الثلاثاء، 1 مايو 2012

الفلسفة و إفساد الشباب

إن الشباب هم القوة و الطاقة التي تعتمد عليها كل الشعوب و الأمم في بناء حاضرها و مستقبلها ، و لذلك تحافظ كل الدول على ثروتها من الشباب الجادين الذين يعرفون تماما حاجة شعوبهم إليهم ، أولئك الشباب الذين يدركون حجم المسؤولية التي تقع عاتقهم تجاه شعوبهم . هؤلاء الشباب النابهون والمبدعون و المكتشفون الذين يساهمون في تحقيق التقدم لبلدانهم في كل المجالات ، و تحاول الدول بكل إمكانياتها المادية و المعنوية مساعدتهم على تفريغ الطاقات الموجودة داخلهم و لا يعني ذلك إهدار تلك الطاقات بل استثمارها في ما ينفع أمتهم .
و من هذا المنطلق يجب علينا جميعا أن ننتبه إلي تلك الثروة الغالية التي تمتلكها شعوبنا العربية و الإسلامية و نحافظ عليها. و يجب كذلك أن نكون على دراية تامة بأن تلك الشريحة من أبناء الأمة يستهدفها أعداء الإسلام و المسلمين ، الذين يريدون النيل من قدراتهم و إمكانياتهم و بخاصة النابهين منهم أصحاب القدرات الخاصة و المتميزة لإيقاعهم في حيرة فكرية و بلبلة ثقافية ، و عندئذ يختلط عليهم الصواب بالخطأ و البديهي بغير البديهي و الحقيقي بالزيف الخ .
إن مسألة استهداف شبابنا ثقافيا مسألة قديمة و هي جديدة كذلك ، و دائما ما تنسج الخفافيش لشبابنا في الظلام الدامس الفخاخ الثقافية التي تؤدي بهم إلي الهاوية وخاصة الهاوية الثقافية . نعم يريد الآخرون النيل من شبابنا ثقافيا ، يريد تشويه الحقائق الثقافية التي رسخت في أذهانهم منذ سنين بعيدة ، و اليوم يصدرون لشبابنا أفكارا قديمة وجديدة كذلك ، قديمة لأنها أدلي بها أشخاص منذ قرون بعيدة ، و جديدة لأنها تلبس اليوم أثوابا جديدة أي أنها نفس الأفكار التي وجهت لأمتنا سابقا و أريد منها النيل من ثوابتنا و خصوصيتنا و هويتنا الحضارية .
وهم اليوم يريدون أن يصدرون إلينا كثيرا من مذاهب و أفكار الفلسفة بكل ما تحمل في طياتها من آراء ضالة و مضللة و فاسدة و مفسدة ، و يتلقف تلك الأفكار الفلسفية شبابنا عبر العديد من المواقع الكائنة على الشبكة العنكبوتية " الانترنت " ، فيفتح شبابنا تلك المواقع و يقرؤون تلك الأفكار الضالة و الفاسدة . و يتناقلونها و يتناقشون في مضامينها ، و يتوهمون أن تلك الأفكار صائبة في أغلبها ، و أنها مسلمات لا سبيل إلي ضحدها أو نقدها لأنها من المتانة الفكرية بمكان يجعلها تعلو فوق أي نقد ! ! و من الغريب أن بعض الشباب يحاول استخدام تلك الأفكار في معاملاته اليومية ، وهذا ما حدا ببعضهم إلي تسطيح كثيرا من ممارساتنا اليومية ، وأن يستخف بالعديد من أفكار و آراء الذين يعيشون في كنفهم . و من هذا المنطلق سيأخذ بعض الشباب يتساءل عن الفلسفة : ما هي ؟ ! ، و من أشهر الفلاسفة ؟ ! ، ما نظريات و مذاهب الفلاسفة ؟ ! ، و ما الصواب و الخطأ منها ؟ ! ، هل الفلسفة حكر على شعوب أو دول بعينها ؟ ! ، ما المجالات التي يمكن أن نستخدم فيها الفلسفة ؟ ! .
و أتساءل : لماذا يقرأ الشباب عن الفلسفة ة؟ ! ، و هل هي موضة ثقافية جديدة ما تلبث أن تختفي مثل كل موضة في أي مجال تظهر و تختفي ؟ ! . أم أن الأمر جد لا هزل فيه ، أعني أن شبابنا يوجهه الآخر مع سبق الإصرار و الترصد لقراءة الفلسفة من دون أن يدري هؤلاء الشباب أنها موجهة من قبل أعداء الإسلام و المسلمين . أعتقد أن الأمر مدبر بإحكام لتوجيه شبابنا تلك الوجهة الفاسدة للنيل من قدراتهم و إمكانياتهم الفكرية و الثقافية ، و قد يعترض كثيرون على هذا الطرح الذي أدلي به و يتهموني بالتخلف و الرجعية ، و أنني ضد الإصلاح و التنمية الثقافية ، و أنني ضد تعدد الآراء و الحرية الفكرية . و على الرغم من ذلك سأستمر في التساؤل عن : هل للفلسفة فائدة تذكر ؟ !
نعم سيرد على تساؤلي أحدهم : إنها تعمق التفكير ، وتشحذ الأذهان ، وتنمى القدرات الذهنية والفكرية لدى تلك الفئة التي تتعاطاها ، وذلك يعنى أنها مفيدة لنا جميعا وعلينا جميعا أن نتعاطاها لنحقق لأنفسنا ولأوطاننا أكبر قدر ممكن من الرقى و التقدم الحضاري ماديا ومعنويا .وهذا الاعتراض قابل للرد علية بدون الولوج في أي مناقشات بيزنطية أو أي سفسطة غير مجدية .إن كان فيها هدا فقد هدانا الرحمن الرحيم بالقرآن الكريم وسنة نبيه صلى الله علية وسلم المبعوث للناس كافة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
وأنا أعتقد أن كثيرين يتفقون معي أن الأمر غاية في الأهمية ,ومن الضروري التصدي له بمنتهى الحكمة لأن الفلسفة إذا أصابت عقول الشباب فإنها ستفتك بهم ، وسنندم حيث لا ينفع الندم ، ولذلك يجب علينا أن نشمر عن سواعد الجد للتصدي لكل الأفكار الهدامة التي ترد إلينا من كل حدب وصوب.وعلى الأسرة المسلمة أن تقوم بدورها وتتكاتف معها المدرسة والجامعة لكي نحمى شبابنا من كل تلك المخاطر الثقافية أعني المفاسد والضلالات الكائنة في الفلسفة . ولنا المثل الأعلى والقدوة الحسنة في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فقد تصدى لمفاسد الفلسفة وضلالاتها ، فعلينا الرجوع إلى تراث شيخ الإسلام ابن تيمية لكي نستفيد منة في ما يعن لنا في الوقت الحاضر من مخاطر الفلسفة وضلالاتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق