صحيفة الحياة السعودية
هل الفلسفة قاطرة النمو والحرية والديموقراطية؟!
الأحد, 11 ديسيمبر 2011
إن تقرير المنظمة الأممية يشتمل على الكثير من المعلومات والإحصاءات التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على أن الفلسفة مدرسة ليس لنمو وتنمية مجتمعاتنا العربية فحسب، بل هي كذلك الآلية الوحيدة لنشر الحرية والديموقراطية في العالمين العربي والإسلامي على غرار ما جرى ويجري الآن في العالم الغربي.
أقول إن تقرير المنظمة الأممية يشير بكل صراحة ووضوح إلى أن «الفلسفة مدرسة للحرية»، وإذا صغنا هذا العبارة بطريقة منطقية أرسطية فالأمر سيكون على النحو الآتي:
- كل دولة تدرس الفلسفة يتمتع شعبها بالحرية. (1)
- الدولة (أ) تدرس الفلسفة. (2)
- إذاً الدولة (أ) يتمتع شعبها بالحرية.
- هذه النتيجة الأرسطية صادقة لأنها تتفق مع المقدمتين (1) و(2).
هذه النتيجة صحيحة كما قال بيكون وديكارت على المستوى الصوري، لكن ليست صحيحة على أرض الواقع. لماذا؟ لأننا إذا نظرنا إلى بلاد اليونان التي ظهرت فيها الفلسفة نجد الشعب اليوناني منقسماً إلي قسمين أو قل إلى طبقتين : الأولي: طبقة السادة، والثانية: طبقة العبيد. الطبقة الأولى تتمتع بكل الحقوق مقابل الطبقة الثانية التي لا تتمتع بأي حق من الحقوق، ومقصور دورها على العمل لدى الطبقة الأولى فحسب. وهذه حقيقة تاريخية لا تحتاج للمناقشة أو التأويل أو السفسطة. وإذا كانت بلد المنشأ كذلك. فهل من المعقول أن البلاد التي ورثت ميراثها ستكون أحسن منها حالاً؟ ونظرة سريعة إلى الواقع الغربي الآن تؤشر على أن الحديث عن النمو والتنمية أكذوبة كبيرة، وكذلك الحال بالنسبة للحرية والديموقراطية. وإذا كان هذا هو واقع الحال في بلاد المنشأ قديماً والآن. فهل بعد كل ذلك يمكننا القول إن الفلسفة قاطرة للتحضر والتمدن؟
إن تقرير المنظمة الأممية يحوي بين دفتيه كثيراً من المعلومات التي تجانب الصواب عن الفلسفة ما يجعلنا نزعم أن النتيجة («الفلسفة مدرسة للحرية» وضعت سلفاً، وضعت لتصدر إلينا فحسب. إن التقرير تكلم عن تدريس الفلسفة في المملكة العربية السعودية، وأشار إلي أن الفلسفة لا تدرس ببلاد الحرمين الشريفين. ولكن واقع الحال ليس كذلك فللفلسفة نصيب من ساعات التدريس في الجامعات السعودية، فجامعة الملك سعود تدرس أكثر من 30 ساعة فلسفة ومنطق بين أروقتها على مدار الأسبوع. ولقد ورد ذكر بقية دول مجلس التعاون الخليجي في التقرير. إن المعلومات الواردة كافة في التقرير تحتاج لمراجعة شاملة.
و لذلك أهيب بوزير خارجية المملكة العربية السعودية بتشكيل خلية نحل من الاختصاصيين لتقوم بـ:
* مراجعة هذا التقرير بدقة وتمحيص واستخراج ما يوجد فيه من معلومات ليس لها نصيب من الحقيقة في ما يتعلق بتدريس الفلسفة في المملكة العربية السعود وكذلك دول مجلس التعاون الخليجي.
* إعداد تقرير موازٍ لهذا التقرير الأممي يبين للجميع حقيقة الأمر.
* يسهم وزير الخارجية بذلك في تأسيس أول عملية استغراب تقوم بها جماعة من العرب والمسلمين.
* يدشن الوزير بذلك نواة أول مركز علمي ودولي لعلم الاستغراب ليس في إقليم الشرق الأوسط فحسب بل على مستوى العالم أجمع، ويكون هذا المركز العلمي الدولي ملحقاً بوزارة الخارجية السعودية، ويكون تحت إشراف مباشر من الوزير شخصياً. ويكون دور هذا المركز ليس رد الفعل فحسب بل الفعل كذلك، إذ يسهم ببحوثه ودراساته بمساعدة ولي الأمر في اتخاذ قراراته.
قسم الدراسات الإسلامية
كلية التربية - جامعة الملك سعود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق