بنوك وطنية أيديولوجية وإستراتيجية للشعب المصري

بنوك وطنية أيديولوجية وإستراتيجية  للشعب المصري

من المتعارف عليه أن البنوك تمارس عملها حول المال ، ولكن يوجد بنوك أخري تمارس أعمالها حول الفكر . النوع الأول من البنوك هام جدا لأنه يتناول الحالة الاقتصادية ، ويحاول أن ينمي الاقتصاد الوطني بكل ما أوتي من قوة . وهذا النوع من البنوك يقف دوره عند الوضع الاقتصادي . ولكن النوع الثاني من البنوك أقصد " بنوك الفكر " فإن دورها أكبر بكثير من النوع الأول .

     فـ " بنوك الفكر " محاولة جادة من قبل الأيديولوجيين والإستراتيجيون الوطنيين لتحسين الوضع الحالي للوطن واستشراف مستقبل أفضل لهذا الوطن من خلال الخطط الأيديولوجية والإستراتيجية التي يضعها هؤلاء النخبويون . إذا رأسمال هذه البنوك هو " الفكر " وليس " المال " كما هو في النوع الأول من البنوك .

     " بنوك الفكر " أكثر انتشار في أمريكا ويليها أوروبا . وهذه البنوك الأيديولوجية والإستراتيجية تعتمد عليها الدولة في  أمريكا وأوربا في وضع الخطط والتكتيكات والاستراتيجيات للحاضر والمستقبل المنظور والبعيد . وتتحالف " بنوك الفكر " في أمريكا وأوروبا مع مثيلاتها في الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين العربية . وهذا التحالف البنكي الفكري هو من يدير الصراع الآن في الوطن العربي . وهذا الأمر الأخير ثابت ومعروف .

     ولذلك متى تقوم المؤسسات الوطنية المصرية التابعة للدولة لتأسيس مثل هذا النوع من البنوك الفكرية الوطنية لإعداد البحوث والدراسات الفكرية الدفاعية عن مصر والوطن العربي . لم نسمع حتى الآن عن افتتاح أحد هذه البنوك الأيديولوجية في مصر . ولعل أحدهم يعترض علي هذا الطرح بحجة أن مصر تعج بمراكز بحثية تشبه هذا البنوك من قريب أو بعيد . ولكن واقع الحال يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هذه المراكز مجتمعة لا تقوم بدور يذكر في الحياة الإيديولوجية والإستراتيجية المصرية لأسباب لا داعي للخوض فيها الآن .

     ولذلك من الضروري علي الدولة المصرية والمؤسسات السيادية في الدولة أن تبادر بهذا الدور الكبير خاصة إذا علمنا أهمية هذه البنوك الأيديولوجية . فمثلا هذه البنوك الأيديولوجية والإستراتيجية هي المسئول الأول عن كل ما يجري من صراعات في الوطن العربي ، كذلك هي صاحبة الدور الرئيس في مختلف الحروب التي حدثت ولن تزال تحدث ليس في الوطن العربي فحسب بل في مختلف أرجاء المعمورة .

     فمتى يستيقظ المسئولون في مصر من ثباتهم العميق ويصدروا قرارا وطنيا بتدشين هذه البنوك الإيديولوجية والإستراتيجية لتكون في الصف الأول للدفاع عن مصر والعالم العربي مهما كانت التهديدات الصهيوأمريكية لوقف تأسيس هذه النوعية من البنوك الوطنية التي تضطلع بمسؤولية الدفاع عن مصر والوطن العربي . 

أ.د/ حسن كامل إبراهيم

مصري / مقيم بالخارج