأسيس علوم الحكمة والمنطق والعلوم الطبيعية ., وجاء من بعدهم اليونانيين الذين استفادوا من تلك الإسهامات ، واستطاعوا إرساء دعائم كل هذه العلوم . ولقد استوعب العرب كل هذه الإسهامات من خلال مراكز اشعاع لمنجزات تلك الحضارات كمدينتي الرها ونصيبين: ولقد أسس مدارس تلك المدن الفرس – القرن الثالث الميلادي - ولقد اصطبغت بصبغة دينية ، فقد غلب عليها دراسة الديانة النصرانية . بالإضافة إلي دراسة العلوم العملية كالطب ، والكيمياء ، والرياضيات ، والفلك ، وكانت تدرس تلك العلوم في هاتين المدرستين باللغتين اليونانية والسريانية ثم تغلبت بعد ذلك السريانية ، ومن أهم المؤلفات التي كانت تدرس في تلك المدارس مؤلفات أبقراط ( 460- 377 ق . م ) وجالينوس (129 – 199 م ) بالإضافة لمؤلفات أرسطاطاليس (1) .. مدينة حران: أهلها هم الصائبة ، وكان يغلب علي مدرسة حران الدراسات الميتافيزيقية و الفلسفية واعتمدوا في آراءهم علي فلسفة أفلاطون (828 – 348 ق.م ) و أرسطاطاليس (384 – 322 ق. م ) في الوجود والمعرفة .. مدينة الإسكندرية: عندما انتقل مركز التعليم من أثينا إلي الإسكندرية انتقلت مؤلفات فلاسفة اليونان إليها ، ونمت بذلك في الإسكندرية الدراسات الفلسفية والعلمية وتعتبر مدرسة الإسكندرية من أهم مصادر الدراسات العلمية كالرياضيات ، والطب والفلك ، والجغرافيا ، والطبيعة ، ولقد انتقل التراث الخاص بهذه العلوم إلي العرب بفضل ترجمته إلي السريانية والعربية .. مدينة جنديسابور: أسس كسري أنوشروان مدينة جنديسابور – القرن الخامس الميلاد الميلادي – التي أنشأ فيها مستشفي لتدريس الطب ولعلاج المرضي . وكان الطب يدرس في تلك المدرسة علي الطريقتين اليونانية والهندية ، وكان الأطباء يحصلون دروسهم النظرية في المدرسة اما الجانب العملي فكانوا يمارسون في المستشفي. (2) وكان يدرس في تلك المدرسة إلي جانب الطب المنطق والفلسفة وعلوم الدين النصراني . وكان يوجد في تلك المدرسة مؤلفات يونانية مكتوبة باليونانية والسريانية ، وكان يوجد فيها كذلك مؤلفات فلسفية هندية مترجمة إلي الفارسية ، وكانت الطريقة اليونانية لا الهندية هي الغالبة علي طابع تلك المدرسة. (3) ولقد استفاد العرب من إنجازات الحضارات السابقة الفلسفة والعلمية التي كانت موجودة في تلك المدارس بفضل جماعة من النقلة والمترجمين قاموا بنقل هذا التراث . وكانت الأولوية لنقل التراث اليوناني ( لأن الحضارة اليونانية كانت قد انتشرت مع الإسكندر الأكبر في أرجاء العالم الشرقي وظلت تحتضنها دولة البيزنطيين كما تلقفتها بلاد الفرس بعد أن تحولت الإمبراطورية البيزنطية إلي المسيحية وأمر الإمبراطور جوستنيان باغلاق المدارس الفلسفية الوثنية عام 529 م فهرب فلاسفتها إلي دولة الفرس ، ورحب بهم كسري أنوشروان وكذلك غزت اليونان وفلسفتها إمبراطورية الفرس عدوتها العتيدة ) (1)
ولقد كان اهتمام العرب في صدر الإسلام بعلوم اللغة العربية والدين الإسلامي بالإضافة إلي بعض العلوم العملية كالفلك والحساب التي تفيدهم في معرفة مواقيت الصلاة أو معرفة بداية شهر رمضان ، والطب لمعرفة الأمراض وكيفية علاجها (2). وعندما قام العرب بتوسيع رفعة دولتهم في عهد الأموييين ( 40-132هـ / 661 – 750 م ) كان جل اهتمامهم الفتح والجهاد ونشر الإسلام ، ولأجل ذلك لم يعتني الأمويون بالعلوم و تركوا ذلك للموالي . ولقد أهتم بنقل علوم الأوائل نصاري السريان في بعض المدن العربية القريبة من دمشق ( عاصمة الدولة الأموية ) كأنطاكية . ولذلك شهد العهد الأموي نقل مركز التعليم الطبي من الإسكندرية إلي أنطاكية في عهد عمر بن عبد العزيز ( 61-101هـ/ 681–720 م) ، وفي عهده ترجم ماسرجوية الطبيب البصري كتاب ( أهرن القس) في الطب. (3)
ولقد اهتم الأمير الأموي خالد بن يزيد بن معاوية ( تـ 85هـ/ 714م ) بالعلم، فقد أوصي جماعة من المترجمين بنقل كتب في النجوم والطب (4) . فلقد كان خبيرا في الطب والكيمياء ، ونسبت إليه بعض المؤلفات في الكيمياء منها السير البديع في فك الرمز المنيع ، وكتاب الفردوس ورسائل أخري (5) ولقد استدعي الرومي المقيم بالإسكندرية ماريونس ليعلمه الكيمياء، وأمر كذلك بعض اليونانيين بنقل بعض كتب الكيمياء إلي اللغة العربية ومنهم اصطفن القديم . (6)
ويمثل قيام الدولة العباسية ( 132 - 656 هـ/ 750 – 1258 م ) بداية عصر ثقافي وعلمي هام وجديد ، حيث انفتح العرب ثقافيا علي منجزات الحضارات السابقة عليها . فلقد وقع في أيديهم في تلك الفترة ( ترجمات لمعظم مؤلفات أرسطو ، وشراح الأفلآطونية المحدثة ، وبعض أعمال أفلاطون ، ومعظم مؤلفات جالينوس ، وأجزاء من مؤلفات أخري في الطب ومن شروحها ، ثم من مؤلفات علمية إغريقية ، ومؤلفات هندية وفارسية مختلفة وقوام هذا العهد من النشاط في الترجمة مرحلتان تبدأ أولاهما من استيلاء العباسيين علي الخلافة إلي خلافة المأمون ( 132 – 198 هـ ) حيث قام مترجمون مستقلون بقدر كبير من الترجمة ، ومعظمهم من المسيحيين واليهود والمهتدين إلذين دخلوا الإسلام من الديانات الأخري غير الإسلامية أما الأخري ففي حكم المأمون وخلفائه المباشرين ، حيث تركز عمل الترجمة في مدرسة أسست حديثا في بغداد وبذل جهد دائب لجعل المادة الضرورية للبحث الفلسفي والعلمي في متناول الطالب الذي يتكلم العربية (1).) وأول اتصال قام بين تراث اليونان والعرب أقامه نصاري السريان . ويمثل السريان حلقه من حلقات سلسلة هامة عبر من خلالها تراث اليونان إلي العرب . ( فنحن نعلم أن المجامع العلمية والفكرية التي تكونت في مناطق الاتصال بين المسلمين واليونانيين كانت بحاجة إلي جو من التسامح الفكري والعلمي بعدما تعرض له العلماء والمفكرون من اضطهاد في ظل الحكم الروماني ، وكان الدين الإسلامي الجديد يدعو للتسامح وحرية ممارسة الفكر والبحث العلمي .. لقد كان المسلمون بحاجة إلي العلم والمعرفة ، وبحاجة لأن يقفوا علي تراث الحضارات الأخري فاستقدم الخلفاء المترجمين من كل مكان وأخذوا يغدقون عليهم الأموال ويمنحونهم الهدايا والهبات لينقلوا نقاش الفكر الإغريقي إلي العربية (2). ) ولم يقف نصاري السريان عند الترجمة والنقل فحسب بل إنهم قاموا كذلك بالتأليف ، وتركوا في ذلك مؤلفات عديدة ظلت تدرس حتي النصف الأول من القرن التاسع ، ومع نهاية هذا القرن احتلت المؤلفات العربية محلها وزاد
انتشارها. (3)
انتشارها. (3)
ولقد اهتم الخلفاء العباسيين ووزرائهم وأهل اليسر بالعلم والعلماء ففي عهد الخليفة المنصور (1361–158 هـ/754–775 م ) جذبت بغداد كثيرا من العلماء والمفكرين والشعراء والأطباء الذين وفدوا إليها من جنديسابور محملين بعلوم اليونان والفرس والهند . مثل جورجيس بن بختيشوع ، الذي وفد لعلاج المنصور، الذي لقن بعض الأطباء ما في جعيته من علوم (1) . ولقد أمر المنصور يوحنا بن البطريق ( ت 200 هـ / 815 م ) بنقل بعض الكتب القديمة ، فبدأ عمله بترجمة كتب الطب ثم قام بنقل كتب التنجيم بسبب ولع المنصور بالتنجيم ، الذي اتخذ سهل بن نوبخت الفارسي منجما له ، وكان أبوه منجما أيضا حيث كان يصحب المنصور. (2) ولقد أمره المنصور بنقل كتاب ( السند هند ) إلي العربية ، وكلفه بتأليف كتابا منه تعتمد عليه العرب في حركات الكواكب ، ولقد قام بذلك محمد بن إبراهيم الفزاري ( ت 777 م) الذي وضع مؤلفا في ذلك يسمي ( السند هند الكبير) .
وفي عهد هارون الرشيد (170–193 هـ / 789 – 809 م ) ساهم البرامكة في تنشيط حركة النقل والترجمة ، فقد نقلوا وترجموا الكتب من أنقرة وعمورية . ولقد أنشأ الرشيد بيت الحكمة الذي كان له الدور الأكبر في عهده وعهد المأمون (198 – 218 هـ/ 813 – 833 م ) في نقل مختلف العلوم إلي العربية . ومن أهل اليسار الذين ساهموا في إزدهار الحياة الثقافية في تلك الآونة بنو موسي بن شاكر . ونشطت في عهده الترجمة من اللسان الهندي والفارسي . وفي عهده تولي رئاسة بيت الحكمة سهل بن نونخت الفارسي الذي نقل من الفارسية إلي العربية (3)وعندما مرض الرشيد عالجه الطبيب الهندي منكة الذي قام بالنقل من اللسان الهندي إلي اللسانين الفارسي والعربي (4) وهكذا اتصل العرب بالتراث الهندي في العصر العباسي حيث نقل كثيرا من كتب الهند في الطب ، والفلك ، والتنجيم والرياضيات .
ولقد نقلت في عهد المأمون مؤلفات أفلاطون وأرسطاطاليس وجالينوس وأقليدس وبطليموس وأبقراط من اليونانية إلي العربية . ولقد زاد الاهتمام ببيت الحكمة حيث اكتظ في عهده بالنقلة والمترجمين الناسخين و الفلاسفة والعلماء .
ومن أشهر المترجمين في العهد العباسي حنين بن اسحق ( ت 260هـ/ 877م) الذي اهتم بنقل الكتب الطبية وبخاصة مؤلفات جالينوس . وقام إبنه اسحق ( ت 268 هـ / 910 م ) بنقل كتب الفلسفة و الطب . وترجم قسطا بن لوقا البعلبكي كثيرا من الكتب القديمة ، وكان بارعا في علوم كثيرة كالطب والهندسة والأعداد والموسيقي و الفلسفة . وغلب علي يوحنا بن البطريق ( ت 200 هـ/815 م) ترجمة كتب الفلسفة علي كتب الطب ، فتولي ترجمة كتب أرسطاطاليس خاصة ، وترجم بعض أعمال أبقراط مثل حنين . وكان النقل من اليونانية إلي السريانية ومنها إلي العربية ، ثم صار النقل بعد ذلك من اليونانية مباشرة إلي العربية . ولم يتخصص كل مترجم في نقل مؤلفات محددة بل أننا نجد طبيبا – مثلا – ينقل مؤلفات رياضية مما ترتب عليه أن الترجمة لا تكون صحيحة لأجل ذلك احتاج كثير من المؤلفات لترجمات أخري واحتاجت كذلك ترجمات كثيرة لإصلاح وتهذيب ، وهذا يفسر لنا كثرة نقول مؤلف بعينة . ولكن عندما ينقل طبيب مؤلفات طبيه – مثل حنين بن اسحق – تكون الترجمة صحيحة .
ولقد ساهم المغرب العربي في ترجمة تراث الأوائل حيث ترجم هناك كتاب ديسقور يدس ( تـ 70 م ) عن الحشائش والنباتات بأكمله . فعندما أهدي أرمانيوس قيصر القسطنطينية هذا الكتاب إلي الحكم المستنصر بالله في سنة 340 هـ ، كان الكتاب باللغة اليونانية ، ولأجل ذلك أرسل القيصر مع الكتاب الراهب نيقولا ليترجمه إلي العربية ، ولم يكن في المغرب العربي سوي نقل اصطفن بن باسيل الترجمان ، ولم يكن هذا النقل تاما حيث كان ينقل اصطفن ما يعرف من الأسماء في العربية فحسب. (1) وقام نيقولا بتعليم بعض الأطباء اللسان اليوناني وأشرف علي ترجمة الكتاب إلي العربية . وقام ابن البيطار (ت 646هـ/1248 م ) بنقل آخر لكتاب ديسقوريدس من اليونانية إلي العربية حيث كان يجيد اللغة اليونانية التي تعلمها في بلاد اليونان . (2)
وهكذا تنوعت مصادر المعرفة والعلم التي حصلها العرب حيث نجد مصادر يونانية وهندية وسريانية وفارسية إلي جانب ما ورثوه عن العصر الجاهلي بما يتضمنه من تراث البابليين والكلدانيين ونقلت إليهم المؤلفات التي تتناول مختلف فروع الفكر العلمي وبخاصة المؤلفات اليونانية ولقد استفاد العرب من هذه المؤلفات ، فانتجوا فكرا علميا ساهم في تقدم الفكر العلمي الإنساني بعامة.
ولقد كانت الأولوية لنقل المؤلفات اليونانية العلمية – بالإضافة إلي الفلسفية – التي تلقاها العرب ، وقاموا بدراستها للاستفادة منها في كشف القوانين الطبيعية التي تحكم هذا العالم بهدف تسخيره لخير الإنسان . ولكن كان ذلك من العسير بسبب أن تلك المؤلفات كانت حبيسة التفكير الفلسفي الذي لا يمت بصلة إلي الواقع العملي . فكان من الضروري أن يبتكر العرب منهجا جديدا لدراسة تلك المؤلفات اليونانية ، منهجا واقعيا لا فلسفيا استنباطيا حتي يتحقق الغرض من العلم أعني أن يستفيد الإنسان منه في تحقيق ما هو أفضل له. ( فلقد كانت العلوم الطبيعية عند الكثيرين من اليونان دراسات فلسفية ميتافيزيقية تقوم علي منهج عقلي استنباطي ، فتحولت علي يد العرب إلي دراسات علمية تستند إلي منهج تجريبي استقرائي ، استقوا حقائقها من التجربة ، وزادوا فنزعوا إلي تحويل نتائج دراساتهم إلي كميات عددية التماسا للدقة والضبط ، ومن أجل هذا نزعوا إلي القياس والوزن ، واخترعوا آلات وأجهزة تعين علي ضبط النتائج وتحقيق دقتها ، وتوخي علماء العرب موضوعية البحث فأقصوا خبراتهم الذاتية ابتغاء معرفة الأشياء كما هي في الواقع وليس كما يشتهون ، واستبعدوا الاعتبارات الشخصية والمصالح الذاتية والتزموا الحيدة و النزاهة في أبحاثهم .. وفي ضوء هذه الخصائص تسني لهم أن ينشئوا العلوم الطبيعية .. (1)) وهكذا أضاف العرب إلي مفهوم العلم معني جديدا لم يكن ذا قيمة لدي اليونان . فلقد تفوق اليونانيون – مثلا – في الرياضيات لكنهم لم يستخدموها في حل ما واجههم من مشكلات يومية علي عكس العرب الذين استخدموا الرياضيات في حياتهم اليومية وهكذا في كل العلوم (2). وهكذا اشتغل اليونان بالعلم من أجل العلم في مقابل العرب الذين استفادوا من العلم في الابتكار والاختراع لتحقيق مصلحة الإنسان . ( وعلي الجملة كان العرب في القرون الوسطي يمثلون الطراز الفكري العلمي والحياة العملية الصناعية التي نضفي مثلها الآن علي ألمانيا الحديثة ، علي العكس من الإغريق ينصرفوا عن الاختبار المعملي والصبر عليه ، وفي الطب وفي علم الآليات وتحقيقا في كل الفنون ، يلوح أنهم اخضعوا العلم لخدمة الإنسانية مباشرة بدلا من اعتباره غرضا مطلوبا لذاته فقط ، ولقد ورثت أوربا عنهم ما يحلو لنا أن نسميه بروح "باكون" التي ترمي إلي مد سلطة الإنسان علي الطبيعية (1)) وعلي هذا النحو تعتبر الروح التجريبية التي ابتكرها العرب من أعظم مآثرهم علي العلم الحديث . تلك التجريبية التي كان اليونانيون متخلفون فيها. (2) وقوام الطريقة التجريبية التي استخدمها العرب في دراستهم للعلوم الطبيعية عدة خطوات ( أول تلك الخطوات : الاعتماد علي الملاحظة والتجريب والاستعانة بالأجهزة العلمية في التجارب وفي المشاهدات وتسجيل تلك المشاهدات ونتائجها بدقة. وثانيا : تصنيف وتبويب المعلومات و النتائج التي حصلوا عليها في جداول تتغير تبعا لتغير النتائج . وثالثها: تعديل الجداول باستمرار في حالة اكتشاف نتائج جديدة لا تتفق والجداول المعروفة . ورابعها: تجلت في علم الفلك حيث رسموا الخرائط لحركات الأفلاك والقبة السماوية). (3) وبواسطة هذا المنهج العلمي التجريبي الواقعي استطاع العرب ابتكار أدوات وآلات لتطبيق النظريات العلمية التي توصلوا إليها علي الواقع . وحتي يصل العرب إلي مرحلة التطبيق في مجال العلم ، مر البحث العلمي عندهم بعده مراحل ( فبعد أن كان يعني بالحقائق الجزئية أصبح يهتم بالكليات التي تقوم علي الحقائق الثابتة. وعن طريق المثابرة في البحث والمقاييس استطاع العرب حصر الحقائق والإحاطة بها ، وبعد تجارب مضنية كثيرة أجريت علي النظريات قرر العربي قبولها والاعتراف بصحتها أو رفضها)(4) وهكذا استطاع علماء العرب دراسة الكليات – كما تمكنوا من دراسة الجزئيات – والانتهاء إلي النظريات بعد اختبارها . وليس له نصيب من الحقيقة ما يزعمه بعض الباحثين أن العرب رغم تميزهم عن اليونان في استخدام التجربة إلا أنهم كانوا يهتمون بالحقائق المنفصلة أكثر من اهتمامهم بالتوصل إلي المبادئ العامة ، فلم يكن للعرب المقدرة علي استخلاص قوانين عامة من الحقائق التي اكتشفوها (5). وسنحاول في هذا البحث تبين كيف تفاعل العرب مع تراث الأوائل بعامة والتراث اليوناني بخاصة ، وبذلك يمكننا معرفة الأصول التي اعتمدوا عليها في نهضتهم العلمية بخاصة الأصول اليونانية ، وفي نفس الوقت يتضح لنا الإسهامات الحقيقية للعرب في تأسيس الفكر العلمي بعامة .
وسنتناول في هذا البحث الأصول اليونانية لبعض العلوم الطبيعية التي درسها العرب كما يلي :
1- علم الحيوان .
2- علم النبات .
3- علم الصيدلة .
4- علم الطب .
5- علم الكيمياء
6- علم الأرصاد الجوية .
7- علم الطبيعة .
8- علم الرياضيات.
9- علم الفلك .
10-علم الجغرافيا .
1- علم الحيوان :
ترك كثير من علماء العرب مؤلفات تتناول المملكة الحيوانية بالدراسة مثل كتاب الحيوان للجاحظ ، كتاب طبائع الحيوان وخواصها ومنافع أعضائها لعيد الله بن جبرئيل بن بختيشوع ، وكتاب حياة الحيوان للدميري . ومن الأسباب التي دفعت العرب لدراسة علوم الحياة بعامة وعلم الحيوان بخاصة الفوائد الطبية للبنات ، والفوائد الإقتصادية والإجتماعية والجمالية للحيوانات . ولذلك ( ظهر الكثير من المصنفات القيمة التي تعكس هذا الاهتمام وتقدم مادة غنية بالمعلومات المبنية علي الملاحظة واستمرار تتبع مظاهر الحياة في النبات والحيوان ، غير أن معظم هذه التصانيف لم تكن كتبا مستقلة بعلوم الحياة وحدها بل تضمنت جوانب أدبية وتاريخه كثيرة ، واستخدمت لخدمة الطب والصيدلة والفلاحة..) (1)
ومن أهم هذه المؤلفات كتاب الجاحظ الحيوان ، وفيه نجد الجاحظ اعتمد علي مصادر كثيرة هندية وفارسية ويونانية وعربية إلي جانب ما نجد فيه من تعاليم الديانات والعقائد . ومن أهم المصادر التي أعتمد عليها الجاحظ المصدر اليوناني وبخاصة كتاب الحيوان لأرسطاطاليس . (2) ولقد اقتبس الجاحظ كثيرا من أرساطاليس دون أن يأخذ آراءه كمسلمات ، وإنما أخضعها للعقل والتجربة ليعرف أيها صحيح وأيها فاسد ولأجل ذلك نجده يخالف أرسطاطاليس في آراء كثيرة . (3) * ففي ضوء تجاربه ومنهجه العلمي الرصيد خطأ أرسطاطاليس بل أنه من الممكن أن يفضل عليه عربيا بدويا ، ولقد أضاف الجاحظ كذلك لآراء أرسطاطاليس إضافات هامة بفضل تنوع وتعدد ولقد مصادره المعرفية. (1)
ولقد اعتمد الجاحظ في كتابه عن الحيوان علي عدة مصادر ، فهو في هذا الكتاب ( أخذ من طرف الفلسفة وجمع معرفة السماع وعلم التجربة وأشرك بين علم الكتاب والسنة وبين وجدان الحاسة وإحساس الغريزة ..) (2) ولا يقبل الجاحظ من آراء السابقين إلا ما صححتها التجربة والحجة الدامغة ويعبر عن ذلك بقوله للمطالع لكتابه ( فأجعلك لا تخرج من الاحتجاج بالقرآن الكريم إلا إلي الحديث المأثور ولا تخرج من الحديث إلا إلي الشعر الصحيح ولا تخرج من الشعر الصحيح الظريف إلا إلي المثل السائر الواقع ولا تخرج من المثل السائر الواقع إلا إلي القول في الفلسفة و الغرائب التي صححتها التجربة وأبرزها الامتحان وكشف قناعها البرهان.) (3)
وفيما يلي نذكر بعض الانتقادات التي وجهها الجاحظ لآراء أرسطاطاليس:
1- يشير أرسطاطاليس إلي أن الثعلب يعادي أحد الطيور وهو الزرق بسبب أن كل منهما آكل للحم ، ولكن الجاحظ يري أن أرسطاطاليس جانبه الصواب في ذلك . يقول الجاحظ ( .. وأعرف هذا من قول ( صاحب المنطق ) لأن الثعلب لا يجوز أن يعادي من بين أحرار الطير وجوارحها الزرق وحده وغير الزرق آكل اللحم وإن كان سبب عداوته له اجتماعها علي أكل اللحم فليبغض العقاب من الطير والذئب من ذوات الأربع فإنها آكل اللحم والثعلب إلي أن يجد ما هو أقرب ، وذلك أولي بالقياس زعم أنه يعم أكلة اللحم بالعداوة حتي يعطي الزرق من ذلك نصيبه كان ذلك أجود ولعل المترجم قد أساء الاخبار عنه .. ) (4) ويتعجب الجاحظ هنا مما يذكره أرسطاطاليس لدرجة أنه يتشكك في صحة الترجمة ، ويظن أنه من الممكن أن يكون المترجم – يوحنا بن البطريق – قد أخطأ في ترجمته ، لكن المترجم في الواقع لم يخطأ في ترجمته بل أنه أصاب .
2- يزعم أرسطاطاليس أن للحمام فطنة و وذكاء وحنكة يستطيع بها تدبير حياته ، ولكن الجاحظ يري أن ذلك زعم فاسد . يقول الجاحظ ( .. قال ( صاحب الديك ) وكيف يكون للحمام من الحركة والفطنة ما تذكرون وقد جاء في الحديث ( كونوا بلهاء كالحمام ) وقال صاحب الديك تقول العرب أخرق من حمامه وما يدل علي ذلك قول عبيد بن الأبرص :
عيوا بأمرهن كما عيت بيضتها الحمامة
جعلت لها عودين من شم وآخر من ثمامة
فإن كان عبيدا إنما عني بحمامة من حمامكم هذا الذي أنتم به تفخرون فقد أكثرتم في ذكر تدبيرها لمواضع بيضها وأحكامها لصنعة أعشتها وأفاحيصها وإن قلتم أنه إنما عني بعض أجناس الحمام الوحشي والبري فقد أخرجتم بعض الحمام من حسن التدبير وعبيد لم يخص حماما دون حمام .) (1) وينوع الجاحظ هنا مصادره من حديث إلي مثل مأثور إلي الشعر ، وهوهنا يرجح ما جاء في هذه المصادر من معلومات علي ما ذكره أرسطاطاليس.
3- يزعم أرسطاطاليس أن السمك لا يبلع الطعم إلا بشئ من الماء ، وهذا رأي لا يقبله الجاحظ لأنه لا توجد معاينة تؤكده . يقول الجاحظ ( .. وإنما زعمه أن السمكة لا تبتلع شيئا من الطعم إلا ببعض الماء فأي عيان دل علي هذا وهذا عسير .. ) (2).
3- يشير الجاحظ إلي مخالفة فاحشة وقع فيها أرسطاطاليس ومما يزيد الطين بلة أنه يكرر ذلك في أكثر من موضع في مؤلفه الحيوان ، وهي قوله أن الثور إذا خصي ونزا علي أنثي فأنها تخصب ، ويرد عليه الجاحظ بقوله ( .. لم نجد هذا من معاينة والصدور تضيق بالرد علي أصحاب النظر وتضيق بتصديق هذا الشكل .. (1) ) وتوجد في كتاب الحيوان لأرسطاطاليس مخالفات كثيرة نبه الجاحظ عليها ، وبين مواضع الضعف فيها ، وأشار كذلك إلي أن أرسطاطاليس إذا كان اعتمد علي التجربة فيما ذكر لما وقع في تلك الأخطاء. (2)
2- علم النبات :
وجه الإنسان منذ القدم عناية كبيرة لعلمي النبات والحيوان نظرا لارتباطهما بحياته اليومية لذلك اعتنت الشعوب القديمة بهذه العلوم كالمصريين و الهنود والفرس و الصينيين واليونان والرومان ، ولقد استفاد العرب من كل هذا التراث عندما نقل إليهم ضمن ما نقل من العلوم التي ترجمت مؤلفاتها. (3) ولقد اعتمد النباتيون العرب فيما كتبوه عن علم النبات كثيرا علي مؤلفات اليونانيين مثل جالينوس وديسقوريد س . ومن المؤلفات النباتية التي تركها العرب كتاب أبي حنيفة الدينوري ( ت 282 هـ/ 895 م ) الذي اعتمد فيه علي ديسقوريدس ، ولكنه أضاف إضافات جديدة ، حيث ذكر نباتات جديدة تفيد في صناعة العقاقير . (4)
ولقد اتبع النباتيون العرب منهجا علميا في دراسة النباتات وتطبيقاتها العملية ، فلقد وصفوا النباتات ( في أطوارها المختلفة ، معتمدين في ذلك دقة الملاحظة واستمرار التتبع . ويتضح هذا النهج العلمي في تآليف العلماء العرب في هذا الموضوع ، إذ نجد أن هذه المصنفات تتميز بالترتيب والتنسيق ، بالإضافة إلي الأمانة العلمية في نقل آراء المؤلفين الآخرين ، مع مطابقة الأسماء والمفردات بما يقابلها من اللغات الأجنبية زيادة في الإيضاح .) (1) ويعد ابن البيطار من علماء النبات الذين طبقوا المنهج العلمي التجريبي في دراستهم للنباتات فكان لا يأخذ بآراء السابقين ما لم تؤكدها التجربة ، وكان يعتمد فيما يصدر من آراء علي التجربة والملاحظة والمشاهدة بالإضافة إلي التزامه بالصدق والأمانة في النقل عن الآخرين(2).
وفيما يلي نشير إلي بعض انجازات ابن البيطار في مجال علم النبات ، ومنها نتبين كيف تفاعل مع تراث اليونانيين في هذا المجال :
1- يذكر ابن البيطار أن بنات الأفيون هو لبن الخشخاش الأسود ، فالأول يستخرج من الأخير ويحمل إلي سائر البلدان . وعندما يذكر ذلك ، يشير اولا إلي رأي ديسقور يدس ، وياغورس ، وأسطراطيس ، وأندراوس ، ومنسد يمس ، ويبين انهم متفقون علي أن الافيون مسكن للأوجاع ، وينفع في السعال المزمن . وعندهم أن مقدارا كبيرا منه يتسبب في نوم عميق ، وإذا خلط الأفيون بدهن الورد يقتل ، وإذا دهنت الرأس به يزيد صداعها ، ويختم كلامه عن آراءهم بأنهم اخطأوا جميعا لأنهم لم يصطنعوا التجربة والمشاهدة الحسية .
وقبل أن يعرفنا ابن البيطار طريقته في استخراج الأفيون من الخشخاش ينوه إلي طريقة السابقين عليه بقوله ( كأنوا يأخذون رؤوس الخشخاش وورقه ويدقهما ويستخرج عصارتهما بلولب وخشبات ثم يصير العصارة في صلاية ثم بسحقها ثم يعمل منها أقراصا وهذا الصنف من الأفيون يسمي منفونيون ويعده أضعف قوة من الأفيون , ) (3) ويبدأ ابن البيطار عرضه لطريقته في استخراج الأفيون من الخشخاش بالإشارة إلي أن الطريقة السابقة خاطئة . فيقول ( لعمري غلطوا وخالفوا ما نعرفه بالتجارب الذي يدل علي حقيقة ما اخبرنا بفعله .. )(4) ثم يعرض ابن البيطار للخطوات العلمية لاستخراج الأفيون من لبن الخشخاش علي النحو التالي :
· إحضار نبات الخشخاش بعد أن يجف الذي عليه أثناء النهار .
· احدث شق بسكين حول رأس الخشخاش المتشعب شقا رقيقا بحيث لا ينثقب
· شرط جوانب الخشخاشة شرطا ابتداؤه من هذا الشق علي خط مستقيم بحيث لا يعمق هذا الشرط فينقد إلي داخل الخشخاشة .
· تؤخذ الصمغة بالأصبع وتجمع في صدفة ثم تترك وقتا ثم تعاد إليها ويتم جمع ما يظهر في ذلك اليوم وفي اليوم التالي .
· تؤخذ الصمغة بعد ذلك وتسحق علي صلاية ويعمل منها أقراص وتخزن. (1)
وعلي هذا النحو يعد ابن البيطار من أوائل النباتين العرب الذين شرحوا نباتا ودرسوه دراسة علمية دقيقة ، وهذه هي الطريقة العلمية المتبعة اليوم في دراسة النباتات .
2- وقيما يتعلق بالزئبق يذكر ابن البيطار أن أرسطاطاليس وبولس وديسقوريدس أجمعوا علي أن تراب الزئبق إذا عجن بغذاء وأكل هذا الغذاء فهو يقتل. ويري ابن البيطار أن هذا زعم فاسد لأن التجربه ثبتت غير ذلك ، ويعول ابن البيطار في ذلك علي تجربه لأبي بكر الرازي ( تـ 925 م ) الذي يقسم الزئبق إلي نوعين العبيط ( العضوي بلغة العلم الحديث ) والمفتول والمتصاعد ( غير العضوي بلغة العلم الحديث) . ولقد تبين له أن الأول يحدث وجعا شديدا في البطن والأمعاء فحسب ، ووجد أنه عندما يخرج من الجسم يخرج كهيئته وهذا يعني – في عرف العلم الحديث – أن الرازي اختبر بول الحيوان الذي أجري عليه الأختبار المعملي فوجد الزئبق في البول دون أن يحدث له أي تمثيل أي لم يحدث لتركيبه أي تغير أو لم يتحول لمركب آخر ، وهذا المعني الأخير هو ما قصد إليه الرازي ، وهذا هو رأي العلماء اليوم. ولقد أجري الرازي اختبار معملي علي بول قرد فوجد ما ذكرنا أنفا ، وعلم ذلك من تلويه وقبضه بفمة ويديه علي بطنه ، وهذا النوع من الزئبق من الممكن أن يعالج . أما النوع الثاني فهو قاتل بالعفل وردئ وحاد جدا .(2) وهكذا خالف ابن البيطار السابقين عليه في ضوء ما إنتهي إليه من خلال التجربه ، وأضاف لإسهاماتهم كذلك إضافات هامة .
3- علم الصيدلة :
برتبط علم الصيدلة بعلم النبات حيث تستخدم النباتات في تحضير الأدوية والعقاقير ولقد اطلع العرب علي مؤلفات القدماء عن النباتات والحشائش والعقاقير ، فعندما ظهر الإسلام ( شهد فن الصيدلة وتحضير الأقراباذين * تطورا سريعا بفضل إطلاع علماء المسلمين علي تراث الشعوب القديمة في مجال الأدوية والعقاقير ، ونقلهم كل ما وصل إلي أيديهم من مؤلفات هندية ويونانية مثل أسماء عقاقير الهند الذي نقله منكه لاسحق بن سليمان ، ومختصر الهند في العقاقير ، وقوي الأدوية وغيرها من كتب التراث الإغريقي مثل الأدوية المفردة والتدبير الملطف وتركيب الأدوية لجالينوس ، التي قام بنقلهما إلي العربية شيخ المترجمين حنين بن اسحق وابن اخته حبيش بن الحسن . وكتاب الأدوية المفردة لديسقوريدس العين زربي الذي نقله من اليونانية إلي العربية اصطفان بن باسيل .. وصححه وأجازه حنين بن اسحق..)(1) وبالإضافة إلي المصدرين الهندي واليوناني ، نجد المصدر الفارسي واضحا في تسمية بعض الأدوية والنباتات التي ترجع إلي عهد مدرسة جنديسا بور التي نقلت العلم اليوناني إلي الفرس ثم إلي العرب ويعتبر كتاب ديسقوريدس عن الحشائش والعقاقير المصدر الرئيسي الذي عول عليه العرب في علم الصيدلة. (2) وتشمل مقالات الكتاب الخمسة علي ( أكثر من ستمائة عشبة مع أدوية وعطور وأدهان وصموغ وأنواع لشراب وأدوية معدنية . وقد وضع ابن جلجل في مطلع القرن الحادي عشر ذيلا لترجمة هذا الكتاب استكمل فيه ما فات ديسقوريدس من أسماء العقاقير الطبية ، بل أضاف العرب ألفي نبات إلي ما كان يعرفه اليونان.) (3) كالراوند ، والكافور ، والقرفة ، والكافور ، والعنبر ..، الخ .
ولم يقف العرب عند النقل والترجمة بل إنهم رتبوا المادة التي جمعوها وطوروها وزادوا عليها ، وفصلوها عن الطب . وتنظيم العرب للصيدلة يعتبر من أهم إنجازاتهم ( إذ نقلوها من مهنة حرة يعمل فيها من يشاء ، إلي مهنة خاضعة لرقابة الدولة ، عندما أمر الخليفة العباسي المأمون لأول مرة بإمتحان أمانة الصيدلة وذلك بعد أن كثر الغش والا حيال في هذه الصناعة ، ثم المعتصم من بعده الذي أمر بإعطاء الصيدلي الذي تثبت أمانته منشورا يجيزله العمل وإلا حيل بينه وبين تعاطي هذه الصناعة ، وهكذا دخلت الصيدلة تحت رقابة الدولة .) (1) ولقد تخطي العرب مرحلة الترجمة للنصوص القديمة إلي مرحلة التلخيص والشرح والتعليق ، ومن المؤلفات التي تمثل تلك المرحلة كتاب تدبير الناقهين لحنين بن اسحق ، وتلتها مرحلة التأليف والابتكار ووضع النظريات في ضوء المنهج العلمي الرصين الذي إتبعوه في أبحاثهم الصيدلانية ، ومن المؤلفات التي تمثل تلك المرحلة كتاب منافع الأغذية لأبي بكر الرازي (2).
ومن إضافات العرب في علم الصيدلة أنهم استبدلوا الأدوية المرة التي كان يستعملها القدماء بأدوية حلوة مستساغة ، ولقد استخدم العرب السكر ، الذي لم يعرفه اليونانيون ، في صناعة الأشربة ، ولقد قام العرب بتحضير الأدوية المركبة علي نمو علمي وفعال ، وهذه الإضافات وغيرها جعلت بعض الباحثين ينسبون علم الصيدلية إلي العرب .(3) ولم يحضر العرب الأدوية إتفاقا ( بل كانوا حريصين علي أن يستعملوها بمقادير محددة ، ولذا نجد لديهم موازين دقيقة لوزنها ورثوها فيما ورثوا عن علماء اليونان و الرومان ولكن أدخلوا عليها تغييرات وتحسينات بمثابة ابتكارات تثير الإعجاب بالدقة في أوزانها.) (4) وركب العرب الأدوية من أصول نباتية وحيوانية ومعدنية .
ويعتبر ابن البيطار من أبرز النباتين العرب الذين استفادوا من التراث القديم وبخاصة اليوناني ، ولكنه زاد علي هذا التراث إضافات كثيرة . فمؤلفه الجامع لمفردات الأودية والأغذية يشتمل علي ( 1500 فقرة بنفرد كل واحد منها بدواء ويذكر ابن البيطار النص المقابل لديسقوريدس وجالينوس أولا ، ثم يدلي بما ورد في هذا الصدد عن علماء العرب في القرون الأولي للإسلام ، ثم يضيف نصوص معاصره الغافقي أو من جاءوا بعده وهي زهاء ألف فقرة صغيرة لأسماء الأدوية المترادفة . ومجموع هذه الأدوية تصل إلي 1400 لم يكن معروفا منها لدي اليونان أربعمائة صنف أضافها العرب إلي المادة الطبية.) (1)
ولم يكن الغافقي ( تـ 1165م ) في كتابه ( الأدوية المفردة ) ناقلا فحسب بل أضاف إلي ما ورثه العرب عن القدماء ، مستخدما في ذلك التجربه والملاحظة الدقيقة . فلقد ( اعتمد في كتابه علي حوإلي 60 مؤلفا من مختلف الأمم والأجناس يتقدمهم جميعا أربعة هم ديسقوريدس وجالينوس الإغريقي والدينوري والرازي المسلمين .. ولم يكن مجرد ناقل بل كان مبتكرا أيضا وأثري الكتاب بملاحظاته وتجاربه الشخصية وقد نال الكتاب حظوة بالغة يدل عليها الاقبال علي تلخيصه وترجمته. ) (2) ولقد سار علي نفس النهج غيرهم من النباتيين العرب مثل أبو الحسن علي بن سهل بن ربن الطبري ( ت 235هـ / 850 م ) في مؤلفه ( فردوس الحكمة ) ، وأبو منصور موفق الهراني الفارسي ( حوالي سنة 850م ) في مؤلفه ( أسس الخواص الحقيقة للعلاجات ) وهكذا لم يقف الصيادلة و النباتيون العرب عند نقل وترجمة التراث القدم بل إنهم أضافوا لهذا التراث إضافات هامة بفضل ما في أيديهم من منهج علمي رصين .
4- علم الطب :
لقد ورث الطب العربي مختلف الآداب الطبية السابقة عليه من هندية وفارسية وكلدانية ويونانية بالإضافة إلي ما ورثة العرب عن العصر الجاهلي من طب بدائي . فلقد انتقل إلي العرب ( كتب أبقراط وجالينوس وغيرها من أطباء اليونان ، وإطلعوا علي ما كان عند السريان من الطب اليوناني الممزوج ببقايا طب الكلدان القدماء ، ونقل إليهم من أطباء مدرسة جنديسابور طب اليونان بصبغته الفارسية ،وإطلعوا علي طب الهنود من جاءوا بغداد من أطبائهم ، غير ما كان عند العرب في أيام الجاهلية وتنوقل في الإسلام ومن تفاعل هذه العناصر وتمازجها ألف الطب الإسلامي..) (1) ويعتبر التراث الطبي اليوناني من أكثر المصادر تأثيرا علي الطب العربي ، فلقد تأثر أطباء العرب بجالينوس ومن دلائل ذلك أن أبو بكر الرازي كان يعظم من شأنه . (2) وكان كذلك الأطباء المتخصصون في تجبير الكسور لا يزاولون مهنتهم إلا بعد إجتياز اختبار يكشف عن مدي معرفتهم بأصول التشريح والجراحة علي طريقة بولس الأجنيطي ( القرن السابع الميلادي ) . (3) وعموما من يطالع مؤلفات أطباء العرب يجدها تشتمل علي كل تلك المصادر القديمة وبخاصة المصدر اليوناني ويبدو ذلك واضحا في كتاب القانون في الطب لابن سينا .
وتعتبر نظرية الأخلاط الأربعة لأبقراط من أكثر النظريات الطبية تأثيرا علي الطب العربي . وتشير هذه النظرية إلي أن جميع الموجودات بما في ذلك جسم الإنسان تتكون من العناصر الأربعة ( الماء والهواء والنار والتراب ) وكيفياتها . فعند أبقراط أن جسم الإنسان به أربعة أنواع من الأخلاط أو العصير: الدم ، والبلغم ، والمرارة الصفراء ، والمرارة السوداء ، وهذه الأخلاط هي علة صحة الإنسان وسقمه.(4) فإذا كانت هذه الأخلاط موجودة في جسم الإنسان بنسب متساوية كانت الصحة ، والعكس صحيح إذا كانت موجودة بنسب غير متساوية أصيب الإنسان بالمرض . وتعتبر نظرية الأخلاط الأربعة من أهم خصائص الطب العربي حيث كانت أساسا للباثولوجيا العربية. * وظلت هذه النظرية سائدة ولم يستطيع أطباء العرب ابتكار نظرية جديدة تحل محلها (5) .
