الثلاثاء، 1 مايو 2012

موقف أهل السنة من فلسفة اليونان و منطقهم جمعاً ودراسة


موقف أهل السنة من فلسفة اليونان و منطقهم
جمعاً ودراسة
د. حسن حسن كامل إبراهيم

     انقسم العرب والمسلمون إزاء علوم الأوائل -  أو العلوم الدخيلة وبخاصة الفلسفة والمنطق اليونانيين -  إلى فريقين: أحدهما مؤيد لها والآخر معارض. ويرجع ذلك إلى أن الفريق الأول يعتقد أنه من الممكن الاستفادة من الفلسفة والمنطق اليونانيين في فهم كثير من مسائل العقيدة الإسلامية، ومن ثم يمكن التوفيق بينهما وبين الدين.ومن هذا المنطلق " أخضع الفلاسفة – يقصد الفلاسفة المنتسبين للإسلام – كل شيء لعقولهم، وأخذوا يرسمون القواعد ويقيمون الأدلة، ويبتعدون كثيراً أو قليلاً عمَّا فهمه المسلمون عن رسولهم، وعمَّا استشعروه من الروح العامة للإسلام على وجه العموم. والواقع أن إقامة ما وراء المادة على العقل إنما هو شهوى أو هوي ، ذلك أنه منذ ابتداء العهد اليوناني وهذا النهج من البحث في إخفاق متتابع ، وفي فشل مستمر ، وفي تناقض ملازم ، ورجاله يناقض بعضهم البعض ، ويهدم كل ما بناه الآخرين ، وعلى توالى الزمن تنهار الآراء وتنشأ آراء أخر لا تلبث أن تنهار ، وهكذا دواليك ."([1]) ومن هذا المنطلق وجد الفريق الآخر المقابل لهذا الفريق أن للفلسفة والمنطق اليونانيين خطراً على العقيدة ، ومما زاد قناعة هذا الفريق برأيه أن أقدام تلك الفئة الأولي التي انبهرت بفلسفة ومنطق اليونان انزلقت إلى الهاوية بسبب الاشتغال بهما . ومن هنا كان ضروريًّا في رأي هذا الفريق رفضهما والعمل على الحد من انتشارهما وتداولهما في ديار الإسلام التي لا تقبل -  بدون القرآن الكريم والسنة الشريفة -  بديلا .
     وهكذا ثار فريق من المسلمين على الفلسفة والمنطق اليونانيين ، وبدت تلك الثورة واضحة عند هؤلاء المفكرين المسلمين " ممن اعتقدوا أن النبي إنما عني  علوم اليونان حين سأل ربه أن يعذه " من علم مالا ينفع فكان يعد مسلما على الحقيقة ، كل من يتجنب اليونانيات معتبرا إياها خطرا على الدين ، وناظرا إليها على أنها " علوم مهجورة " و " حكمة مشوبة بكفر "([2]) ([3]*)
     لقد وجد هذا النفر من المسلمين المعارضين لفلسفة اليونان ومنطقهم أن فيهما من المفاسد والضلالات  ما يجعلهم يطالبون " باستبعادها واتهام أصحابها بالكفر والزندقة . وأقرب الأمثلة على ذلك ما وجدوه في فلسفة أرسطو من مسائل تتعارض بصفة جوهرية مع تعاليم الإسلام وهي : عقيدة الإيمان بالله تعالى، والصلة بين الله والعالم ، وخلود النفس ."(1) ولذلك اعتبر هذا الفريق من المسلمين من قبيل البدع التي نهى عنها الإسلام " استناداً إلى الأحاديث الكثيرة المذكورة في هذا الباب منها ما أمر به الرسول صلي الله عليه وسلم المسلمين " ... فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة . " . (*)
          و لقد رفض أهل السنة الاشتغال بالفلسفة والمنطق اليونانيين بسبب ما صدر عن بعض المسلمين من مفاسد وضلالات ، أقصد بسبب ما أتى به المشتغلون بهما من آراء وأفكار تخالف الإسلام ، كالجعد بن درهم ( تـ 117 هـ ) والجهم بن صفوان ( تـ 127 هـ ) ، الذين أدلوا بآراء تخالف الشرع الحنيف ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر إنكارهم للصفات حتى صفة الوجود لأنها من صفات الحوادث " وهذه فلسفة جريئة تتعارض مع النصوص الدينية ، ولا تتلاءم مع حرية الإيمان في صدر الإسلام ، وكان لها أثرها فيمن حولها من محافظين ومجددين ، فحمل السلف عليها حملة عنيفة ، ورموا الرجلين بالكفر والزندقة . " (11)
  وسيتناول الباحث في هذا البحث آراء هذا الفريق من المسلمين المعارض للاشتغال بالفلسفة والمنطق اليونانيين بالعرض والدراسة ، محاولاً الوقوف على الأسس التي اعتمدوا عليها في رفضهم لهذا التراث العقلي الذي أنتجته عقول فلاسفة اليونان . [4] (*)
1 – ابن حنبل :