ومن دلائل تأثر الطب العربي بهذه النظرية ، أن ابن سينا عندما يشير إلي أن احتباس الطمث وقلته يؤدي إلي أمراض كثيرة ، يبين أن اختلاف الأمراض المتعلقة بتلك الظاهرة ترجع إلي نوع المزاج الغالب علي جسم المرأة ، فإن كان يغلب عليها المزاج الصفراوي تولدت لديها الأمراض الصفراء ، وهكذا في بقية الأمزجة . (1)
ومن المسائل التي تناولها أطباء العرب ، والتي توضح مدي اتفاقهم أو اختلافهم مع أطباء اليونان مسألة كيفية تكون الجنين في داخل الأم . فلقد زعم أرسطاطاليس أن ذلك يتم حيث يكون الذكر هو الفاعل والمحرك والأثني هي المفعول بها والمتحركة ، بعبارة أخري أن مني الرجل الذي يكون فيه القوة الأولي المحركة عندما ينتقل إلي رحم الأنثي ، التي تكون فيها الهيولي يخلق الجنين . (2) وهذا نفس ما إشار إليه الفارابي ( ت 339 هـ/ 950م) الذي ذكر أنه عندما يصل مني الذكر إلي رحم الأنثي ، يصادف هناك ما أعده الروح لقبول صورة الإنسان ، عندئذ يعطي المني ذلك الدم قوة يتحرك بها حتي يصل من الدم أعضاء الإنسان. (3) ولقد بين ابن سينا علي نحو أكثر دقة وتفصيلا كيفية تكوين الجنين في مؤلفه القانون بأسلوب علمي رصين ، حيث يوضح أن بداية التخلق تكون بإنتقال مني الذكر إلي رحم الأنثي حيث تحدث هناك زبدية المني بفعل القوة المصورة ، وتتحرك تلك الزبدية بفعل المصورة وعندئذ تأخذ أعضاء الجنين في التكون . (4)
ولقد تجاوز العرب مرحلة الترجمة والنقل إلي مرحلة النقد و الإضافة والإبتكار، فلقد نقدوا آراء أبقراط وجالينوس وعلقوا عليها حيث كشفوا عن كثير من الأخطاء التي وقع فيها الأطباء السابقين عليهم بفضل مشاهداتهم وتجاربهم . واخترعوا كذلك ماخالفوا به أطباء اليونان ( كمعالجتهم الفالج والاسترخاء بالأدوية ، بدل ما كان يستعمل عند اليونان من الأدوية الحارة ) (5) واستطاعوا كذلك التمييز بين أمراض كثيرة متشابهة لم يعرفها السابقون عليهم مثل الحميات ، والفرق بين الجدري والحصبة . (1) وبينما يري اليونانيون أن علة الأمراض موجودة في داخل الجسم، أشار أطباء العرب إلي أن بعض الأمراض تأتي من خارج الجسم . وعالج العرب كذلك الشلل بالأدوية التي تولد برودة في الجسم في حين كان اليونانيون يصفون لعلاج الشلل أدوية تولد الحرارة ، والعلم الحديث يوافق الطريقة العربية لا الطريقة اليونانية. (2)
وفيما يتعلق بعلم الجراحة ، فإن بعض الباحثين يزعمون أن علم الجراحة عند العرب كان من أضعف فروع الطب في مقابل الطب العلاجي وخواض العقاقير كانت أقواها . لأن الجراحة مرتبطة بالتشريح الذي رفض المسلمون ممارسته ، واقتصروا في ذلك علي ما ورد في كتب جالينوس أو علي دراسة الجرحي من الناس.(3) فيري في المقابل فريق آخر من الباحثين أن العرب مارسوا التشريح فابن النفيس (تـ 1288 م) في كتابه ( شرح تشريح القانون) ينتقد جالينوس بقوله (..والتشريح يكذبه ) ويؤكد عبد اللطيف البغدادي ( تـ 629 هـ/ 1231 م ) أن ابن النفيس - مثل غيره من الأطباء - مارس التشريح حيث يذكر أنه رأي هياكل بشرية كثيرة في إحدي المقابر بمصر القديمة .(4)
وفي مؤلفه السالف الذكر إنتقد ابن النفيس كثيرا من آراء جالينوس وابن سينا فنجده يشير – مثلا – إلي انهم أخطئوا في قولهم أن الدم ينتقل من الجانب الأيمن في القلب عبرثقوب دقيقة لا تراها العين إلي الجانب الأيسر ، ولكن ابن النفيس يري أن الدم ينتقل من الجانب الأيمن للقلب إلي الرئتين أولا ، وهناك يخالط الهواء عن طريق الشعيرات الدقيقة ( في الحويصلات الرئوية الدقيقة ) فيصلح أمره . ويعود من الجانب الأيسر من القلب بعد ذلك . (5) وهكذا اكتشف ابن النفيس الدورة الدموية الصغري قبل سرفيتوس الأسباني بثلاثة قرون . وهذا الاكتشاف يثبت أن العرب لم يكونوا عالة علي الطب اليوناني ، ومن يزعم ذلك فكلامه هراء في هراء . (1)
إن المطالع لمؤلفات أطباء العرب يجد أنهم رغم اقتباسهم من السابقين عليهم إلا أنهم تجاوزوهم وأضافوا إلي طبهم كثيرا من الإضافات . فكتاب الحاوي لأبي بكر الرازي يعد من أفضل المؤلفات الطبية التي وضعت ، فلقد جمع فيه طب الهنود والفرس واليونان والسريان والعرب ، وأضاف إلي كل هذا التراث تجاربه وأبحاثه الطبية العلمية . وفي ضوء ذلك المنهج العلمي الذي مارسه نظريا وعمليا انتقد آراء جالينوس الطبية . (2) ويبدو ذلك واضحا في مؤلف الرازي (الشكوك علي جالينوس ) الذي وضح فيه الأخطاء التي وقع فيها جالينوس. (3) أن الرازي عند بعض الباحثين فاق جالينوس في كثرة أبحاثه وعمقها ، لذلك قيل أن الطب كان معدوما ، فأحيا جالينوس ، وكان متفرقا ، فجمعه الرازي . (4) ولقد انتقد ابن رشد ( تـ 595 هـ / 1198 م ) كذلك جالينوس في مؤلفة الطبي ( الكليات ) ففي الفصل الخاص بالتنفس نجد انتقادات هامة لكلام جالينوس .(5)
ويشتمل كتاب علي بن عباس المجوسي ( ت 994م ) ( كامل الصناعة الطبية ) علي إسهاماته الطبية النظرية والعملية ، التي أسسها علي مشاهداته الدقيقة التي كان يمارسها في المستشفي . ولقد بين في كتابه أخطاء أطباء اليونان ، فلقد ذكر في الفصل الأول من هذا الكتاب (.. أن أبقراط يميل إلي الإيجاز والغموض ، وأن جالينوس يميل إلي التوسع والتطويل وإلي قلة عناية ، وأوريباسوس وبولس الإيجنطي بالتشريح – وقال عن كتاب الحاوي للرازي: إن ضخامته وتكاليفه تجعل الحصول عليه مطلب وعرا، ونعت المنصوري في التشريح للرازي بشدة الاختصار..) (1) *
ويحتوي كتاب القانون لابن سينا علي كثير من المعلومات الطبية التي لا توجد عند اليونان وحل هذا الكتاب محل كتب جالينوس والرازي وعلي بن عباس المجوسي. (2) وظل هذا الكتاب أساس التعليم عند العرب وعندما ترجم إلي اللاتينية والعبرية وغيرها من اللغات الأوربية ظل الأوربيون يعتمدون عليه في تعليمهم الطبي حتي القرن الثامن عشر بفضل غزارة مادته واعتماده علي المنهج في كل ما يوجد فيه من معلومات طبيه سواء كانت نظرية أو عملية .
وبالجملة يمكننا القول أن أطباء العرب استطاعوا تجاوز أطباء اليونان لاستخدامهم التجربة العلمية في عملهم الطبي ، التجربة و التي استخدمها أطباء العرب تختلف عن تجربة اليونان ( فتجربة اليونان ذات أصول وطرق تحقيق كتلك التي وجدناها عند الأطباء العرب وليس معني ذلك أن يقال أن العرب صاغوا قواعد المنهج التجريبي حين نجد استخدامهم لتلك القواعد في بحوثهم الطبية بل يكتفي بالقول ان الأطباء العرب اهتموا في تلك البحوث الطبية بالملاحظة العامة.) (3) *
وعموما فقواعد المنهج العلمي مضمرة في أبحاث أطباء العرب العلمية . فابن بطلان البغدادي (تـ444هـ ) أشار إلي أن أطباء العرب التزموا في عملهم بالاستقراء العلمي وممارسة التشريح الذي اتقنة ابن بطلات تماما. (1)
5- علم الكيمياء :
كان للمصريين القدماء دور بارزا في إقامة الدعائم الأولى لعلم الكمياء ، ولقد تسلم هذا التراث الكيميائي المصري اليونانيون والرومانيون ، ولم يعملوا علي ترقيتة بل ان الكيمياء تحولت علي أيديهم إلي خرافات وشعوذات ، وبذلك تقهقرت الكيمياء علي أيديهم إلي الخلف بدلا من أن تتقدم إلي الأمام فلقد كان جل همهم تحويل المعادن الخسيسة كالحديد إلي ذهب او فضة بواسطة مادة غامضة تسمي حجر الفلاسفة . ولقد ترك اليونانيون والسريان بعض المؤلفات الكيماوية، مثل مؤلفات دومسيوس وبليناس الطولوني ، وليس لتلك المؤلفات قيمة في مجال الكيمياء لأنها عبارة عن فروض نظرية وتحليلات فكرية. (2) واختلطت الكيمياء اليونانية في الإسكندرية بالتراث الكيماوي المصري ، وظلت حبيسة الفروض والنظريات في موطنها الجديد ، وكان جل همها هو تحويل المعادن الخسيسة إلي ذهب أو فضة ، وبذلك اختطت الكمياء في الإسكندرية بالسحر والشعوذة كما كان حالها في بلاد اليونان . و لأجل ذلك يري بعض الباحثين أنه لم تكن لليونانيين جهود تذكر في تأسيس علم الكيمياء
التجريبي . (3)
التجريبي . (3)
ويعتبر الأمير الأموي خالد بن يزيد معوية أول من أمر بنقل كتب الصنعة أو السيمياء إلي اللغة العربية فلقد أمر مجموعه من المترجمين بنقل كتب السيمياء من اليونانية ، فترجموها له ، وبذلك يستطيع أن يعرف كيفية تحويل المعادن الخسيسة إلي ذهب أو فضة ، وبذلك يغني أصحابه الذين التفوا حوله . وعلي هذا النحو كانت الكيمياء العربية مختلطة بالسيمياء مثلما إختلط علم الفلك عند العرب بالتنجيم ، وهكذا إختلط العلم بالخيال ، مما جعل بعض الباحثين يزعم أن الكيمياء العربية مجرد إعادة عرض لما قام به الكيميائيون اليونانيون في الإسكندرية بل أن بحوثهم الأصيلة نفسها قامت علي أساس الدراسات الكيماوية السكندرية . (1)
مما لاشك فيه أن العرب اشتغلوا بتحويل المعادن الخسيسة إلي ذهب أو فضة بواسطة حجر الفلاسفة إلا أن هذا الوهم لم يسيطر عليهم كثيرا بل إنهم ما لبثوا أن ابتكروا المنهج التجريبي واستخدموه في أبحاثهم الكيمائية . وعلي هذا النحو لم يكن العرب مجرد نقلة لتراث اليونان الكيماوي ولم يقفوا عند حفظه فحسب بل إنهم تمكنوا من لفظ ما هو زائف منه ، وإبتكروا ما لايعرفه اليونانيون معتمدين علي ما استحدثوه من منهج تجربيي ، ومن هذا المنطلق ( يكاد المسلمون يكونون هم الذين إبتدعوا الكيمياء بوصفها علما من العلوم ، ذلك أن المسلمين أدخلوا الملاحظة الدقيقية والتجارب العملية ، والعناية برصد نتائجها في الميدان الذي إقتصر فيه اليونان - علي ما نعلم - علي الخبرة الصناعية والفروض الغامضة.) (2) ولأجل ذلك يري بعض الباحثين أنه إذا كانت الكيمياء ولدت في مصر القديمة وماتت في أيدي اليونان والرومان فإنها عادت لتولد من جديد علي أيدي العرب ، فهم بحق مؤسسوا هذا العلم علي أسس علمية حديثة.(3)
ويري بعض الباحثين أن كيمياء جابر بن حيان (ولد 120 هـ/ 737 م ) إعتمدت علي المصادر القديمة كالحرانية الزرادشتية والسكندرية اليوناينة العقلانية المنطقية والهرمسية والغنوصية إلي جانب التجربية الواقعية العربية . (4) فإذا كان جابر سار علي درب المصريين واليونانيين في مجال الكيمياء لتحويل المعادن الخسيسة إلي ذهب أو فضة بواسطة حجر الفلاسفة الذي بذل قصاري جهده للحصول علية . فإنه أدراك مع ذلك أهمية التجربة في ترقية هذا العلم نظريا وعلميا . (5)
أن جابر ما كان يقبل رأيا إلا اذ تأكد من صحتة بواسطة التجربة ، فهو يشير إلي أن قارئ مؤلفاته يجب أن يعلم (أن في هذه الكتب – يشير هنا إلي "الكتب التي بحث فيها خواص الأشياء خواص ما رأيناه فقط - دون ما سمعناه أو قيل وقرأناه- بعد أن امتحناه وجربناه ، فما صح أوردناه وما بطل رفضناه واستخرجناه نحن أيضا وقايسناه علي أقوال هؤلاء القوم .)(1) ولقد استخدم جابر المنهج العلمي الحديث بكل خطواته قبل ديكارت وبيكون في أعماله الكيمائية ، ويشتمل هذا المنهج علي ثلاثة خطوات علي النحو التالي ( الأولي – أن يستوحي العالم مشاهداته فرضا يفترضه ليفسر الظاهرة المراد تفسيرها ، والثانية أن يستنبط من هذا الفرض نتائج تترتب عليه من الوجهه النظرية الصرف ، والثالثة أن يعود بهذه النتائج إلي الطبعة ليري هل تصدق علي مشاهداته الجديدة ، فإن صدقت تحول الفرض إلي قانون علمي يركن إلي صوابه في التنبؤ بما عساه أن يحدث في الطبيعة لو أن ظروفا بعينها توافرت.) (2) وبفضل هذا المنهج العلمي خالف جابر رأي أرسطاطاليس في تكوين الفلزات وانتهي إلي نظريه أخري تتفق مع الحقائق العلمية المعروفة في تلك الآونة ( فكان أرسطو يقول بحالة وسطي بين عنصري النار والتراب ، هي حالة الدخان ، تتكون من تحول التراب إلي نار . ويقول كذلك بحاله وسطي بين الماء والهواء ، وهي القوام المائي ، تتكون من تحول الماء والهواء هي القوام المائي ، تتكون من تحول الماء إلي هواء . ومن تفاعل هاتين الحالتين في باطن الأرض تحدث الفلزات . الا أن جابر بن حيان خالف هذه النظرية ، وقال بأن الفلزات لاتتكون من هاتين المادتين مباشرة ، بل إنهما يتحولان أولا إلي عنصرين جديدين . فالقوام الدخاني يتحول إلي كبريت ، والقوام المائي إلي زئبق ، وبإتحاد الزئبق والكبريت في باطن الأرض تتكون الفلزات . وقد فسر اختلاف الفلزات بأنه ناتج عن اختلاف نسبة الكبريت فيها ، لاختلاف قربها ومواضعها من حرارة الشمس الواصلة إليها . فكان ألطف تلك الكباريت وأصفاها وأعدلها ، الكبريت الذهبي ، فلذلك إنعقد به الزئبق عقدا محكما معتدلا ولاعتداله قاوم النار وثبت فيها فلم تقدر علي إحراقه كقدرتها علي احراق سائر الأجساد.) (3) وهكذا تجاوز جابر كيمياء اليونانيين معتمدا علي التجربه والمعمل ، فكانت اكتشافاته وانجازاته الكثيرة لأجل ذلك قيل أن جابر ( جبر العلم ) حيث أعاد تنظيمه وأقامه علي أساس ثابت وسليم . (4)
6-علم الأرصاد الجوية :
علم الأرصاد الجوية أو علم الآثار العلوية والسفلية كما يسميه العرب يدرس التفسير الطبعيي لكل ما يحدث في الجو وعلي الأرض وفي باطنها من ظواهر طبيعية. ولقد ترك أرسطاطاليس مؤلفا بهذا العنوان قام العرب بنقله إلي العربية ضمن ما نقل من مؤلفات أرسطاطاليس إلي العربية . وقام بعض العرب بعمل بعض التلخيصات والشروح والتعليقات لهذا الكتاب مثل يوحنا بن البطريق والفارابي وابن رشد و ابن الهيثم .
ومن بين الظواهر التي يدرسها علم الميتورولوجيا ظاهرة المد والجزر . ولقد تناول تفسير هذه الظاهرة الكندي ( تـ 256 هـ / 870م ) في إحدي رسائله المعنونة بـ (في العلة الفاعلة للمد و الجزر ) ، والكندي في هذه الرسالة لا يقبل احدي المعلومات التي وردت إلية من طريق أرسطاطاليس إلا بعد إجراء التجربة عليها حتي يتأكد من صحة هذه المعلومة الأرسطاطاليسيه، وذلك لأنه يعتقد أن معيار الصدق ( أن الشيء إذا كان خبرا عن محسوس لم يكن نقضة الا بخبر عن محسوس ولاتصديقه إلا بخبر عن محسوس .) (1)
يشيرالكندي في رسالته عن المد والجزر إلي أن الأجسام إذا حميت عظمت واذا بردت صغرت ، وكذلك تكون العلة الكامنة وراء حمي الأرض والماء والهواء حركة الأشخاص العالية أي الكواكب والأجرام السماوية بالإجمال. ومن الثابت أن هذه الكواكب وتلك الأجرام اذا تحركت علي شيء أحمتة ويقرر كذلك أن الأشياء المتحركة حركة سريعة لاسميا تلك التي تحمي حميا ظاهريا للجسم تلك الأشياء تحمي من الهواء ما قرب منها ، وهذا نفس ما يحدث لبعض الأدوات التي يلعب بها الأطفال وتسمي الجذاريف فإنها تحمي ومن يدنو منها يجد حرارتها بينة.(2) ويقرر الكندي ذلك من خلال دراستة للواقع لا من خلال نظريات مجردة . ويشير الكندي لتفسير أرسطاطاليس لهذه الظاهرة بقوله ( وقد ذكر أرسطاطاليس ، فيلسوف اليونانيين أن نصول السهام اذا رمي بها في الجو ذاب الرصاص الملصق بها ، الموصول بالنصول فأما نحن فإنا ظننا أن الحكاية عنة زالت بعض الزوال .) (3) وهكذا إبتعد أرسطاطاليس عن الحقيقة لأنه إعتمد علي القياس والإستنباط لا التجربة ليتأكد من صحة رأيه .
ويذكر الكندي في رسالته حقيقة ما يجري من خلال تجربة قام بها حيث بين لماذا يختفي الرصاص الموجود حول نصول السهام ؟. يقول ( لأن ذوب الرصاص الممسك لأجزاء الحديد المولد لها لا يذوب ، إذا كان في نار المدة التي للسهم أن يخرق بها الجو لغزا وليس يمكن أن يحمل الهواء بقدر أشد من أن ، يصير نارا . وأيضا أن السهم ، بخرقه للهواء في كل حال ، يمارسه هواء جديد .) (1) وهكذا جانب أرسطاطاليس الحقيقة لأن الهواء لا يملك من النار ما يمكنه من أن يذيب الرصاص الموجود حول نصول السهام ولأجل ذلك أجري الكندي التجربة التالية لتظهر له حقيقة الأمر . يقول الكندي ( وقد جربنا هذا القول لأنه كان عندنا ممكنا ، لكن لنصنع التجربة بهاته المحنة فأن الشيء إذا كان خبرا عن محسوس لم يكن نقضة الا بخبر عن محسوس ، ولا تصديقه إلا بخبر عن محسوس . فعملنا آلة كالسهم ، موضع نصلها كرة من قرن وثقبناها إلي الكرة موازين لطول السهم وأمكنا بواطن الثقب برصاص دقيق ، ثم رميناها في الهواء عن قوس شديدة ، فوقعت السهام إلي الأرض ولا رصاص فيها . وليس بمدفوع أن يكون جري الهواء في تلك الثقب بالحفز الشديد ، فقشر الرصاص وقلعه من غير إذابة، لأنا وجدنا رائحة ما تحول تلك الثقب برائحة القرن الذي قد مسته النار .) (2) * بهذه التجربة توصل الكندي إلي أن الرصاص لم يذب ولكن الهواء قلعه وقشره من غير إذابة واستدل علي ذلك من رائحة القرن الموجود حول الثقب .
ويحذر عمر بن بحر أبي عثمان الجاحظ (تـ255 هـ ) معاصريه من الاعتماد علي كتاب الآثار العلوية لأرسطاطاليس بسبب فساد كثير من الآراء الموجودة في هذا الكتاب . يقول الجاحظ ( وزعمتم أنكم وجدتم ذكر الشهب في كتب القدماء من الفلاسفة ، وأنه في الآثار العلوية لأرسطاطاليس ، حيث ذكر القول في الشهب ، مع القول في الكواكب ذوات الذوائب ، ومع القول في القوس ، والطوق الذي يكون حول القمر بالليل . فان كنتم بمثل هذا تستعينون وإليه تفزعون ، فإنا نوجدكم من كذب التراجمة وزياداتهم ومن فساد الكتاب ، من جهة تأويل الكلام ، ومن جهة جهل المترجم بنقل لغة إلي لغة ، ومن جهه فساد النسخ ، ومن أنة قد تقادم فإعترضت دونه الدهور والأحقاب ، فصار لايؤمن عليه ضروب التبديل والفساد وهذا الكلام معروف صحيح.)(1) وذلك يعني أن إسهامات العرب في مجال الآثار العلوية لاتقف عند الترجمة لأعمال اليونانيين أو حفظها من الضياع فحسب بل أنهم نقدوا آراء اليونانيين في ضوء المنهج العلمي الذي اهتدوا إليه، وأضافوا كذلك لآراءهم إضافات هامة ساعدت علم الآثار العلوية ( الميتورولوجيا ) علي الرقي والتقدم . *
ويسير ابن رشد في عرضه لموضوعات كتاب الآثار العلوية لأرسطاطاليس علي نهجه ، ولكنه أثناء شرحه لهذه الموضوعات يضيف بعض إجتهاداته الخاصة التي تعتمد علي الملاحظة والمشاهدة وفيما يلي سنشير إلي بعض إجتهاداته ابن رشد الواردة في تلخيصة وشرحة لكتاب الآثار العلوية :
1- يشير ابن رشد إلي أن أحد الآراء التي تفسر وجود المجرة فاسد ، وهو رأي الإسكندر الأفروديسي الذي زعم أن جنس المجرة من جنس ذوات الأذناب ، ويري ابن رشد أن زعم الإسكندر أن المجرة ليست دخانا ملتهبا باستطالة الفلك، رأي غير مطابق للواقع المشاهد . فالقائمون علي المراصد في شتى أنحاء الدولة الإسلامية الذين يهتمون برصد المجرات لم يرصدوا ذلك ، فهذه الظاهرة لم تحس بعد . (2)
2- بالنسبة لظاهرة الضباب يبين أنة يكون من الهواء الرطب إذا برد وهذا يبدوا واضحا في الحمامات ، وتلك المشاهدة ذكرها أرسطاطاليس - علي نحو ما يذكر ابن رشد - ولكن ابن رشد يضيف مشاهدة أخري تؤكد صحة تفسير كون هذه الظاهرة ، وهي أن ذلك يحدث في معامل الصيادلة والكيميائيين أثناء عمليات التقطير التي يقومون بها لتحضير الأدوية . (1)
3- وفيما يتعلق بالمواضع الممكن سكناها وعمارتها ، فإن ابن رشد يقارن بين الآراء المختلفة التي تتناول هذه المسألة ويرجح اقربها إلي الحس . يقول (نقول أن أرسطو وجملة المشايئن يزعمون أن المواضع الممكنة عمارتها من الأرض من جهة الشمس هي ما عن جنبتي مداراتها من الجهتين الشمالية والجنوبية وأن ما تحت معدل النهار وما يقرب منه لا يسكن لافراط الحر هنالك وكذلك أيضا يرون أن ما بعد جدا عن مدارات الشمس إلي الجهتين الجنوبية والشمالية لا يسكن لإفراط البرد وأما بطليموس ومن تبعه من أصحاب التعاليم فإنهم يرون أن العمارة ممكنة تحت معدل النهار إلي ما يجاوزه من جهة الجنوب يقدر ما لا يمر به من جهة حضيض الشمس وهو الموضع الذي يسمونه بالطريقة المحترقة وأما ابن سينا فقد تبعهم علي هذا الرأي ويري أن ذلك الموضع أعني ما تحت معدل النهار أعدل الأقاليم وزعم أن قول المشائين مخالف لما يوجد حسا و قياسا .) (2) وهكذا تابع ابن سينا رأي بطليموس لان رأي الأخير مخالف للواقع والقياس . ويسير ابن رشد علي نهج ابن سينا ، فيذكر أنه يظهر للحس أن أعدل الأقاليم لعمارة الإنسان والحيوان والبنات الأقليم الرابع والخامس ( وذلك من جهة التسخين الذي سببه الإنعكاس والإنعطاف واماما عدا هذين الإقليمين إما إلي جهة الجنوب فمفرط في الحر ، وإما إلي جهة الشمال فمفرط في البرد .) (3)
4- حدد أرسطاطاليس علة الزلازل بأنها البخار الدخاني الذي يحتبس في الأرض فلا يستطيع أن ينفذ إلي الخارج مما يترتب علية حدوث الزلازل . ولقد أبلغ بعض المعاينين أرسطاطاليس أن ذلك حدث في بعض الجزر اليونانية ، حيث ذكر له أنه عند حدوث الزلزلة تخرج ريح شديدة ورماد كثير وتحرق الأرض. أما ابن رشد فيذكر أنه حدثت زلزلة في بلاد الأندلس عام 566 هـ ، ولم يكن هو موجودا في قرطبة ولكنة عندما وصل سمع أصواتا تقدم حدوث الزلزلة ، واستمرت الزلزلة دون انقطاع لمدة ثلاث أعوام وصاحبها هدم وتخريب وانشقت الأرض وخرج منها ما يشبة الرماد والرمل . وأشار ابن رشد إلي أنه قبل حدوث الزلزلة بندر بحدوثها آثار من الضباب وتظهر سحابة مستطيلة في الجو تتكون هذه السحابة إما بذاتها أو بالعرض. (1) نستنتج من كلامه أنه إما حدثت أكثر من زلزلة أو أنه حدثت توابع للزلزلة الأولي – وهذا التفسير الأرجح – استمرت ثلاثة سنوات نتيجة لضعف القشرة الأرضية ، ويدل علي شدة الزلزلة أن ابن رشد شاهد بنفسه الأرض تتشقق ويصاحبها دمار وخراب عظيم . وتلك المشاهدة المقصودة للظاهرة وتفسيراتها تجعل ابن رشد من الباحثين المحدثين .
5- تحدث الصاعقة إما من جوهر لطيف هوائي أو من بخار دخاني أرضي . وبالنسبة للعلة الثانية يقول عنها ابن رشد ( وأما ما كان منها عن الدخان الأرضي فإنه يجرق كل ما يمر به حتي حكي المشاءون وأن الصاعقة التي أصابت الهيكل بقي موضع نزولها مدة ما يصعد منه دخان كثير.) (2) ولم يقلد ابن سينا وابن رشد هذا الرأي المشائي بل امتحنوه حتى يثبت لهم إن كان صحيحا أم لا . يقول ابن سينا ( تقع أنه يبلغ من أرضية هذا الدخان في بلاد خراسان وبلاد الترك أنه يوجد في المواضع التي تقع فيها الصواعق أجساما شبيهة بالحديد والنحاس وأنه تكلف إذ أنه نصل منها لم يمكنه بل كان يتحلل ويستحيل دخانا حتي فني. ) (3) وهكذا لا يسلم ابن سينا برأي أرسطاطاليس إلا بعد أن أثبتته المشاهدة. وأما ابن رشد فإنه يشير إلي أنه لم يشاهد ذلك ، ولم يقرأ هذا الرأي لأحد المشائيين ، ولعله رأي منحول عليهم ، ويستطرد قائلا ( ولكن حكي ابن حيان أن حجرا عظيما وقع في الكبنابية بقرطبة ملتهبا نارا في وقت صحوا وأنه رأي هذا الحجر وهو كبريتي الرائحة في طبيعيته النشادر وهو غير بين . ) (4) نستنتج من ذلك أن ابن رشد لم يأخذ بحاكية حكيت له لأن المشاهد التي قام بها لم تصل إلي ذلك . وعلي هذا النحو لم يقبل كل من ابن سينا وابن رشد قول المشائيين ما لم تصححه المشاهدة أو البرهان .
7- علم الطبيعة :
درس الإنسان منذ القدم الطبيعة لرغبته في السيطرة عليها والاستفادة منها ، ولقد ساهم اليونانيون في دراسة الطبيعة ، فكانت نظرياتهم وآراءهم في هذا المجال فلسفية ميتافيزيقية استنباطية . ووبالرغم من ذلك حفظ العرب هذه الآراء وبخاصة آراء أرسطاطاليس الطبيعية الواردة في كتابه المسمي ( الطبيعة ) ، وشروحوها وزادوا عليها زيادات هامة توصلوا إليها من أبحاثهم و تجاربهم العلمية ، ساعدت علم الفيزياء في نهوضه في العصر الحديث . ولأجل ذلك قيل أن العرب هم الذين أنشأوا علم الطبيعة بمفهومه العلمي الحديث – ولقد اعترف بذلك كثيرا من علماء الغرب مثل ( لبيمان) و( كليمنت موليه ) الذين نشروا كثيرا من أبحاث علماء العرب وبخاصة البيروني في علم الفيزياء (1).
ولم يتلقي ابن الهيثم ( تـ 432 هـ / 1047 م ) الذي يعد من أفضل علماء الطبيعة العرب أفكار فلاسفة اليونان أرساطاليس وجالينوس وأقليدس وبطليموس وغيرهم في الرياضيات والطبيعيات علي أنهما مسلمات يجب التسليم بهما بل أنه رفض التسليم بهذه الأفكار مالم تثبت التجربه صحتها ، لأجل ذلك شك فيما يتلقاه من نظريات اليونانيين ، وكان شكه شكا منهجيا – سابقا في ذلك ديكارت - يهدف إلي الوصول إلي الحقيقة . ومن هذا المنطلق إنتقد نظريات بعض المشهورين من اليونانيين كأقليدس وبطليموس . لأجل ذلك نجده يضع مؤلفات بهذه العناوين : (الشكوك علي إقليدس ) ، ( الشكوك علي بطليموس ) لينبه علماء العرب لما يعتري هذه المؤلفات من أغاليط إتخذت أساسا لكثير من النظريات التي يجب هدمها واستبدالها بنظريات جديدة تطابق الواقع .
ويذكر ابن الهيثم في مؤلفه ( الشكوك علي بطليموس ) كثيرا من الأغاليط التي وقع فيها بطليموس ، ويشير ابن الهيثم في بداية كتابه أنه يطلب الحق فحسب ، أي أنه يريد الوصول إلي الحقيقة ، وهذا عنده أمر عسير بسبب إختلاط الحقائق بالشبهات ، ولأن الناس يحسنون الظن بالعلماء الذين لا يصيبون علي الدوام بل أنهم يخطئو في بعض آرائهم ، لأجل ذلك يري ابن الهيثم أن السابقين قد يعتري آرائهم الضعف والخلل وهذا أمر طبيعي لأنه ( ما عصم الله العلماء عن الزلل ولا حمي علمهم من التقصير والخلل . ولو كان ذلك كذلك لما اختلف العلماء في شئ من العلوم – ولا تفرقت آراؤهم في شئ من حقائق الأمور ، والوجود بخلاف ذلك .) (1)ومن هذا المنطلق من الضروري علي طالب الحقيقة أن يشك في كل ما يصل إليه من أقوال السابقين ، ويجعل نفسه خصما موضوعيا لها حتي يصل إلي الحقيقة . وبعد تمحصه وتفحصه آراء بطليموس وجد أن منها ما يتفق مع الواقع ومنها ما يخالفه ، فبين ما فيها من أغاليط وخلل ( لأن في الإمساك عنها هضما للحق ، وتعديا عليه وظلما لمن ينظر بعدنا في كتبه في سترنا ذلك عنه . ووجدنا أولي الأمور ذكر هذه المواضع . وإظهارها لمن يجتهد من بعد ذلك في سد خللها ، ويصحح معانيها بكل وجد يمكن أن يؤدي إلي حقائقها . ) (2) وهكذا تحري ابن الهيثم إنصاف بطليموس وانصاف الحق منه .
ولقد اتبع ابن الهيئم منهجا علميا استقرائيا في دراساته العلمية في العلوم الطبيعية التي درسها وفي انتقاداته للسابقين عليه . فلقد كان ( يبتدئ في البحث باستقراء الموجودات وتصفح أحوال المبصرات وتمييز خواص الجزئيات و نلتقط باستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار وما هو مطرد لا يتغير ، وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس . ثم نرتقي في البحث والمقاييس علي التدريج والترتيب مع انتفاء المقدمات والتحفظ في النتائج . ونجعل غرضنا في جميع ما نستقربه ونتصفحه استعمال العدل لا إتباع الهوي ونتحري في سائرها تمييزه وننتقد طلب الحق لا الميل إلي الآراء .) (3) ويبدو استخدام هذا المنهج واضحا في نقد ابن الهيثم لبعض آراء بطليموس منبها علي ما فيها من أغاليط . فلقد أخطأ بطليموس في قوله أن المعاني التي يدركها البصر سبعة . يقول ابن الهيثم ( فأما كتابه في المناظر ، فإن فيه مواضع تنتقص عند تحرير المعاني التي ذكرها فيها . إنه يعدد في أول المقالة الثانية من كتابه في المناظر المعاني التي يدركها البصر فيقول / إن البصر يعرف الجسم والعظم ، واللون و الشكل والوضع والحركة والسكون ، وهذه المعاني هي سبعة . وقد بينا في المقالة الثانية من كتابنا في المناظر أن المعاني التي يدركها البصر اثنان وعشرون نوعا ومنها ما هي أجناس تحت كل واحد منها عدة أنواع . فمن جملة ذلك أن البصر يدرك البعد الذي بينه وبين المبصر ، ويعلم أنه بعد ، ويدرك الشفيف في الأجسام المشفة ، ويدرك الكثافة التي هي ضد الشفيف ، ويدرك الظل ، ويدرك الظلمة ، ويدرك التفرق ، ويدرك الاتصال وجميع ذلك مفصل مشروح في المقالة التي ذكرناها ، واقتصاره علي سبعة معان من نيف وعشرين دليل علي أنه غالط وعلي أنه قصر في استقراء المبصرات.) (1)وعلي هذا النحو عاند ابن الهيثم نصوص بطليموس ، وصارت نصوصه علي يديه ظنونا لا اعتقادات يقينية ، وأخذ في التماس أغاليطه والكشف عما تنطوي عليه آرائه من أغاليط . (2) وكل ذلك بهدف الوصول إلي الحقيقة . ويفضل استخدام ابن الهيثم المنهج العلمي الاستقرائي في دراساته في البصريات استطاع دراستها ( علي نحو فارق فيه كل الكتاب السابقين ، وبدلا من أن يلخص حكمة السابقين المتراكمة في هذا الموضوع فقد شرع مفارقتهم للبحث عن كل الحالات الممكنة التي تجعل الرياضيات والاستدلال في خدمة خصائص الضوء والرؤية ، ولقد استخدم في ذلك مجموعة من الأجهزة التجريبية بما في ذلك غرف مظلمة بها فتحات محددة تتحكم في مسار الضوء من خلال أنابيب وغير ذلك ، ومن ثم فإن فكرة التجربة - التي أطلق عليها مصطلح الاعتبار - إنما تنبثق كأداة صريحة منسقة كوسيلة منهجية شاهلة بما في ذلك استخدام يدوي للأدوات المركبة . ) (3)
ومن الموضوعات التي أثارها ابن الهيثم في علم البصريات – في كتاب المناظر – نظرية الورود التي تفسر كيفية حدوث الإبصار . فلقد وجد ابن الهيثم أن القدماء وعلي رأسهم أقليدس وبطليموس أخطأوا في تفسيرهم لكيفية الإبصار أنه يكون بسبب إنبعاث شعاع من العين يقع علي الشئ المبصر ، وأدرك ابن الهيثم بالتجربة العكس أي أن الإبصار يتم بخروج شعاع من الشئ المبصر وعندما يلاقي العين تبصر الشئ .(4) ولقد أشار ابن رشد إلي سبب فساد الرأي الأول بأنه يستتبعه أن الإنسان إذا وضع في حجرة مظلمة فإنه يستطيع الرؤية بفضل ذلك الشعاع الذي ينبعث من العين تجاه الأجسام . ويؤكد إن رشد بذلك صحة تفسيرات ابن الهيثم ويرجحه علي التفسير الأول (1) ولقد تابع البيروني وابن سينا كذلك تفسير ابن الهيثم مخالفين في ذلك تفسير أقليدس وبطليموس . ويري بعض الباحثين ان تفسير ابن الهيثم ومن تابعه ليس تفسيرا هيثميا جديدا بل أنه تفسير يوناني قديم . فلقد ترك اليونانيون ثلاثة نظريات في الإبصار : الأولي نظرية أرسطاطاليس ، والتي نجدها عند الفيثاغورين السابقين عليه ، وتنص علي أنه عندما ترسل العين أشعتها علي الجسم تتم رؤية الجسم ، والثانية نظرية أمباذوقليس ، وتبين أن الإبصار يتم بسبب أشعة مزدوجة تنبعث من العين والجسم معا ، والثالثة نظرية أبيقور ، وعنده الجسم هو الذي يرسل اشعة للعين في جميع الإتجاهات فتكون الرؤية . ولقد رجح ابن الهيثم النظرية الثالثة علي الأولي والثانية ، وخالف بذلك أقليدس وبطليموس الذين تابعوا النظرية الأولي . ومن هذا المنطلق عده هذا الفريق من الباحثين أحد عظماء البصريات علي مر التاريخ الذي ظلت نظريته تدرس حتي القرن التاسع عشر.(2) وفي المقابل يري فريق آخر من الباحثين – وهذا هو الرأي الصائب – أن ابن الهيثم في بحوثه في علم البصريات اتخذ طريقا جديدا لم يطرقه السابقون عليه ، وأن كان استفاد من آرائهم إلا أنه أعادها من جديد حيث نظر فيها نظرة جديدة لم يسبقه أحد إليها.(3)
· علم الحيل ( الميكانيكا) :
يعتبر علم الميكانيكا مدخلا لجميع فروع علم الفيزياء ويطلق عليه العرب علم الحيل ، وهو يدور حول دراسة عمل الآلات بنفسها أو بالقوة كآلات الرفع والجر ، وله دور أساسي لفهم الظواهر الطبيعية لأنه يعني بدراسة حركة الأجسام وتغير مواضعها . ولقد نقل العرب المؤلفات اليونانية التي تتناول هذا العلم مثل كتاب الثقل والخفة لأقليدس ، وكتاب آلة ساعات الماء التي ترمي بالبنادق لأرخميدس ، وكتاب حمل الأثقال لأهرن ، وكتاب آلة الزمر البوقي ، وكتاب الدواليب لمورطس ، وكتاب الحيل الروحانية ، وكتاب رفع الثقل لايرن ، وكتاب الآلات المفرغة للهواء والرافعة للمياه لهيرون السكندري وغيرها . ويضاف إلي ذلك كتاب الطبيعة لأرسطاطاليس وكتاب الميكانيكا له ايضا ولقد استفاد العرب من كل هذه المؤلفات وأضافوا إليها إضافات كثيرة ، ويدل علي ذلك ما قاموا باختراعه من آلات ، التي برعوا في تصميمها وصناعتها واستخدامها .(1) وما تبقي من هذه الآلات يدل علي تفوقهم في علم الميكانيكا ، ويشهد علي ذلك ما يوجد من وصف لها في مؤلفاتهم .(2)
· الثقل النوعي :
قام بعض علماء العرب بحساب الثقل النوعي ( الكثافة ) لكثير من العناصر والمركبات ، ومن هؤلاء الرازي وابن سينا والبيروني والخازن وغيرهم. ولقد استخدم علماء العرب في ذلك قانون أرخميدس ليعرفوا مقدار الذهب والفضة في سبيكة ممزوجه منهما من غير حلها . (3) وقدر علماء العرب كثافة كثيرا من الأجسام غير القابلة للذوبان في الماء تقديرا يتلائم مع تقديرات العلم الحديث ، معتمدين في ذلك علي قانون أرخميدس في الأجسام الطافية علي سطح الماء ، وينص علي أن (كل جسم يغمر في الماء يتلقي ضغطا بما عموديا من أسفل إلي أعلي ، يوزاي وزن الماء الذي حل محله .) (4) ولقد قام البيروني بحساب كثافة ثمانية عشر عنصرا ومركبا ، وحساباته تقارب الحسابات الحديثة تقريبا ، فلا يوجد بينها سوي فروق بسيطة ، وكان يستخدم البيروني في حسابه لكثافة الأجسام الصلبة والسوائل ميزانا خاصا سماه الميزان الطبيعي (5).
· المغناطيسية :
يعتبر اليونانيون أول من عرف ظاهرة المغناطيسية أعني جذب المغناطيس برادة الحديد ، وأول من أشار إليها من اليونانيين طاليس( 624 – 550 ق.م ) الذي أشار إلي أن حجر المغناطيس وحجر الكهرمان يجذب كل منهما إليه برادة الحديد.(1) . وعلة ذلك أنه لما كان العالم مملوء بالآلهة ، ففي داخل حجر المغناطيس إله يجعله يجذب إليه برادة الحديد *. ويري ابن سينا في المقابل أن سبب جذب المغناطيس برادة الحديد قوة جاذبة أوجدها الله تعالي في المغناطيس . يقول ابن سينا ( الجهال من الطبيعيين ومن يتشبه بهم يأخذون في طلب علة لوجود هذه الخاصية مستفادة من العناصر كما أنهم يطلبون أيضا أن يخيل لهم قوة وكل طبيعة حتي تصير مرتسمة في القوة المصورة . وكلا الطلبين محال .. ثم إن سئلوا بعد هذا أنه لم كان هذا الجسم حارا بدون البارد ولم يكن جوابهم إلا الجواب الإلهي إرادة الصانع هكذا إقتصت ..)(2) ويسخر الطبيعيون من هذا التفسير ، فيشير ابن سينا في موضع آخر إلي أن الطبيعين يسخرون ممن يري أن سبب وجود القوة الجاذبة في المغناطيس إرادة الصانع عند استعداد المادة (3) ويسير علي نفس منوال ابن سينا القزويني ( ت 682هـ/ 1283م ) الذي يفسر هذه الظاهرة بقوله ( فالحديد طائع لهذا الحجر بسبب قوة خلقها الله تعإلي فيه ولا يزال ينجذب إليه كالعاشق إلي المعشوق) (4) وهكذا تكون قوة جذب المغناطيس برادة الحديد خلق من خلق الله تعإلي خلقها مثلما خلق غيرها من مخلوقاته . وينسب إلي العرب استخدام الأبرة المغناطيسية ( البوصلة ) ولكن بعض الباحثين ينسبونها إلي الصينيين . وعموما فالعرب هم الذين طوروها وبلغوا بها درجة الكمال واستخدموها في رحلاتهم وأسفارهم البحرية (5).
· الأرض مركز العالم :
كان يسود الفكر اليوناني القديم تياران بصدد مسألة كون الأرض أو الشمس مركز العالم . التيار الأول نادي به أسطارخوس الذي يري أن الشمس مركز العالم وما عداها يدور حولها ، والتيار الثاني نادي به هيبارخوس الذي أشار إلي أن الأرض مركز العالم وماعداها من كواكب يدور حولها . ولقد رفض أرسطاطاليس الرأي الأول وإعتنق الثاني فزعم أن الأرض مركز العالم وهي بدورها ثابتة (1). ونادي بهذا الرأي أيضا بطليموس الذي زعم أن الأرض ثابتة وأنها مركز النظام الشمسي حيث تدور الشمس نفسها والكواكب كلها حول الأرض.(2) ولكن ابن الهيثم رفض هذا الرأي ، ووضح ذلك في مقالته ( في هيئة العالم ) وعلي يديه أصبحت الأفلاك والكواكب الأخري أجساما . وقرر ابن الهيثم ( أن الواقع لا يثبت صحة تلك النظرية ، وعنده إذا كانت تلك الحركات التي تثبتها نظرية أرسطاطليس وبطليموس للأفلاك و الكواكب الأخري ملائمة للواقع . علينا أن نأخذ بها ، ولكن الواقع يثبت عكس ذلك ، وبذلك أجاز ابن الهيثم استبدال النظرية الفلكية الحديثة بالنظرية الفكلية القديمة قبل كوبرنيق (1473 - 1543م ) ( بل هو قد أجاز الموقف الذي يقفه علم الطبيعة الحديثة في الوقت الحاضر إزاء نظرية الكم والنظرية الموجبة مثلا .) (3) وبذلك خالف ابن الهيثم نظرية مركزية الأرض وقال بأن الشمس هي مركز العالم وأيد ذلك ببراهين تؤكد صحة ذلك . ولكن يقلل بعض الباحثين من قيمة ما فعله ابن الهيثم حيث يشيرون إلي أنه إذا كان أرسطاطاليس ومن تابعه أيدوا رأي هيبارخوس ، فأن كل ما فعله ابن الهيثم انه أيد الرأي المقابل – أي أرسطارخوس – الذي نادي بأن الشمس مركز العالم .
· علم الرياضة :
لقد أدلي أصحاب الحضارات القديمة كالمصريين والبابليين والهنود والصينيين واليونانيين بدلوهم في مجال الرياضيات وكانت إسهاماتهم قليلة . ولقد كانت السمة الغالبة علي الرياضيات اليونانية الجانب النظري لأجل ذلك تفوق اليونانيون في الهندسة ، ويبدو ذلك واضحا في مؤلفات إقليدس وأبولونيوس . لكن العرب لم يقفوا عند ذلك الجانب النظري بل إنهم اهتموا بتطبيق نظريات الهندسة اليونانية إلي جانب اهتمامهم بالجانب النظري لها للمعلم بعامة . ولقد كان الجبر والحساب علمين بدائيين عند اليونان ، وكان نظام الأرقام الرومانية ثقيلا مركبا ، وجاء العرب فهذبوا هذا التراث ، وزاوجوا بين إسهامات اليونان وإسهامات الهنود حيث خلطوا بين الهندسة اليونانية والحساب الهندي وابتكروا من ذلك فروعا جديدة من الرياضيات أثارت دهشة و إعجاب علماء العرب . (1)
· علم الهندسة
اطلع العرب علي مؤلفات الهنود والفرس واليونان في مجال الهندسة ، وذلك بعد ترجمتها إلي اللغة العربية ، وبخاصة المؤلفات اليونانية منها . ومن المؤلفات اليونانية التي اطلعوا عليها ، أعمال أبولونيوس ، وأقليدس وديوفانتس ، هيرون ، وبابوس ، وأرشميدس وغيرهم . ومما هو جدير بالذكر أن اليونانيين أنفسهم تأثروا بدورهم بتراث المصريين القدماء في الهندسة . ولكن ما أضافه اليونانيون إلي علم الهندسة جعله ينسب إليهم كما ينسب علم الجبر وعلم حساب المثلثات إلي العرب . ويري بعض الباحثين أن العرب لم يزيدوا شيئا علي كتاب أقليدس ( المبادئ أو الأركان ) ، فقد ظلت هندسة أقليدس هي السائدة حتي القرن التاسع عشر حتي ظهور الهندسة اللا أقليدية كهندسة ريمان ( تـ 1866 م ) فعلم الهندسة بذلك معجزة يونانية ، حيث اكتمل نموه وصار علما مستقلا علي أيديهم (2) وبذلك يكون دور العرب في تأسيس علم الهندسة مقصور علي المحافظة علي تراث اليونانيين حتي أوصلوه إلي الأوربيين الذين إنطلقوا من هذا التراث في تأسيس علم الهندسة الحديث .
ولكن العرب في الواقع أضافوا إضافات هامة لعلم الهندسة ، فلقد خلقوا من علم الهندسة القديم علما جديدا يحتوي علي ابتكارات لم تكن موجودة عند القدماء . فلقد جمعوا بين الهندسة والجبر حيث استخدموا الجبر في حل بعض المسائل الهندسة والعكس ، ولهم الفضل كذلك في وضع أسس الهندسة التحليلة التي تبدأ منها الرياضيات الحديثة ، ومهدوا أيضا لعلم التفاضل والتكامل الذي مهد له من قبلهم اليونان (1)
ومن علماء العرب الذين برعوا في علم الهندسة نصير الدين الطوسي ( ت 672 هـ) ففي أعماله ( تحرر أصول أقليدس ) و( الرسالة الشافعية ) أشار إلي نقص أقليدس في المتوازيات وحاول البرهنة عليها ، وتبين الأفكار والمسائل الهندسية المطروحة في هذه المؤلفات انه أول من شك في قيام هندسة أقليدس. (2) إذا كان ابن الهيثم في مؤلفه عن المسائل الهندسية تابع أقليدس في كتابه المسمي ( المعطيات ) ، ولذلك قيل أن كتابه متمما لكتاب أقليدس ، إلا أنه يوجد فرق بين مسائله ومسائل أقليدس فمسائل ( كتاب ابن الهثم "مبتكرة غير معروفة لدي القدماء " قائمة علي قضايا مكانية علي حين نري قضايا كتاب أقليدس عادية معنية.) (3) وسخر ابن الهيثم كذلك الهندسة المستوية والمجسمة في بحوث الضوء . ولقد استفاد البيروني من التراث الهندسي الهندي والفارسي واليوناني في ما وضعه من نظريات في مؤلفه ( استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحني فيها ) الذي يستهله بقوله ( وقفت علي ما استعملتينه من السبب الداعي إياي إلي الولوع بتصحيح دعوي لقدماء اليونانيين في انقسام الخط في كل قوس بالعمود النازل عليه من منتصفها والتنفير عن خواصه حتي نستبين لأجله .. ) (4) ولم يقف البيروني عند براهين اليونانيين بل إنه أضاف لهم إضافات هامة ، فلقد ابتكر في هذا المؤلف برهان جديد لمساحة المثلث بدلالة أضلاعه وهو غير برهان هيرون الرياضي السكندري .
· علم الجبر :
ساهم المصريون والبابليون والهنود واليونانيون في وضع البدايات الأولي لعلم الجبر ، فلقد استخدم المصريون الرموز في التعبير عن القيم العددية ، ولم يفطن إلي ذلك اليونانيين ، وكان لاستخدام تلك الرموز أثرا كبيرا في تقدم علم الجبر والرياضيات بعامة . وعرف المصريون كذلك معادلات جبرية من الدرجة الثانية ، ولقد كان اليونانيون يحلون تلك المعادلات الجبرية بطرق هندسية عسيرة ، وكانوا يخلطون أيضا الجبر بالهندسة ، وكان الهنود يخلطونه بدورهم بالحساب. (1) وعموما ما وصل إلي العرب من طريق الهنود واليونانيين يعد ( وجه من أوجه الحل في الحساب ، من غير إسم لها خاص بها ، إلي المعادلة العامة التي هي أهم المعادلات كلها وأساس علم الجبر.) (2)
لقد نقل العرب في مجال علم الجبر من اليونانيين كتابين أحدهما لابرخس – القرن الثاني قبل الميلاد - والثاني لديوفانتس -القرن الثالث الميلادي –وما يوجد في هذه المؤلفات يعد جبرا بدائيا لا يعتد به ، وعموما فإن العرب عندما ذاوجو بين الهندسة اليونانية والحساب الهندي استطاعوا خلق علم الجبر . فلقد استفاد الخوارزمي ( ت حوإلي 847م ) من ذلك التراث الذي ورثه العرب عن القدماء ، وقام بتصحيحه وتهذيبه وأضاف إليه كثيرا من الإضافات . ولقد صنع ذلك في مؤلفه ( الجبر والمقابلة ) الذي ضمنه إسهاماته في علم الجبر ، تلك الإسهامات التي ساعدت علم الجبر الحديث في نهوضه ولأجل ذلك قيل أن الخوارزمي مؤسس علم الجبر الحديث *
· علم الحساب :
لقد اعتمد العرب في علم الحساب علي التراث الهندي واليوناني . ولقد عرف العرب الحساب الهندي عندما حضر إلي بغداد رجل هندي معه كتاب في الحساب . وأخذ العرب عن التراث الهندي ( نظام الترقيم . وكان عند الهنود أشكال عديدة للأرقام ، فهذبها العرب وكونوا منها سلسلتين ، عرفت أحداها بالأرقام الهندية * ، وهي المستعملة في الأقطار العربية والإسلامية ، وفيها استعملت النقطة لتدل علي الصفر ، وعرفت الأخري بالأرقام الغبارية ** ، وفيها استعملت الدائرة O لتدل علي الصفر وهذه الأخيرة انتشرف في المغرب والأندلس ، ومنها دخلت إلي الأقطار الأوربية ، وسميت من ثمة بالأرقام العربية . ومن أهم مآثر العرب في الرياضيات طريقة الإحصاء العشري ، واستعمال الصفر لنفس الغاية التي تستعمل الآن . ومن مزايا هذا النظام أنه يقتصر علي تسعة أعداد وصفر . في حين كانت الأرقام اليونانية والرومانية القديمة القائمة علي حساب الجمل ، تشتمل علي عدد من الأرقام بقدر عدد حروف الهجاء.) (1) وعندما نقل نظام الأعداد العربية إلي الغربيين ساعدهم علي الوصول إلي الكمال في الطرق الأولية للحساب واستخراج الجذور التربيعية والتكعيبية . (2) ولقد استفاد العرب كذلك من علم الحساب اليوناني عن طريق كتاب ( المدخل إلي علم العدد ) الذي نقله ثابت بن قرة ( تـ 900 م ) فعن طريق هذا الكتاب عرف العرب خواص الأعداد وتصنيفها ، والنسب العددية والهندسية والتأليفية ، وتأثروا بالمدرسة الفيثاغورية (3).
ولقد قام العرب بتهذيب هذا التراث الهندي واليوناني ونقحوه واستفادوا منه في حياتهم اليومية . وعموما فلقد استخدم البوزجاني ( 328 – 387 هـ) وغيره من رياضي العرب الأرقام الهندية بدلا من الأرقام اليونانية . وأوجد كذلك ابن يونس - القرن الحادي عشر – قانونا به يمكن تحويل عمليات الضرب إلي عمليات جمع ، وسهل بذلك الحسابات الفلكية ومهد كذلك للوغاريتمات (4).
· علم المثلثات :
عندما ترجمت المؤلفات الفلسفية والعلمية إلي العرب كان من بين ما نقل مؤلفات الهنود واليونان في علم حساب المثلثات . ويري بعض الباحثين أن المؤثرات الهندية هي العامل الحاسم في نشأة علم الفلك وعلم الحساب عندالعرب . ولقد عرف العرب عن الهنود جداول بدائية لجيوب الزوايا ، وعرفوا عن اليونانيين وتر ضعف الزاوية كمقياس لهما ، وعن الهنود نصف هذا الوتر. (1) ولم يولي اليونانيون عنايتهم لعلم المثلثات لذاته بل لأنه يساعدهم في علم الفلك ، ومن اليونانيين الذين إهتموا بهذا العلم إبرخس الذي نسب إليه إختراع هذا العلم وبطليموس . وعندما تلقي العرب إسهامات الهنود واليونان في علم المثلثات فصلوه عن علم الفلك ، ونظموا معارفه وأضافوا إليه وجعلوه علما قائما بذاته ، لذلك يعتبر بعض الباحثين علم المثلثات علما عربيا كما إعتبروا الهندسة علما يونانيا . ولقد سمي العرب علم المثلثات علم الأنساب . وهذا العلم يفيد في الاختراع والاكتشاف ، وفي تيسير كثيرا من البحوث الطبيعية والهندسية .
ظـا ب = 1
ويرتبط علم حساب المثلثات لدي العرب باسم البتاني ( تـ 217 هـ / 929 م ) بفضل إسهاماته وإنجازاته في هذا العلم لأجل ذلك لقب البتاني بـ( بطليموس العرب ) ولقد استطاع التباني أن يرقي بهذا العلم. عن ما كان عليه أيام هيبارخوس وبطليوس. (3) فيبدوا واضحا في أعماله رفضه لطريقة بطليموس في استخدام الأوتار حيث يقول ( لم يستعمل بطليموس الأوتار الكاملة إلا لتسهيل التطبيقات ، وأما نحن فقد إتخذنا أنصاف الأقواس المضاعفة.) (1) ولقد ابتكر البتاني كثيرا من الإنجازات في حساب المثلثات لم يتطرق إليها من قبله اليونانيين مثل قوله بمبدأ (مماس القوس وتعبير جيب ÷ تمام الجيب الذي لم يستعمله الإغريق قط ، وأدخل البتاني هذا المبدأ إلي حسابات الساعة الشمسية فسماه بالظل الممدود ، وليس هذا سوي المماس المثلثي عند علماء الزمن الحاضر ..) (2) وبالجملة فإن العرب لم يقفوا عند تقليد اليونانيين في هذا المجال بل إنهم تجاوزوهم وخلقوا هذا العلم خلقا جديدا .
9- علم الفلك :
لقد نهل العرب من مصادر عدة في مجال الفلك حيث اطلعوا علي مؤلفات المصريين والهنود والفرس والبابليين والكلدان واليمنيين . فالمصريون عرفوا الساعة الشمسية ، وترك الهنود كثيرا من الأزياج ( الجداول الفلكية )، ونقل إلي العربية منها كتاب ( السند هند الكبير ) الذي استفاد منه العرب كثيرا . ولقد تأثر العرب بطرق الرصد الفارسية ، وأخذوا عنهم أسماء بعض النجوم والكواكب . ولقد انتقل إلي العرب من قبل البابليين والكلدان بعض التقاويم وأقسام السنة والشهور وأسماء الأبراج وتقسيماتها ، وأسماء بعض الكواكب والنجوم ، ونقلوا عن البابليين كتاب أسرار الكواكب ، ولقد كانت مبادئ علم الفلك معروفة عند اليمنيين وكذلك الكلدان الذين رسموها علي جدران المعابد ، وكانت منتشرة كذلك أسماء الكواكب في قصائد شعراء العرب . ولقد كان لإسهامات اليونانيين دور كبير في مجال الفلك عند العرب، فلقد عرف العرب مؤلفات اليونايين الفلكية مثل كتاب المجسطي لبطليموس ، وهو يتكون من ثلاث عشرة مقالة ، وفيه يتحدث عن كروية الأرض وثباتها في مركز العالم ، وعن حركات القمر وإختلافها وحسابها ، وعن الكواكب الثابتة والمتحيرة . وكتاب (المقالات الأربع في صناعة أحكام النجوم ) لبطليموس أيضا نقل يوحنا بن البطريق بتشجيع من الخليفة المنصور ، وفسره ابن الفرخان (تـ حوالي 815 م) وفسره كذلك البتاني و غيرها من كتب بطليموس الفلكية والنجومية . وعرض كتاب (مفتاح النجوم) المنسوب لهرمس الحكيم ، ونقل في أواخر العهد الأموي ، ويعد من أول الكتب المترجمة إلي العربية ورغم ذلك لم يكن له أثر كثير (3) ولقد زاوج العرب بين إسهامات كل تلك العصور الفلكية ، وأنتجوا منها انتاجا جديدا في مجال الفلك، صححوا فيها أخطأ السابقين عليهم ( وتوسعوا في المباحث الفلكية . وعندما فاقت أوروبا واخذت تنهض من سباتها في أواخر العصور الوسطي ، كانت كتابات اليونانيين والكلدان والسريان والهنود والفرس في علم الفلك قد إندثرت جميعها ولم يبق منها غير ترجماتها العربية وما استجده الغرب من أبحاث في هذا العلم ، وهكذا أقبل الأوربيون يستقون أصول علم الفلك من المراجع العربية مما جعل بعض علماء أوربا المحدثين يعترفون صراحة بأن الأوربيين تلاميذ العرب في علم الفلك) (1)
ويعتبر خالد بن يزيد بن معاوية أول من ترجم له كتب في أحكام النجوم لافي علم الهيئة ( علم الفلك . ) واستمر الاهتمام بعلم الهيئة في العصر العباس ، وأول من اهتم به من خلفاء العباسيين الخليفة المنصور الذي قرب إليه المنجمين كما ذكرنا سابقا . ولقد عمل المنصور علي تطوير علم الهيئة مستفيدا من المصادر الهندية حيث كلف المترجمين بنقل كتاب ( السند هند الكبير) ، وأمر كذلك بوضع كتاب عن الجداول الفلكية علي طريقة الهنود ، وقام بذلك الدور الفزاري وظل زيجه معمولا به حتي عصر المأمون . (2) وعندما نقلت أعمال بطليموس الفلكية إلي العرب إعتمد عليها بدلا من الفلك الهندي ( فلما نتشرت الرياضيات اليونانية ، ونقل كتاب (المجسطي) لبطليموس في علم الفلك، لم ينتقل العرب فجأة من الحساب القائم علي النظام الهندي إلي الحساب اليوناني، بل بالتدريج حتي أن محمد بن موسي الخوارزمي وضع زيجه المسمي بالسند هند الصغير ، فعول فيه علي أوساط السند هند ، ولكنه: خالفه في التعاديل والميل ، فجعل تعاديله علي مذهب الفرس ، وميل الشمس فيه علي مذهب بطليموس ..) (3) ولقد إهتم العرب بعلم الفلك لاعتبارات دينية لرغبتهم في تحديد إتجاه القبلة ، وتحديد مواعيد الصلاة ،وتحديد بداية الشهور العربية وبخاصة شهر رمضان .
و بالنسبة لكتاب المجسطي لبطليموس ، فقد ذكرت أكثر من رواية حول ترجمته، فقيل أن أول من ترجمه الحجاج بن يوسف بن مطر حوالي سنة 827 م ، وهناك من يري أن مترجمه هو سهل بن زياد الطبري والد علي بن ربان الطبري صاحب كتاب فردوس الحكمة ) ترجمه لهارون الرشيد ، وتخبر رواية أخري أن المترجم هو سهلا والحجاج هو الذي راجع الترجمة ، وأصلح تلك الترجمة بعد ذلك حنين بن اسحق وراجعها ثابت بن قرة ومن بعدها البتاني . لكن المرجح أن أول ترجمة لهذا الكتاب كانت بعد وفاة الرشيد في أواخر القرن الثامن ثم نقحت عدة مرات ووضعت لها شروح وتعليقات ومقدمات . (1) ولقد استفاد بطليموس في هذا المؤلف من المصريين والبابليين واليونانيين بالإضافة إلي اجتهاداته الخاصة . ويشتمل هذا المؤلف علي مبادئ صناعة النجوم أو علم الفلك ، ومبادئ هذه الصناعة لم تترتب – علي نحو ما يذكر البيروني – في الكتب المشهورة بما في ذلك كتاب المجسطي - دستور هذه الصناعة - حتي نثق فيها. (2) ولقد أضاف العرب إلي هذا الكتاب إضافات كثيرة بفضل تقدمهم في الرياضيات . فأصالة ( علم الفلك عند العرب نشأت من كونهم طبقوا حساب المثلثات علي الأرصاد الجوية ، واخترعوا وصنعوا آلات جديدة للرصد ، مما أدي بهم إلي كثير من الاكتشافات وإلي تعديل شامل لفلك بطليموس..) (3)
فعلي الرغم من أن البتاني يشير في زيجه إلي أنه يقتفي أثر بطليموس وأنه يتبع مارسمة إلا أنه ذكر انه كما استدرك بطليموس علي إبرخس كذلك يحوز أن يستدرك علي بطليموس وذلك لجلالة تلك الصناعة ولأنها سمائية لا تدرك إلا بالتقريب . ووضع البتاني هذا الكتاب - علي نحو ما يذكر في مقدمته - ليوضح فيه كل ما غمض وشذ في هذا الصناعة . وفي هذا العمل صحيح وهذب كثيرا من آراء السابقين عليه وبخاصة بطليموس ، وأضاف إليها إضافات هامة من خلال أرصاده التي كانت يقوم بها. (1) فمن ذلك أن البتاني عدل وصحح مقدار ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار الذي وضعه بطليموس ، فقد ذكر إبرخس وبطليموس أن مقدار القوس التي بين منقلبي الشتاء والصيف في فلك نصف النهار سبعة وأربعون جزءا واثنتان وأربعون دقيقة وأن الميل نصف ذلك وهو ثلاثه وعشرون جزءا وإحدي وخمسون دقيقة ، فصحيح ذلك البتاني بأن مقدار القوس التي بين المنقلبين علي الحقيقة سبعة وأربعون جزءا وعشر دقائق وأن ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار نصف هذه الإجزاء وهو ثلاثه وعشرون جزءا وخمس وثلا--------------------------ثون دقيقة . وهذا هو بعد ما بين القطبين ، وتلك معاينة وليست خبرا – علي نحو ما نجد عند ابرخس وبطليموس – ولذلك اعتمد عليه البتاني في مؤلفه . (2) وبالنسبة لمقدار طول أزمان السنة ومسير الشمس فيها ، ذكر البتاني أن الزمان الذي رصده للسنة أقل من الزمان الذي ذكره بطليموس بجزئين وخمس جزء مما ترتب عليه أن حركة الشمس التي رصدها البتاني تزيد علي الحركة التي ذكرها بطليموس في اليوم والسنة المصرية . (3)
ولقد تقدم العرب بعلم الفلك خطوات إلي الأمام بفضل ما قاموا به من أرصاد فلكية من خلال المراصد التي أنشأوها لهذا الغرض كمرصد المراغة وبغداد ودمشق وغيرها ، واستخدموا في هذه المراصد آلات و أدوات حتي تكون أرصادهم دقيقة . ولقد سبق اليونانيون العرب في إقامة المراصد ، ويعد مرصد الإسكندرية - الذي أنشئ في القرن الثالث قبل الميلاد - أول مرصد كتب عنه . و لقد صور العرب الأدوات الموجودة في كتاب بطليموس القلوذي وحاولوا صناعة أدوات مشابهة لها ، الاستفادة منها في رصد النجوم ، وكان ذلك في عهد المأمون ولذلك سمي هذا الرصد بالرصد المأموني .(4) ولم تساعد الأدوات الفلكية اليونانية العرب في أرصادهم لذلك أدخلوا عليها كثيرا من التعديلات وابتكروا أدوات جديدة تعينهم في عملهم ، ساعدت هذه الأدوات بعد ذلك في اختراع المنظار البعيد في العصور الحديثة.(5)
واستخدم العرب في المراصد الفلكية أدوات كثيرة منها الكرات ذوات الحلق وآلات قياس الزوايا والأسطرلاب الذي اخترعه هيبارخوس وأول من استعمله أرستاركس ( 320- 260 ق. م ) . وعندما وجد العرب الأسطرلاب اليوناني لايفي بأغراضهم وطموحاتهم الفلكية أدخلوا عليه تحسينات كثيرة . فصنعوا أسطرلابات جديدة أكثر دقة من الأسطرلاب اليوناني ، ويعتبر الفزاري صاحب أول أسطرلاب عربي وضع علي أسس علمية دقيقة. (1) واستخدم العرب الأسطرلاب في استخدامات كثيرة ، وعندما وصل إلي أوروبا استفاد منه الأوروبيون كثيرا وظل مستعملا عند ملاحيهم حتي القرن السابع عشر .
ولقد إختلط علم الفلك بصناعة التنجيم الذي شغف به الناس – حكام ومحكومين - بسبب ولعهم بمعرفة الغيب وكشف الأسرار ولكن يرجع الفضل إلي العرب في تخليص علم الفلك من صناعة التنجيم ، فمن مآثر العرب علي علم الفلك ( أنهم طهروه من صناعة التنجيم ، فقد كانت الأمم السابقة من البابليين والصينين والهنود واليونان يخلطون بين الفلك وهذه الصناعة ، ويعتقدون أن هناك صلة قوية بين حركات النجوم في أفلاكها وما يصيب الكائنات و الناس من آفات وأمراض ، واستمر هذا الإعتقاد الخاطئ يسود عقول الأوروبيين إلي القرن السابع عشر في حين أن العرب في ذلك الوقت أي في القرون الوسطي قالوا بفساد هذا الاعتقاد .) (2)
لقد استفاد العرب ممن سبقهم في علم الفلك ولكنه فاقوهم حيث صححوا وهذبوا آراءهم وأضافوا إليها إضافات هامة عملت علي تقدم علم الفك الحديث . فنجد قياساتهم – مثلا - تقترب من قياسات علم الفلك الحديث وأرصادهم أيضا أكثر دقة من أرصاد السابقين عليهم بما فيهم اليونانيين . فقاسوا مثلا محيط الأرض 248 و 41 ك. م ، اليونانيون 340 ، 38 ك م ، والرقم الحقيقي – الذي توصل إليه العلماء 40.70 وهكذا ما وصل إليه العرب أقرب إلي العلم الحديث من الذي توصل إليه اليونانيين . (3) ولقد اخترع العرب حسابات وطرق لم يسبقهم إليها الهنود والفرس و اليونانيين وعلي هذا النحو تفوقوا في علم الفلك .
10 – علم الجغرافيا :
ترجمت المؤلفات الجغرافية اليونانية إلي العربية ، وأهمها أعمال بطليموس الجغرافيا والمجسطي ، والهيئة وتسطيح الأرض . واستفاد العرب من هذه الأعمال وبخاصة في مجال الجغرافيا الرياضية لإرتباطها بعلم الفلك وكلاهما مفيد في تحديد هلال رمضان وتحديد مواقيت الصلاة . واستفاد العرب أيضا من التراث الجغرافي الهندي المترجم من الفارسية إلي العربية .ولكن غلب التأثير اليوناني في هذا المجال علي التأثير الهندي . (1)
لقد استفاد اليعقوبي ( حوالي 279هـ/ 892 م ) في مؤلفه في الجغرافيا من الكتاب اليونانيين . (2) وإعتمد الخوارزمي في كتابه ( صورة الأرض ) علي جغرافية بطليموس ، وظلت جغرافية الخوارزمي المرجع الأساسي لكل الجغرافيين العرب حتي القرن الرابع عشر (3) وعندما رسم الإدريسي ( القرن الثاني عشر الميلادي ) خريطته للأرض تابع بطليموس حيث جعل البحر الهندي مغلقا وليس متصلا بالبحر الغربي ( المحيط الأطلنطي ) . (4) وبالنسبة لعلم الخرائط المرتبط بعلم الجغرافيا ، فلقد استفاد العرب في هذا المجال من اليونان لأجل ذلك تعتبر جغرافية بطليموس أساسا لعلم الخرائط العربي (5).
ولم يقلد العرب بطليموس تماما بل إنهم صححوا كثيرا من أخطائه ، وكان للإسلام دورا بارزا في ذلك ، وترجع تلك الأخطاء البطلمية – علي نحو ما يري البيروني – إلي أنها كانت تقوم علي الشائعات المنتشرة في تلك الآونة ، وإلي صعوبة إرتياد المناطق النائية . ولكن بعد انتشار الإسلام ووصول المسلمون الهند والصين والأندلس والحبشة وأفريقيا وتركيا وصقلية إنتشر الأمن وأصبح من السهولة العثور علي المعلومات المطلوبة بسهولة ويسر . ولقد أشار البيروني إلي بعض الأماكن التي جعلها بطليموس في مؤلفه في الغرب في حين أن مكانها الصحيح هو الشرق والعكس صحيح. (1) ولم يكن تحديده لمواضع المدن التي ذكرها صحيحا ، وبمقارنة الأمكنة التي حددها اليونانيون والعرب نجد مقدار العرض الذي حققه العرب يقترب من الصحة بحوإلي بضع دقائق وان خطأ اليونانيين وصل درجات كثيرة . ولقد أخطأ بطليموس كذلك في تعيين طول البحر المتوسط ، وأخطأ في تحديد وضع بحر قزوين والخليج العربي ، وجانب الصواب أيضا في جعله المحيط الهندي والمحيط الهادي بحيرة . وقد قام العرب بتصحيح كل تلك الأغاليط ، فتم تصحيح طول البحر المتوسط في عصر المأمون حوإلي عشر درجات ، ولم يعد الخليج العربي مستديرا بل إتخذ وضعا أكثر ملائمة مع وضعه الصحيح وكذلك بحر قزوين ، و أصبح المحيط الهندي والمحيط الهادي علي أيدي العرب بحرا مفتوحا بعد أن كان بحيرة مغلقة في خريطة بطليموس. (2) وعلي هذا النحو صورة العالم التي كلف المأمون جغرافي العرب برسمها فاقت في إتقانها خرائط الجغرافيين القدماء وبخاصة خريطة بطليموس التي بنه العرب علي ما فيها من آخطاء . (3) وعندما وصلت تصحيحات العرب وإضافاتهم الجغرافية إلي أوربا ساعدت في نهوض ورقي علم الجغرافيا الحديث.
وفيما يتعلق بعلم الخرائط ، فقد كانت لخرائطهم طابع يختلف عن طابع خرائط القدماء . فلقد بدأت تظهر في خرائطهم – لأول مرة – العلامات الأرضية ، التي تمثل الجبال والغابات والأنهار و غيرها من مظاهر سطح الأرض ، وهي عناصر تعتبر متممة للخريطة . فكان الجغرافيون المسلمون يرسمونها كما يراها الناظر في الطبيعة ، أو كما يراها من جانب واحد ، وذلك علي عكس ما أتفق علي سطح أفقي في الوقت الحاضر ، برسمها في خطوط علي سطح أفقي ، برسم الجبال مثلا بما يعرف بالخطوط الكنتورية . وكذلك أصلحوا جداول بطليموس للمدن ، وأضافوا إليها أسماء كثيرة ، وكانوا يدلون عليها برسمها في شكل دوائر . وكذلك أظهروا إتصال أجزاء من العالم لم تكن معروفة في العهدين اليوناني والروماني ، مثل إتصال الهند بالصين . وكانت خرائطهم ترسم بصفة خاصة علي أساس تقسيم الأرض إلي سبعة أقاليم ..) (1) وعلي هذا النحو لم يقف العرب عند تقليد بطلموس بل إنهم استفادوا من أعماله وصححوا ما فيها من أخطاء وزادوا عليها زيادات هامة كانت بمثابة الأساس الذي نهض عليه علم الجغرافيا الحديث .
الخاتمة
تعددت وتنوعت مصادر التراث العلمي العربي ، فنجد مصادر هندية وفارسية وكلدانية وبابلية ويونانية وغيرها من المصادر علي نحو ما عرضنا سابقا . ونقل هذا التراث العلمي إلي العرب ، وكان نقل التراث العلمي اليوناني في المقام الأول ، وسواء كان هذا التراث المنقول ضيفا جذب انتباه مضيفه أو عنصر دخيلا جاءهم من الخارج فإنهم قاموا بنقله ، ولقد تولي نصاري السريان نقل هذا التراث من اللغة اليونانية إلي اللغة السريانية ومنها إلي اللغة العربية ، وتم النقل في مرحلة لاحقة من اللغة اليونانية إلي اللغة العربية . ولقد اهتم الخلفاء ووزائهم وأهل اليسار بحركة النقل والترجمة حيث كانوا يبذلون الأموال الطائلة مقابل ترجمة مؤلفات التراث الدخيل .
ولقد تفاعل العرب مع تراث الأوائل العلمي وبخاصة اليوناني – علي نحو ما عرضنا سابقا – وتكشف نتيجة هذا التفاعل عن طبيعة العقلية العربية ، هل هي عقلية مقلدة لا قدرة لها علي الابتكار أم أنها عقلية واعية ولها القدرة علي الابتكار والإبداع وفيما يتعلق بمسألة تأثر العرب بالفكر العلمي اليوناني ، فلقد أختلف الباحثون حول هذه المسألة . فيري فريق من الباحثين أن العرب استفادوا من الفكر العلمي اليوناني ولم يضيفوا له شيئا جديدا و إنحصر كل دورهم في حفظ هذا التراث فحسب ، ذلك التراث الذي نقلوه إلي العرب فكانت النهضة الأوربية الحديثة . ويري في المقابل فريق آخر من الباحثين أن العرب أخذوا من اليونانيين تراثهم العلمي وحفظوه ، ولفظوا منه ما يخالف الواقع ، وأنهم أضافوا له إضافات هامة كانت بمثابة الأساس الذي أقيمت عليه الحضارة الأوربية الحديثة . وعموما فلقد استفاد العرب من تراث الأوائل العلمي وبخاصة اليونان منه و أضافوا إليه إضافات هامة ساهمت بقسط في قيام النهضة الأوربية الحديثة .
وبالجملة ، فإنه لمن الثابت أن كل أمة من الأمم ساهمت في اثراء التفكير الانساني بعامة والتفكير العلمي بخاصة ، فلقد ساهم أصحاب حضارات الشرق القديم واليونانيون والعرب والغربيون في مختلف العصور في تأسيس الحضارة الإنسانية . وأي أمة من الأمم – في أي عصر من عصورها – إن لم تأخذ بأسباب الحضارة فأنها ستتخلف عن بقية الأمم ، ولذلك علينا – نحن العرب – إذا أردنا التحضر أن نأخذ بأسبابه حتي ننهض ونساهم مثل بقية الأمم في أثراء الفكر الإنساني بشقية الفلسفي والعلمي . كما فعل أجدادنا من قبل إبان نهضتهم حيث استفادوا من تراث الأمم السابقة عليهم .
قائمة المصادر والمراجع
أولا العربي :
(1) أحمد أمين : ظهر الإسلام لجنة التأليف والترجمة والنشر (v.) ملتزم النشر والطبع مكتبة النهضة المصرية
(2) د. أحمد عبدالرازق أحمد : الحضارة الإسلامية في العصور الوسطي طـ1 1411 هـ : 1991 م ملتزم الطبع والنشر دار الفكر العربي مصر.
(3) د. أحمد فؤاد الأهواني : الكندي فيلسوف العرب 1985 أعلام العرب (108) مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب
(4) د. أحمد فؤاد باشا : التراث العلمي للحضارة الإسلامية مكانته في تاريخ العلم والحضارة طـ2 1404 هـ/ 1984 م مطابع دار المعارف مصر.
(5) د. أميرة حلمي مطر : الفكر الإسلامي وتراث اليونان 1996 م المكتبة الثقافية - 515 - الهيئة المصرية العامة للكتاب.
(6) ابن أبي أصيبعة : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نسخه وصححه أمرؤ القيس الصحان طـ1 1229 هـ: 1882 م المطبعة الوهبية.
(7) ابن البيطار : الجامع لمفردات الأدوية و الأغذية بدون .
(8) ابن بطلان : كتاب دعوة الأطباء علي مذهب كليلة ودمنة عني بطبعه وتصحيحه د. بشارة زلزل 1901 م طبع بالمطبعة الخديوية بالإسكندرية
(9) ابن بطلان البغدادي ، وابن رضوان المصري : خمس رسائل لابن بطلان البغدادي وابن رضوان المصري وتراجم المؤلفين صححها ونقلها إلي اللغة الإنكليزية وزاد عليها مقدمة و تعاليق د: يوسف شخت ود. ماكس مايرهوف الجامعة المصرية كلية الآداب المؤلف رقم 13مطبعة بول باربيه مصر.
(10) ابن رشد : كتاب الآثار العلوية 1365 هـ طبع بمطبعة جمعية دائرة المعارف العثمانية بعاصمة الدولة الإسلامية بحيدر آباد الدكن ..
(11) ابن سينا : القانون في الطب طبعة جديدة بالأوفست عن طبعة بولاق دار صادر بيروت.
(12) ابن سينا : مجموع رسائل ابن سينا ، بدون.
(13) ابن النديم : الفهرست 1978 دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت – لبنان.
(14) أرسطاطاليس : كتاب طباع الحيوان نقل يوحنا بن البطريق تقديم وتحقيق د. عبد الرحمن بدوي طـ1 1977 الناشر مكتبة المطبوعات الكويت المقالات 1-10 .
(15) أرسطاطاليس : في كون الحيوان المقالات 15- 19 ترجمة من العربية نسبت إلي يحيا بن البطريق حققاها وقدما لها يان بروخمان ويوان دروسارت لولوفس 1971 مؤسسة دي خوي ليدن.
(16) البتاني : كتاب الزيج الصابئ نقل عن النسخة المحفوظة بمكتبة الأسكوريال من بلاد الاندلسي إعتني بطبعه وتصحيحه وترجمه إلي اللغة اللاتينية وعلق حواشيه د.كرلو نلينو 1899 م طبع بمدينة رومية العظمي.
(17) برتراند رسل : النظرة العلمية تعريف عثمان بوية مراجعة د. إبراهيم حلمي عبد الرحمن الجامعة العربية الإدارة الثقافية ملتزم الطبع والنشر مكتبة الأنجلو المصرية.
(18) بهزاد جابر : الكافي من تاريخ العلوم عند العرب 1986 دار مصباح الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان .
(19) البيروني : استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحني فيها تحقيق أستاذ احمد سعيد الدمرداش مراجعة أستاذ عبد الحميد لطفي – الدار المصرية للتأليف والترجمة.
(20) البيروني : كتاب القانون المسعودي صحح عن النسخ القديمة الموجودة في المكاتب الشهيرة تحت اعانة وزارة معارف الحكومة العالية الهندية ط1 1373هـ 1954 م مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند.
(21) توبي أ. هاف : فجر العلم الحويث الإسلام – الصين – الغرب ترجمة د. أحمد محمود صبحي سلسلة عالم المعرفة (220) 1417 هـ: 1997 سلسلة كتب شهرية ثقافية يصدرها المجدلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت.
(22) د. توفيق الطويل : العرب والعلم في عصر الإسلام الذهبي ودراسات علمية أخري الناشر دار النهضة العربية.
(23) د. توفيق الطويل : في تراثنا العربي الإسلامي سلسلة عالم المعرفة ( 87 ) 1405 هـ : 1985 م سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة و الفنون والآداب الكويت.
(24) الجاحظ : البيان والتبين تحقيق وشرح عبد السلام هارون طـ1 1948 مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر
(25) الجاحظ : كتاب الحيوان 1332 هـ طبع علي نفقة الحاج محمد الساسي المغربي تاجر بالفحامين بمصر طبع بالمطبعة الحميدية المصرية مصر
(26) جالينوس : كتاب جانيوس في فرق الطب للمتعلمين نقل أبي حنين بن اسحق العبادي المتطبب تحقيق وتعليق د:محمد سليم سالم 1978 م منتخبات الإسكندرانين (1) جمهورية مصر العربية وزارة الثقافة مركز تحقيق التراث الهيئة المصرية العامة للكتاب
(27) جرجي زيدان : تاريخ التمدن الإسلامي طبعة جديدة راجعها وعلق عليها د. حسين مؤنس دار الهلال.
(28) جلال مظهر : مآثر العرب علي الحضارة الاوربية تقديم كمال الدين رفعت وسعد عفرة ملتزم الطبع والنشر مكتبة الأنجلو المصرية .
(29) جلال مظهر الحضارة الإسلامية أساس النقد العلمي الحديث مطبعة مخيمر الناشر مركز كتب الشرق الأوسط.
(30) د.جلال محمد موسي : منهج البحث العلمي عند العرب في مجال العلوم الطبعية والكونية تقديم وتحليل أ.د :محمد علي أبو ريان ط1 1972 م دار الكتاب اللبناني – بيروت
(31) جورج سارتون : تاريخ العلم والأنسية الجديدة ترجمة وتقديم اسماعيل مظهر 1961 م الناشر دار النهضة العربية.
(32) د. الأب جورج شحاته قنواتي : تاريخ الصيدلة والعقاقير في العصر القديم والعصر الوسيط دار المعارف بمصر.
(33) جوزيف شاخت ، كليفورد بوزروث : تراث الإسلام ترجمة د. حسين مؤنس، د. إمان صدقي العمد مراجعة د. فؤاد زكريا طـ 3 1419 هـ 1998 سلسلة عالم المعرفة (234) سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت
(34) حاجي خليفة : كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون طبعه محمد شرف الدين يالتقا و رفعت بيك الكليسي طبع بعناية وكالة المعارف.
(35) الحسن بن الهيثم : الشكوك علي بطليموس تحقيق د. عبد الحميد صبره ، ود. نبيل الشهابي تصدير د. إبراهيم مدكور 1971 مطبعة دار الكتب والوثائق القومية مركز تحقيق التراث.
(36) حسين حمادة : تاريخ العلوم عند العرب 1987 الشركة العالمة للكتاب دار الكتاب اللبناني مكتبة المدرسة.
(37) حيدر بامات : إسهام المسلمين في الحضارة ترجمة وتعليق د. عبد القادر البحراوي تقديم ومراجعة د. عبدالله بن ابراهيم الوهيبي ط2 1408 مكتبة النور الإحساء – الهفوف – السعودية.
(38) الخوارزمي : كتاب الجبر والمقابلة قام بتقديمه والتعليق عليه د. علي مصطفي مشرفة ود. محمد مرسي أحمد 1937 مطبعة بول باربيه .
(39) خير الله طلفاح : كنتم خير أمه أخرجت للناس . من علماء العرب دار الحرية للطباعة بغداد.
(40) ت . ج دي بور : تاريخ الفلسفة في الإسلام نقله إلي العربية وعلق عليه د. محمد عبد الهادي أبو ريده طـ2 منقحة ومهذبة 1368 هـ 1948 م مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر.
(41) ديلاسي أوليري : الفكر العربي ومكانه في التاريخ ترجمة د. تمام حسان مراجعة د. محمد مصطفي حلمي مطبعة مخيمر وزارة الثقافة والإرشاد القومي المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر ملتزم الطبع والنشر عالم الكتب.
(42) ديلاسي أوليري : علوم وسبل انتقالها إلي العرب ترجمة د. وهيب كامل راجعه ذكي علي 1962م الألف كتاب ( 395) بإشراف وزارة التعليم العالي الناشر مكتبة النهضة المصرية.
(43) د. رياض رمضان العلمي : الدواء من فجر التاريخ إلي اليوم سلسلة عالم المعرفة (121) 1408 هـ 1988 سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت.
(44) ف. روزنتال : التراث القديم في الحضارة الإسلامية تقديم وتعليق و تحليل د. عبد الله حسن المسلمي 1993 م الناشر مكتبة سعيد رأفعت جامعة عين شمس.
(45) د. زكي نجيب محمود : جابر بن حيان أعلام العرب (3) 1961 م الناشر مكتبة مصر 0
(46) صاعد الأندلسي : طبقات الأمم طبع علي نفقة عبد ا لرؤوف أفندي الدباغ مطبعة السعادة مصر
(47) د. طه الحاجري : تخريج نصوص أرسطاطاليسية في كتاب الحيوان للجاحظ مجلة كلية الآداب جامعة الإسكندرية المجلد السادس والسابع 1952 – 1953 م تطلب من مكتبة جامعة الإسكندرية بالشاطبي مطابع رمسيس بالإسكندرية، المجلد الثامن 1954 م
(48) د سيجريد هونكة : شمس الله علي الغرب ترجمة وحققه وعلق عليه د.قؤاد حسنتين علي ملتزم الطبع والنشر دار النهضة العربية.
(49) د. سعيد عبد الفتاح عاشور ، المدينة الإسلامية وأثرها في الحضارة الأوربية طـ2 1982 م الناشر مكتبة الأنجلو المصرية.
(50) ل. أ سيديو : تاريخ العرب العام امبراطورية العرب حضارتهم مدارسهم الفلسفية والعلمية والأدبية نقله إلي العربية عادل زعيتر طـ2 1389هـ: 1969 عيسي البابي الحلبي وشركاه.
(51) د.عبد الله العمري : تاريخ العلم عند الغرب طـ1 1990 دار مجد لاوي للنشر والتوزيع عمان – الأردن.
(52) د. عبد الرحمن بدوي: دور العرب في تكون الفكر الأوربي طـ2 مزيدة جدا 1967 م ملتزم الطبع والنشر مطبعة الأنجلو المصرية.
(53) د.عبد الحليم منتصر : تاريخ العلم ودور العلماء في تقدمه ط8 1997م دار المعارف
(54) د. عبد الرحمن بدوي : دراسات ونصوص في الفلسفة والعلوم عند العرب طـ1 1981 المؤسسة العربية للدراسات والنشر .
(55) علي بن عباس المجوسي : كامل الصناعة الطبية وبهامشه كتاب مختصر تذكرة الإمام الشعراني بدون.
(56) علي أحمد الشحات : أبو الريحان البيروني حياته ، مؤلفاته ، أبحاثه العلمية تقديم د. عبد الحليم منتصر 1968 دار المعارف مصر.
(57) د. علي عبدالله الدفاع : أثر علماء العرب المسلمين في تطوير علم الفلك طـ3 1405هـ/ 1985 م مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت
(58) د. علي عبد الله الدفاع : العلوم البحته في الحضارة العربية والإسلامية طـ2 1403 هـ: 1983 م مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت.
(59) عمر فروخ : تاريخ العلوم عند العرب 1490 هـ / 1970 م دار العلم للملاين.
(60) د. عبد المنعم ماجد : تاريخ الحضارة الإسلامية في العصور الوسطي طـ5 مزيدة ومنقحة 1986 الناشر مكتبة الأنجلو المصرية.
(61) د. غوستاف لوبون : حضارة العرب نقله إلي العربية عادل زعيتر طـ3 1956م طبع بدار إحياء الكتب العربية عيسي البابي الحلبي وشركاه.
(62) الفارابي : آراء أهل المدينة الفاضلة مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولاده بميدان الأزهر
(63) فاضل أحمد الطائي أعلام العرب في الكيمياء الألف كتاب الثاني (32 ) 1986 م الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة بالاشترك مع دار الشئون الثقافية العامة بغداد .
(64) د. فؤاد زكريا : التفكير العلمي 1996 ضمن سلسلة مكتبة الأسرة الهيئة المصرية العامة للكتاب.
(65) د فؤاد سزكين : تاريخ التراث العربي م 7 أحكام النجوم – الآثار العلوية وما شابهها ترجمة أ.د عبدالله بن عبدالله حجازي مراجعة أ. د محمود فهمي حجازي 1410 هـ مطابع جامعة الملك سعود المملكة العربية السعودية.
(66) فيلب خوري حتي : تاريخ العرب : تاريخ الدولة العباسية - العرب في أوربا : أسبانيا وصقلية آخر الدول الإسلامية في العصور الوسطى ونقله إلي اللغة العربية محمد مبروك نافع طـ3 1952 م مطبعة دار العالم العربي بالقاهرة.
(67) قدري حافظ طوقان : تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم جامعة الدول العربية دار الشروق.
(68) قدري حافظ طوقان: العلوم عند العرب الألف كتاب دار مصر للطباعة مكتبة مصر
(69) القزويني : عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات قدم له وحققه فاروق سعد طـ3 1973 دار الآفاق بيروت – لبنان.
(70) القفطي : أخبار العلماء بأخبار الحكماء مكتبة المتبني مصر.
(71) كرلونلينو : علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطي ملخص المحاضرات التي ألقاها بالجامعة المصرية مكتبة الثقافة الدينية مصر.
(72) الكندي : رسائل الكندي الفلسفية حققها ونشرها د. محمد عبد الهادي أبو ريدة 1953 م ملتزم الطبع والنشر دار الفكر العربي القاهرة .
(73) د. ماكس مايرهوف : من الإسكندرية إلي بغداد بحث في تاريخ التعليم الفلسفي والطبي عند العرب منشور ضمن مؤلف التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية : دراسات لكبار المتشرقين ألف بينها وترجمها عن الألمانية والإيطالية د. عبد الرحمن بدوي طـ4 1980 م الناشر وكالة المطبوعات الكويت – دار القلم
(74) د. ماكس مايرهوف : العلوم والطب بحث منشور ضمن أبجاث تحت عنوان تراث الإسلام من وضع سيرتوماس أرنولد وجمهرة من المتشرقين عربة وعلن حواشيه جرجيش فتح الله طـ2 1972 دار الطبيعة للطباعة والنشر بيروت.
(75) د. ماهر عبد القادر محمود بن اسحق العصر الدهر للترجمة 1988 دار المعرفة الجامعية اسكندرية.
(76) أ.د. ماهر عبد القادر محمد : الحسن بن الهيثم وتأسيس فلسفة العلم الناشر دار المعرفة الجامعية الإسكندرية.
(77) د. محمد كامل حسين وآخرون : الموجز في تاريخ الطب والصيدلة عند العرب المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إدارة الثقافة طبع علي نفقة حكومة الجمهورية الليبية.
(78) د. محمد عبد الرحمن مرجبا : الموجز في تاريخ العلوم عند العرب تقديم د. جميل صليبا طـ3 1981 م دار الكتاب اللبناني بيروت.
(79) محمد عاطف البرقوقي ، وأبو الفتوح محمد التوانسي : مذاهب وشخصيات الخوارزمي العالم الرياضي الفلكي الدار القومية للطباعة والنشر .
(80) المسعودي : مروج الذهب ومعادن الجوهر راجع أصوله ورقمه وضبط مبهمه وعلق عليه محمد محيي الدين عبد الحميد يطلب من المكتبة العصرية في بغداد ودار الرجاء للطبع والنشر .
(81) مصطفي نظيف : الحسن بن الهيثم بحوثه وكشوفه البصرية ط1 1361 هـ : 1942 م مطبعة نوري مصر.
(82) مصطفي نظيف : علم الطبيعة نشوءة ورقية وتقدمه الحديث مطبعة مصر ص 42 ، مصطفي نظيف بك : محاضرات ابن الهيثم التذكارية المحاضرة الأولي محاضرة عامة عن الحسن بن الهيثم والناحية العلمية منه وأثره المطبوع في علم الضوء بقسم الطبيعة بكلية العلوم جامعة القاهرة إبريل 1939 مطبعة فتح الله إلياس نوري وأولاده بمصر.
(83) د. مصطفي النشار : نظرية العلم الأرسطية دراسة في منطق المعرقة العلمية عند ارسطو طـ 1986 دار المعارف.
(84) مونتجومري وات : فضل الإسلام علي الحضارة الغربية نقله إلي العربية حسين أحمد أمين طـ1 1403 هـ / 1983 م دار الشروق.
(85) ول ديورانت : قصة الحضارة ترجمة محمد بدران طـ2 1964 م اختارته وأنفقت عليه ترجمته الإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر
(86) ي. هل : الحضارة العربية ترجمة د. إبراهيم أحمد العدوي كتاب الهلال سلسلة ثقافية شهرية يونية 1979 م تصدر عن دار الهلال.
(87) ياقوت الحموي : معجم الأدباء راجعته وزارة المعارف العمومية الطبعة الأخيرة منقحة ومضبوطة مطبعة دار المأمون.
(88) يمني طريف الخولي : بحوث في تاريخ العلوم عند العرب 1998 م دار الثقافة للنشر والتوزيع .
ثانيا الأجنبي :
(1) Aristotle : De Historia animalium by “ Arthur plott (the works of Aristole undereditor Ross ) vol IV. Oxford at the clarendon press 1972 ,
(2) Aristotle : de partibus animalium by william agle ( the works of Aristolle und Ross ) vol VI oxford at clarendon press 1913 .
(3) Aristotle : Meteorologica , with an english translation by H.D.P.( Lee) , M,A (L.C.L) London withien Heininann LTD, Cambridge , Massachustes . Harvard university press ,.
(4) Aristole : De l, Ame , texte etabli par : A Jannane traduction et nates , de – borbation – pairs societe D, edition , las belles lettres 1996.
(5) ِAristotle : De Caelo by J . L. Stocks ( the works of Aristotle under editor Ross ) vol II oxfford at the clarendon press 1930.
(6) Aristotle : De plants by : E.S. Forster ( the works of Aristotle under editor Ross ) vol VI oxford at the clarendon press 1913 ..
(7) Chamader ( T.J. ) : Modern meteorology and climatalogy : an introduction , sceond edition , Thamas Nelson LTD printed in Hong Kong 1983 ,
(8) Diogenes laertius : lives of eminents philosohers with an english translation by : R.D. Hicks ( L.C.L)
(9) Hippocrotes : Nature of man with an english by w.h, s Jones ( l,.c.l, ) frist printed 1937 meminted 1959 printed in Great Britain .
الفهرس
الموضوع رقم الصفحة
مدخل 2
علم الحيوان 11
علم النبات 14
علم الصيدلة 17
علم الطب 19
علم الكيمياء 25
علم الأرصاد الجوية . 28
علم الطبيعة 33
علم الرياضيات 39
علم الفلك 45
علم الجغرافيا 50
الخاتمة 53
قائمة المصادر والمراجع 54
(1)
(1) ديلاسي أوليري : علوم اليونان وسبل انتقالها إلي العرب ترجمة د. وهيب كامل راجعه ذكي علي 1962م الألف كتاب ( 395) بإشراف وزارة التعليم العالي الناشر مكتبة النهضة المصرية ص 81 .
(2) مونتجومري وات : فضل الإسلام علي الحضارة الغربية نقله إلي العربية حسين أحمد أمين طـ1 1403 هـ / 1983 م دار الشروق ص 53 .
(3) ديلاسي أوليري : الفكر العربي ومكانه في التاريخ ترجمة د. تمام حسان مراجعة
د. محمد مصطفي حلمي مطبعة مخيمر وزارة الثقافة والإرشاد القومي المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر ملتزم الطبع والنشر عالم الكتب ص 97 .
د. محمد مصطفي حلمي مطبعة مخيمر وزارة الثقافة والإرشاد القومي المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر ملتزم الطبع والنشر عالم الكتب ص 97 .
(1) د. أميرة حلمي مطر : الفكر الإسلامي وتراث اليونان 1996 م المكتبة الثقافية - 515 - الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 9 .
(2) صاعد الأندلسي : طبقات الأمم طبع علي نفقة عبد ا لرؤوف أفندي الدباغ مطبعة السعادة مصر ص 16 .
(3) القفطي : أخبار العلماء بأخبار الحكماء مكتبة المتبني مصر ص 312 .
(4) الجاحظ: البيان والتبين تحقيق وشرح عبد السلام هارون طـ1 1948 مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر الكتاب الثاني صـ 328 .
(5) ياقوت الحموي: معجم الأدباء راجعته وزارة المعارف العمومية الطبعة الأخيرة منقحة ومضبوطة مطبعة دار المأمون جـ11 ص 42 .
(1) ديلاسي أو ليري : الفكر العربي ومكانه فلي التاريخ ترجمة د. تمام حسان مراجعة د. محمد مصطفي حلمي ص 120 .
(2) د. ماهر عبد القادر محمد : حنين بن اسحق العصر الدهر للترجمة 1988 دار المعرفة الجامعية اسكندرية ص 26 .
(3) د. ماكس مايرهوف : العلوم والطب بحث منشور ضمن أبجاث تحت عنوان تراث الإسلام من وضع سيرتوماس أرنولد وجمهرة من المتشرقين عربة وعلن حواشيه جرجيش فتح الله طـ2 1972 دار الطبيعة للطباعة والنشر بيروت ص 456 .
(1) ابن أبي أصيبعة : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نسخه وصححه أمرؤ القيس الصحان طـ1 1229 هـ: 1882 م المطبعة الوهبية جـ2 ص 123 – 125 .
(2) ابن النديم : الفهرست ص 240 .
(4) ديلاسي أوليري : الفكر العربي ومكانه في التاريخ ترجمة د. تمام حسان مراجعة د.محمد مصطفي حلمي ص 120 .
(1) حاجي خليفة : كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون طبعه محمد شرف الدين يالتقا و رفعت بيك الكليسي طبع بعناية وكالة المعارف جـ2 ، ص 148 .
(1) د. توفيق الطويل : العرب والعلم في عصر الإسلام الذهبي ودراسات علمية أخري الناشر دار النهضة العربية ص 36 .
(2) د. فؤاد زكريا : التفكير العلمي 1996 ضمن سلسلة مكتبة الأسرة الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 154 .
(1) جلال مظهر : مأثر العرب علي الحضارة الاوربية تقديم كمال الدين رفعت وسعد عفرة ملتزم الطبع والنشر مكتبة الأنجلو المصرية صـ 66
(2) جورج سارتون : تاريخ العلم والأنسية الجديدة ترجمة وتقديم اسماعيل مظهر 1961 م الناشر دار النهضة العربية ص 181 – 182 .
(3) د. مصطفي النشار : نظرية العلم الأرسطية دراسة في منطق المعرقة العلمية عند ارسطو طـ 1986 دار المعارف ص 222 .
(4) د سيجريد هونكة : شمس الله علي الغرب ترجمة وحققه وعلق عليه د.قؤاد حسنتين علي ملتزم الطبع والنشر دار النهضة العربية ص 305 .
(5) برتراند رسل : النظرة العلمية تعريف عثمان بوية مراجعة د. إبراهيم حلمي عبد الرحمن الجامعة العربية الإدارة الثقافية ملتزم الطبع والنشر مكتبة الأنجلو المصرية ص 6-9 .
(1) د. أحمد فؤاد باشا : التراث العلمي للحضارة الإسلامية مكانته في تاريخ العلم والحضارة طـ2 1404 هـ/ 1984 م مطابع دار المعارف مصر صـ 135 .
(2) خير الله طلفاح : كنتم خير أمه أخرجت للناس . من علماء العرب دار الحرية للطباعة بغداد جـ 16 ص 143 – 144 .
(3) د. عبد الله العمري : تاريخ العلم عند الغرب طـ1 1990 دار مجد لاوي للنشر والتوزيع عمان – الأردن ص 191 .
* لقد استخرج أحد الباحثين نصوص أرسطاطاليس في كتاب الحيوان للجاحظ التي بلغت ثلاثون نصا ينظر : د. طه الحاجري : تخريج نصوص أرسطاطاليسية في كتاب الحيوان للجاحظ مجلة كلية الآداب جامعة الإسكندرية المجلد السادس والسابع 1952 – 1953 م تطلب من مكتبة جامعة الإسكندرية بالشاطبي مطابع رمسيس بالإسكندرية ص 15 – 35 ، المجلد الثامن 1954 م ص 69 – 90
(1) أحمد أمين : ظهر الإسلام لجنة التأليف والترجمة والنشر (v.) ملتزم النشر والطبع مكتبة النهضة المصرية جـ 2 ص 197.
(2) الجاحظ : كتاب الحيوان 1332 هـ طبع علي نفقة الحاج محمد الساسي المغربي تاجر بالفحامين بمصر طبع بالمطبعة الحميدية المصرية مصر جـ1 ص 5- 6
(4) نفس المرجع : جـ 6 ص 17 – 18 ، أرسطاطاليس : كتاب طباع الحيوان نقل يوحنا بن البطريق تقديم وتحقيق د. عبد الرحمن بدوي طـ1 1977 الناشر مكتبة المطبوعات الكويت المقالات 1-10 ، مقالة 9 ، ف1 ، a 610 ص 377 – 378 ،
Aristotle : De Historia animalium by “ Arthur plott (the works of Aristole undereditor Ross ) vol IV. Oxford at the clarendon press 1972 , 9 , 610 a .
(1) الجاحظ : كتاب الحيوان جـ 3 ص 57 – 58 ، أرسطاطاليس : طباع الحيوان نقل يوحنا بن البطريق تقديم وتحقيق د. عبد الرحمن بدوي م 8 ، ف 29 ، 618 a ، ص 389 ، 390 ، 397 ص ، 410،
Aristotle : De Historia animalium : 8 , 29 . 618 a
(2) الجاحظ : كتاب الحيوان جـ 5 ص 156 – 157 ، أرسطاطاليس : كتاب طباع الحيوان نقل يوحنا بن البطريق تقديم وتحقيق د. عبد الرحمن بدوي م 4 ، ف 8 ، 593a ص 184
Aristotle : De Historia animalium 4, 8, 533b ,
(1) الجاحظ : كتاب الحيوان جـ5 ص 147 ، أرسطاطاليس : كتاب طباع الحيوان نقل يوحنا بن البطريق تقديم وتحقيق د. عبد الرحمن بدوي م 3 ، ف1 ، ب 510 ، م 9 ، ف 50 ، أ 632 ، ص 454 أرسطاطاليس : في كون الحيوان المقالات 15- 19 ترجمة من العربية نسبت إلي يحيا بن البطريق حققاها وقدما لها يان بروخمان ويوان دروسارت لولوفس 1971 مؤسسة دي خوي ليدن م 15 ، ف 4 ، ب 717 ، ص 8 .
Aristotle : De Historia animalium : 3 , 1, 510a , 50 , 642 b
Aristotle : de partibus animalium by william agle ( the works of Aristolle und Ross ) vol VI oxford at clarendon press 1913 , 14 , 3, 717 b
(2) قدري حافظ طوقان: العلوم عند العرب الألف كتاب دار مصر للطباعة مكتبة مصر ص 122 - 123 .
(3) د. أحمد عبدالرازق أحمد : الحضارة الإسلامية في العصور الوسطي طـ1 1411 هـ : 1991 م ملتزم الطبع والنشر دار الفكر العربي مصر ص 235 .
(4) ول ديورانت : قصة الحضاة ترجمة محمد بدران طـ2 1964 م اختارته وأنفقت عليه ترجمته الإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر جـ2 من م 4 ص 188 .
(2) نفس المرجع : ص 85.
(3) ابن البيطار : الجامع لمفردات الأدوية و الأغذية بدون م1 ، جـ1 ص 45 .
(4) نفس المرجع : م 1 ، جـ1 ص 45 .
* مأخوذة من أصل يوناني واستعملها العرب لتعطي معني الأدوية المركبه أو تركيب الأدوية ، وقد يدل اللفظ علي دستور الأدوية
(1) د. أحمد عبد الرازق احمد : الحضارة الإسلامية في العصور الوسطي ص 209 .
(2) د. عبد الرحمن بدوي : دراسات ونصوص في الفلسفة والعلوم عند العرب طـ1 1981 المؤسسة العربية للدراسات والنشر ص 30
(3) د. توفيق الطويل : في تراثنا العربي الإسلامي سلسلة عالم المعرفة ( 87 ) 1405 هـ : 1985 م سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة و الفنون والآداب الكويت ص 109.
(1) بهزاد جابر : الكافي من تاريخ العلوم عند العرب 1986 دار مصباح الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان ص 56 .
(2) د. أحمد فؤاد باشا : التراث العلمي للحضارة الإسلامية ومكانته في تاريخ العلم والحضارة ص 93 .
(3) جلال مظهر الحضارة الإسلامية أساس النقد العلمي الحديث مطبعة مخيمر الناشر مركز كتب الشرق الأوسط ص83 .
(4) د. محمد كامل حسين وآخرون : الموجز في تاريخ الطب والصيدلة عند العرب المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إدارة الثقافة طبع علي نفقة حكومة الجمهورية الليبية ص 362 .
(1) د. الأب جورج شحاته قنواتي : تاريخ الصيدلة والعقاقير في العصر القديم والعصر الوسيط دار المعارف بمصر ص 169 .
(2) د. رياض رمضان العلمي : الدواء من فجر التاريخ إلي اليوم سلسلة عالم المعرفة (121) 1408 هـ 1988 سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت ص 46 .
(1) جرجي زيدان : تاريخ التمدن الإسلامي طبعة جديدة راجعها وعلق عليها د. حسين مؤنس دار الهلال جـ3 ص 202 .
(2) ت . ج دي بور : تاريخ الفلسفة في الإسلام نقله إلي العربية وعلق عليه د. محمد عبد الهادي أبو ريده طـ2 منقحة ومهذبة 1368 هـ 1948 م مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ص 105 .
(3) د. ماكس مايرهوف : العلوم والطب بحث منشور ضمن أبحاث تحت عنوان تراث الإسلام من وضع سيرتوماس أرنولد وجمهرة من المستشرقين عربة وعلق حواشيه جرجيس فتح الله ص 282 .
(4) Hippocrotes : Nature of man with an english by w.h, s Jones ( l,.c.l, ) frist printed 1937 meminted 1959 printed in Great Britain , I.V. p 10 .
* علم الباثولوجيا : يدرس المرض وسببه وأعراضه بالإضافة إلي الحالة التي يكون عليها الجسم أو العضو المصاب بالمرض .
(5) ف. روزنتال : التراث القديم في الحضارة الإسلامية تقديم وتعليق و تحليل د. عبد الله حسن المسلمي 1993 م الناشر مكتبة سعيد رأفت جامعة عين شمس ص 294 .
(1) ابن سينا : القانون في الطب طبعة جديدة بالأوفست عن طبعة بولاق دار صادر بيروت جـ2 ك 3 ، ف 21 ، م 2 ص 585 .
(2) أرسطاطاليس : كتاب الحيوان في كون الحيوان ترجمة من اليونانية إلي العربية تسبت إلي يحيا بن البطريق حققاها وقدما لها يان بروخمان ويوان دورسارت لولو فس م 15، 2 ، 716a ص 4
(3) الفارابي : آراء أهل المدينة الفاضلة مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولاده بميدان الأزهر ص 53
(1) د. عبد المنعم ماجد : تاريخ الحضارة الإسلامية في العصور الوسطي طـ5 مزيدة ومنقحة 1986 الناشر مكتبة الأنجلو المصرية ص 69 – 70 .
(2) حسين حمادة : تاريخ العلوم عند العرب 1987 الشركة العالمة للكتاب دار الكتاب اللبناني مكتبة المدرسة ص 69 – 70 .
(4) د. توفيق الطويل : في تراثنا العربي الإسلامي ص 107 ، 108 .
(5) د. محمد عبد الرحمن مرجبا : الموجز في تاريخ العلوم عند العرب تقديم د. جميل صليبا طـ3 1981 م دار الكتاب اللبناني بيروت ص97 – 98 .
(2) توبي أ. هاف : فجر العلم الحويث الإسلام – الصين – الغرب ترجمة د. أحمد محمود صبحي سلسلة عالم المعرفة (220) 1417 هـ: 1997 سلسلة كتب شهرية ثقافية يصدرها المجدلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت جـ2 ص 23 .
(3) جوزيف شاخت ، 2 كليفورد بوزروث : تراث الإسلام ترجمة د. حسين مؤنس ، د. أمان صدقي العمد مراجعة د. فؤاد زكريا طـ 3 1419 هـ 1998 سلسلة عالم المعرفة (234) سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت جـ2 س 149
(4) قدري حافظ طوقان : العلوم عند العرب ص 138
(5) جوزيف شاخت ، كليفورد بوزروث : تراث الإسلام ترجمة د. حسين مؤنس ، د: إمان صدقي العمد مراجعه د. فؤاد زكريا جـ2 ص 166.
(1) د.عبد الحليم منتصر : تاريخ العلم ودور العلماء في تقدمه ط8 1997م دار المعارف
ص 81
ص 81
* وللمزيد من التوضيح ينظر : علي بن عباس المجوسي : كامل الصناعة الطبية وبهامشه كتاب مختصر تذكرة الإمام الشعراني بدون جـ1 ، م 1 ص 3 – 6 .
(3) د.جلال محمد موسي : منهج البحث العلمي عند العرب في مجال العلوم الطبعية والكونية تقديم وتحليل أ.د :محمد علي أبو ريان ط1 1972 م دار الكتاب اللبناني – بيروت ص 219 .
* للمزيد من التوضيح فيما يتعلق بأنواع التجربة عند أطباء اليونان ينظر جالينوس : كتاب جانيوس في فرق الطب للمتعلمين نقل أبي حنين بن اسحق العبادي المتطبب تحقيق وتعليق د:محمد سليم سالم 1978 م منتخبات الإسكندرانين (1) جمهورية مصر العربية وزارة الثاقافة مركز تحقيق التراث الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 16-22 ، المسعودي : مروج الذهب ومعادن الجوهر راجع أصوله ورقمه وضبط مبهمه وعلق عليه محمد محيي الدين عبد الحميد يطلب من المكتبة العصرية في بغداد ودار الرجاء للطبع والنشرجـ4 ص 31 .
(1) ابن بطلان : كتاب دعوة الأطباء علي مذهب كليلة ودمنة عني بطبعه وتصحيحه
د. بشارة زلزل 1901 م طبع بالمطبعة الخديوية بالإسكندرية ص 47 ، ابن بطلان البغدادي ، وابن رضوان المصري : خمس رسائل لابن بطلان البغدادي وابن رضوان المصري وتراجم المؤلفين صححها ونقلها إلي اللغة الإنكليزية وزاد عليها مقدمة و تعاليق د: يوسف شخت ود. ماكس مايرهوف الجامعة المصرية كلية الآداب المؤلف رقم 13مطبعة بول باربيه مصر ر3 لابن بطلان ص 62 .
د. بشارة زلزل 1901 م طبع بالمطبعة الخديوية بالإسكندرية ص 47 ، ابن بطلان البغدادي ، وابن رضوان المصري : خمس رسائل لابن بطلان البغدادي وابن رضوان المصري وتراجم المؤلفين صححها ونقلها إلي اللغة الإنكليزية وزاد عليها مقدمة و تعاليق د: يوسف شخت ود. ماكس مايرهوف الجامعة المصرية كلية الآداب المؤلف رقم 13مطبعة بول باربيه مصر ر3 لابن بطلان ص 62 .
(2) بهزاد جابر : الكافي من تاريخ العلوم عند العرب ص 61.
(3) د.محمد عبد الرحمن مرحبا : الموجز في تاريخ العلوم عند العرب تقديم د: جميل صليبا ص 105 .
(1) ديلاسي أوليري : الفكر العربي ومكانه في التاريخ ترجمة تمام حسان مراجعه د: محمد مصطفي حلمي ص 135 ، 136.
(2) ول ديورانت : قصة الحضارة ترجمة محمد بدران جـ2 من م4 ص 187
(3) جلال مظهر : الحضارة الإسلامية أساس التقدم العلمي الحديث ص 77
(5) فيلب خوري حتي : تاريخ العرب : تاريخ الدولة العباسية - العرب في أوربا : أسبانيا وصقلية آخر الدول الإسلامية في العصور الوسطى ونقله إلي اللغة العربية محمد مبروك نافع طـ3 1952 م مطبعة دار العالم العربي بالقاهرة م2 ص 481- 482 .
(1) د. زكي نجيب محمود : جابر بن حيان أعلام العرب (3) 1961 م الناشر مكتبة مصر ص 55 0
(2) نفس المرجع : ص 57.
(3) د. عبدالله العمري : تاريخ العلم عند العرب ص 120- 121 .
(4) د. زكي نجيب محمود: جابر بن حيان ص 187.
(1) الكندي : رسائل الكندي الفلسفية حققها ونشرها د. محمد عبد الهادي أبو ريدة 1953 م ملتزم الطبع والنشر دار الفكر العربي القاهرة جـ2 رسالة ( في العلة الفاعلة للمد و الجزر ) ص 109 .
(2) نفس المرجع : ص 110- 117 .
(3) نفس المرجع :ص 117 .
(1) الكندي : رسائل الكندي الفلسفية حققها ونشرها د. محمد عبد الهادي أبو ريدة ص 117- 118 .
* للمزيد من التوضيح ينظر : فاضل أحمد الطائي أعلام العرب في الكيمياء الألف كتاب الثاني (32 ) 1986 م الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة بالاشترك مع دار الشئون الثقافية العامة بغداد ص 86
· و عندما يؤرخ بعض الباحثين الغربين لعلم الميتورولوجيا لعلم لا يشيرون إلي الدور الذي فام بة العرب في تقدم هذا العلم بسبب تحيزهم للعلم اليوناني ، حيث يذكرون لهذا العلم مرحلتين فقط اليونانية والأوربية الحديثه ومن هولاء الباحثين
Chamader ( T.J. ) : Modern meteorology and climatalogy : an introduction , sceond edition , Thamas Nelson LTD printed in Hong Kong 1983 ,P 2 .
(2) أبن رشد : كتاب الآثار العلوية 1365 هـ طبع بمطبعة جمعية دائرة المعارف العثمانية بعاصمة الدولة الإسلامية بحيدر آباد الدكن . ص15-17 .
(1) ابن رشد : كتاب الآثار العلوية ص 34.
(2) نفس المرجع : ص 45 .
(3) نفس المرجع : ص 46 .
(1) أبن رشد : كتاب الآثار العلوية نفس المرجع 54 ، 57 .
Aristotle : Meteorologica , with an english translation by H.D.P.( Lee) , M,A (L.C.L) London withien Heininann LTD, Cambridge , Massachustes . Harvard university press , book II , VIII – I X , 365 a – 366 b .
(3) ابن رشد : كتاب الآثار العلوية ص 56 .
(4) المرجع السابق : ص 56 .
(1) علي أحمد الشحات : أبو الريحان البيروني حياته ، مؤلفاته ، أبحاثه العلمية تقديم د. عبد الحليم منتصر 1968 دار المعارف مصر ص 199 .
(1) الحسن بن الهيثم : الشكوك علي بطليموس تحقيق د. عبد الحميد صبره ، ود. نبيل الشهابي تصدير د. إبراهيم مدكور 1971 مطبعة دار الكتب والوثائق القومية مركز تحقيق التراث ص 3 .
(2) نفس المرجع : ص4
(3) مصطفي نظيف : الحسن بن الهيثم بحوثه وكشوفه البصرية ط1 1361 هـ : 1942 م مطبعة نوري مصر جـ1 ص 33 .
(1) الحسن بن الهيثم : الشكوك علي بطليموس تحقيق د. عبد الحميد صبرة ود. نبيل الشهابي تصدير د. إبراهيم مدكور ص65 .
(2) أ.د. ماهر عبد القادر محمد : الحسن بن الهيثم وتأسيس فلسفة العلم الناشر دار المعرفة الجامعية الإسكندرية ص 46، 57 .
(4) مصطفي نظيف : علم الطبيعة نشوءة ورقية وتقدمه الحديث مطبعة مصر ص 42 ، مصطفي نظيف بك : محاضرات ابن الهيثم التذكارية المحاضرة الأولي محاضرة عامة عن الحسن بن الهيثم والناحية العلمية منه وأثره المطبوع في علم الضوء بقسم الطبيعة بكلية العلوم جامعة القاهرة إبريل 1939 مطبعة فتح الله إلياس نوري وأولاده بمصر ص 38 .
(1) ابن رشد : الآثار العلوية ص 60 .
(2) جوزيف شاخت ، كليفورد بوزورث : تراث الإسلام ترجمة د. حسين مؤنس د. إمان صدقي العمد مراجعة د. فؤاد زكريا جـ2 ص 215 – 216.
(3) مصطفي نظيف بك : محاضرات ابن الهيثم التذكارية : المحاضرة الأولي محاضرة عامة عن الحسن بن الهيثم والناحية العلمية منه وأثره المطبوع في علم الضوء ص 39 – 40.
(1) د. احمد عبد الرازق أحمد : الحضارة الإسلامية في العصور الوسطي ص 104 ، د. عبد الله العمري : تاريخ العلم عند العرب ص 163 – 164 ، حسين حمادة : تاريخ العلوم عند العرب ص 117 ، د. علي عبد الله الدفاع : العلوم البحته في الحضارة العربية والإسلامية طـ2 1403 هـ: 1983 م مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ص 300 .
(2) د. غوستاف لوبون : حضارة العرب نقله إلي العربية عادل زعيتر طـ3 1956م طبع بدار إحياء الكتب العربية عيسي البابي الحلبي وشركاه ص 473 .
(3) د. محمد عبد الرحمن مرحبا : الموجز في تاريخ العلوم عند العرب تقديم د. جميل صليبا ص 112 .
(4) بهزاد جابر : الكافي من تاريخ العلوم عند العرب ص 73- 74 .
(5) د. يمني طريف الخولي: بحوث في تاريخ العلوم عند العرب ص 155 ، بهزاد جابر : الكافي من تاريخ العلوم عند العرب ص 73 – 74
(1) Diogenes laertius : lives of eminents philosohers with an english translation by : R.D. Hicks ( L.C.L) vol ,I Book I , p 242 K Aristole : De l, Ame , texte etabli par : A Jannane traduction et nates , de – borbation – pairs societe D, edition , las belles lettres 1996 p 25 .
* اختلف الباحثون حول تفسير قول طاليس بأن المغناطيس يجذب إليه برادة الحديد ففريق يري أنه متأثر بالأسطورة اليونانية التي تزعم أن العالم مملوء بالألهة ، وفي المقابل يري فريق آخر أنه لما كان كل شئ مملوء بالحياة طبقا لنظرية حيوية الطبيعة لأجل ذلك يجذب المغناطيس إليه برادة الحديد .
(2) ابن سينا : مجموع رسائل ابن سينا ، بدون رسالة الأجرام العلوية ص 51 - 52 .
(3) نفس المرجع : ص 52- 53 .
(4) القزويني : عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات قدم له وحققه فاروق سعد طـ3 1973 دار الآفاق بيروت – لبنان ص 275 .
(5) حيدر بامات : إسهام المسلمين في الحضارة ترجمة وتعليق د. عبد القادر البحراوي تقديم ومراجعة د. عبدالله بن ابراهيم الوهيبي ط2 1408 مكتبة النور الإحساء – الهفوف – السعودية ص 89 .
(1) Aristotle : De Caelo by J . L. Stocks ( the works of Aristotle under editor Ross ) vol II oxfford at the clarendon press 1930 , 8 , 14 , 296 a, Aristotle : De plants by : E.S. Forster ( the works of Aristotle under editor Ross ) vol VI oxford at the clarendon press 1913 , Book I , I 816 a .
(1) د. محمد عبد الرحمن مرحبا : الموجز في تاريخ العلوم عند العرب تقديم د. جميل صليبا ص 122 ، د. سيجريد هونكة : شمس الله علي الغرب ترجمه وحققه وعلق عليه د. فؤاد حسنين علي ص 115 – 116 .
(1) قدري حافظ طوقان : تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم جامعة الدول العربية دار الشروق ص 78 – 79 .
(2) حيدربامات : إسهام المسلمين في الحضارة ترجمة وتعليق د. عبد القادر البحراوي تقديم ومراجعة د. عبدالله بن إبراهيم الوهيبي ص 87 .
(3) ل. أ سيديو : تاريخ العرب العام امبراطورية العرب حضارتهم مدارسهم الفلسفية والعلمية والأدبية نقله إلي العربية عادل زعيتر طـ2 1389هـ: 1969 عيسي البابي الحلبي وشركاه ص 336 .
(4) البيروني : استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحني فيها تحقيق أستاذ احمد سعيد الدمرداش مراجعة أستاذ عبد الحميد لطفي – الدار المصرية للتأليف والترجمة ص 32 .
(1) محمد عاطف البرقوقي ، وأبو الفتوح محمد التوانسي : مذاهب وشخصيات الخوارزمي العالم الرياضي الفلكي الدار القومية للطباعة والنشر ص 119 – 120
(2) د. عبدالله العمري : تاريخ العلم عند العرب ص 139 .
* للمزيد من التوضيح ينظر : الخوارزمي : كتاب الجبر والمقابلة قام بتقديمه والتعليق عليه د. علي مصطفي مشرفة ود. محمد مرسي أحمد 1937 مطبعة بول باربيه .
* تستعمل هذه الأرقام في المشرق العربي وترسم كما يلي : 1 ،2 ، 3 ...
(1) جلال مظهر : الحضارة الإسلامية أسس التقدم العلمي الحديث ص 84 .
(2) ي. هل : الحضارة العربية ترجمة د. إبراهيم أحمد العدوي كتاب الهلال سلسلة ثقافية شهرية يونية 1979 م تصدر عن دار الهلال ص 121 .
(4) نفس المرجع : ص 84 .
(1) جوزيف شاخت ، كليفورد بوزورث : تراث الإسلام ترجمة د. حسين مؤنس ، د: إمان صدقي العمد مراجعة د. فؤاد زكريا جـ2 ص 187 ، 208 ، علي أحمد الشحات : أبو الريحان البيروني حياته مؤلفاته أبحاثه العلمية تقديم د. عبد الحليم منتصر ص 121 .
(2) جوزيف شاخت ، وكينورد بوزورث : تراث الإسلام ترجمة د. حسني مؤنس ، د إن إمان صدقي العمد مراجعة د. فؤاد زكريا جـ 2 ، ص 208 .
· ولقد ذكر البيروني في حل التعديل بالحساب أن ما يوجد في كتاب المجسطي يشبه ما ذكر عن البتاني إلا أن بطليموس يستخدم الأوتار بدل الجيوب التي استخدمها البتاني حيث يأخذ وتر ضعف الحصة ووتر تمام ضعفها إلي نصف الدائرة . البيروني استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحني فيها تحقيق أستاذ . أحمد سعيد الدمرداش مراجعة الأستاذ. عبد الحميد لطفي ص 191 .
(1) ل. أ سيديو : تاريخ العرب العام امبراطورية العرب حضارتهم مدارسهم الفلسفية والعلمية والأدبية نقله إلي العربية عادل زعيتر ص 362
(2) نفس المرجع ص 362 .
(3) حسين حمادة : تاريخ العلوم عند العرب ص 149 – 150 ، بهزاد جابر : الكافي من تاريخ العلوم عند العرب ص 101 – 102 ، د. عبد المنعم ماجد : تاريخ الحضارة الإسلامية في العصور الوسطي ص 234 – 235 ، أ. د فؤاد سزكين : تاريخ التراث العربي م 7 أحكام النجوم – الآثار العلوية وما شابهها ترجمة أ.د عبدالله بن عبدالله حجازي مراجعة أ. د محمود فهمي حجازي 1410 هـ مطابع جامعة الملك سعود المملكة العربية السعودية ص 10 –12 .
(1) د. سعيد عبد الفتاح عاشور ، المدينة الإسلامية وأثرها في الحضارة الأوربية طـ2 1982 م الناشر مكتبة الأنجلو المصرية ص 112 .
(2) كرلونلينو : علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطي ملخص المحاضرات التي ألقاها بالجامعة المصرية مكتبة الثقافة الدينية مصر ص 149 – 150 .
(3) د. أحمد فؤاد الأهواني : الكندي فيلسوف العرب 1985 أعلام العرب (108) مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 190
(1) مونتجومري وات : فضل الإسلام علي الحضارة الغربية نقله إلي العربية حسين أحمد أمين ص 51 – 52 ، ديلاسي أوليري : علوم اليونان وسبل إنتقالها إلي العرب ترجمة د. وهيب كامل راجعه زكي علي ص 215 – 217 .
(2) البيروني : كتاب القانون المسعودي صحح عن النسخ القديمة الموجودة في المكاتب الشهيرة تحت اعانة وزارة معارف الحكومة العالية الهندية ط1 1373هـ 1954 م مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند جـ1 ص 24 .
(3) د. عبد الرحمن بدوي: دور العرب في تكون الفكر الأوربي طـ2 مزيدة جدا 1967 م ملتزم الطبع والنشر مطبعة الأنجلو المصرية ص 19 .
(1) البتاني : كتاب الزيج الصابئ نقل عن النسخة المحفوظة بمكتبة الأسكوريال من بلاد الاندلسي إعتني بطبعه وتصحيحه وترجمه إلي اللغة اللاتينية وعلق حواشيه د.كرلو نلينو 1899 م طبع بمدينة رومية العظمي ص 7 .
(2) نفس المرجع ص 18 .
(3) نفس المرجع ص 64 .
(4) د. مصطفي نظيف : علم الطبيعة نشوءة ورقية وتقدمه الحديث ص 27 .
(5) د. سيجريد هونكة : شمس الله علي الغرب ترجمه وحققه وعلق عليه د. فؤاد حسنين علي ص 95- 96 .
(1) محمد عاطف البرقوقي وأبو الفتوح محمد التوانسي : مذاهب وشخصيات الخوارزمي العالم الرياضي الفلكي ص 128 .
(2) نفس المرجع . ص 128
(3) د. علي عبدالله الدفاع : أثر علماء العرب المسلمين في تطوير علم الفلك طـ3 1405هـ/ 1985 م مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ص 31 .
(2) د. ماكس مايرهوف : من الإسكندرية إلي بغداد بحث في تاريخ التعليم الفلسفي والطبي عند العرب منشور ضمن مؤلف التراث اليوناني في الخضارة الإسلامية : دراسات لكبار المتشرقين ألف بينها وترجمها عن الألمانية والإيطالية د. عبد الرحمن بدوي طـ4 1980 م الناشر وكالة المطبوعات الكويت – دار القلم بيروت – لبنان ص 39 .
(3) فيليب خوري حتي : تاريخ العرب الدولة العباسية العرب في أوروبا : أسبانيا وصقلية آخر الدول الإسلامية في العصور الوسطي ونقله إلي اللغة العربية محمد مبروك نافع م 2 ص 486 – 487
(4) د. مصطفي محمود سليمان : تاريخ العلوم والتكنولوجيا في العصور القديمة والوسطي ص 348
(1) علي احمد الشحات : أبو الريحان البيروني حياته ، مؤلفاته ، أبحاثه العلمية تقديم د. عبد الحليم منتصر ص 169 .
(2) د. غوستاف لوبون ، حضارة العرب نقله إلي العربية عادل زعيتر ص 468 – 470 ، جلال مظهر : الحضارة الإسلامية أساس التقدم العلمي الحديث ص 96 – 98 .
(3) ل . أ سيديو : تاريخ العرب العالم : امبراطورية العرب حضارتهم مدارسهم الفلسفية والعلمية والأدبية نقله إلي العربية عادل زعيتر ص 370 ، د. عبدالله العمري : تاريخ العلوم عند العرب ص 214 .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)