   عندما ازدهرت حركة نقل علوم الأوائل وترجمتها خاصة الفلسفة والمنطق في عهد المأمون في أواخر القرن الثاني الهجري ، قلد نفر من المنتسبين للإسلام فلاسفة اليونان ، وادخلوا آراءهم الفلسفية والمنطقية في الدراسات الإسلامية . مما أدي إلى ظهور بعض المفاسد والضلالات في ديار الإسلام . ويصف شمس الدين أبي عبد الله محمد بن الشيخ الصالح أبي بكر بن أيوب بن سعد المشهور بابن قيم الجوزية ( تـ 751 هـ ) ذلك بقوله : " إلى أن جاء أول المائة الثالثة ، وولي على الناس عبد الله المأمون ، وكان يحب أنواع العلوم ، وكان مجلسه عامراً بأنواع المتكلمين في العلوم ، فغلب عليه حب المعقولات ، فأمر بتعريب كتب يونان ، وأقدم لها المترجمين من البلاد ، فعربت له ، واشتغل بها الناس ، والملك سوق ما سوق فيه جلب إليه ، فغلب على مجلسه جماعة من الجهمية ممن كان أبوه الرشيد قد أقصاهم وتبعهم بالحبس والقتل فحشوا بدعة التجهم في أذنه وقلبه فقبلها ، واستحسنها ، ودعا الناس إليها ، وعاقبهم عليها ، فلم تطل مدته ، فصار الأمر بعده إلى المعتصم ، وهو الذي ضرب الإمام أحمد بن حنبل ، فقام بالدعوة بعده ، و الجهمية تصوب فعله ، وتدعو إليه ، وتخبره أن ذلك هو تنزيه الرب عن التشبيه والتمثيل والتجسيم ... ومع هذا فلم يكونوا يتجاسرون على إلغاء النصوص ، وتقديم الآراء والعقول عليها ، فإن الإسلام كان في ظهور وقوة وسوق الحديث نافقة ورؤوس السنة على ظهر الأرض . "[5] (1) نستنتج من ذلك أنه كان يسود بغداد في تلك الآونة تياران عقليان متناقضان : أحدهما إسلامي سلفي يقوده الفقهاء والمحدثون ، الذين يلتزمون نصوص الكتاب والسنة ، وهذا الفريق لا يؤيد التأويل على الإطلاق ، ومن أبرزهم الإمام أحمد بن حنبل ( تـ 241 هـ ) في مقابل ذلك التيار العقلاني الذي يرجح العقل على النص بزعامة المعتزلة . (2)
      ولقد أغوت المعتزلة المأمون بالقول بخلق القرآن الكريم وامتحان كافة علماء الدين في تلك المسألة . ولقد تصدى لهذه المسألة فريق من الفقهاء والمحدثين الذين رفضوا القول بخلق القرآن الكريم . ومن أبرز هؤلاء ابن حنبل ، الذي قرر أن " القرآن كلام الله وليس بمخلوق ، ولا يضعف أن يقول : ليس بمخلوق ، فإن كلام الله ليس ببائن منه ، وليس منه شيء مخلوق . "[6] (1) يعني  ذلك عند ابن حنبل أن كل من قال : أن القرآن الكريم مخلوق فهو كافر ، ومن لم يكفره فهو كافر .[7](2)
     ولقد ابتلي ابن حنبل بسبب قوله هذا الذي عارض فيه الخليفة وحاشيته الذين تأثروا بفلسفة اليونان و منطقهم بمحنة عظيمة ساقته إلى السجن والتعذيب سنين . فقد تبني الخليفة المعتصم ( 218 – 227 هـ ) الذي ولي بعد الخليفة المأمون القول بخلق القرآن الكريم مثل أخيه الخليفة المأمون ، وسار على دربهما من أتي بعد  الخليفة المعتصم الخليفة الواثق ( 227 – 232 هـ ) لكن في عهد الخليفة المتوكل الذي تلاه انتهت محنة القول بخلق القرآن الكريم ؛ لأن الخليفة أظهر ميلاً إلى السنة الشريفة وأظهر أهلها . ولقد انتهت مسألة امتحان الفقهاء والمحدثين في القول بخلق القرآن الكريم سنة 234 هـ . [8] (3) انتهت بترجيح النص الديني على العقل الذي رفعته المعتزلة فوق النص الديني بسبب تأثرهم بفلسفة ومنطق اليونان . 
     2 –  الغزالي :
        يعد أبو حامد الغزالي ( تـ 555 هـ ) في طليعة مفكري المسلمين الذين اتخذوا موقفاً رافضاً للفلسفة والمنطق اليونانيين ، ويظهر ذلك بوضوح وجلاء في بعض مؤلفاته مثل : " المنقذ من الضلال " و " تهافت الفلاسفة " . تلك المؤلفات التي شن من خلالها حملات شرسة على الفلسفة والفلاسفة وصلت ذروتها أن كفرهم الغزالي  .[9](4)                                                                            و يذكر الغزالي أن الفلاسفة  مختلفون ومتنازعون وأساليبهم متباعدة عن بعضها البعض، يقول :" ليعلم أن الخوض في حكاية اختلاف الفلاسفة تطويل ، فإن خطبهم طويل ، ونزاعهم كثير ، وآراؤهم منتشرة ، وطرقهم متباعدة متدابرة ." [10](5) ولم يكتف الغزالي بهذا النقد الذي وجهه للفلاسفة  ؛ بل أنه نعت ما تركه فلاسفة اليونانيين والمسلمين من آراء وأفكار  أنها ملاء بالتخبيط و التخليط و التشويش .[11](1)
     ويشير الغزالي إلى أن مذاهب الفلاسفة لا يقين فيها ولا ثبات ، فهم يعتمدون فيها على الظن ، وعلى هذا الأساس تقوم براهينهم في الإلهيات لذلك اختلفوا حولها .يقول " لا تثبت ولا إتقان لمذهبهم عندهم ، وأنهم يحكمون بظن وتخمين ، من غير تحقيق ويقين ، ويستدلون على صدق علومهم الإلهية بظهور العلوم الحسابية والمنطقية ويستدرجون به ضعفاء العقول ، ولو كانت علومهم الإلهية متقنة البراهين ، نقية عن التخمين ؛ كعلومهم الحسابية لما اختلفوا فيها كما لم يختلفوا في الحسابية . "[12](2) بل إن الفلسفة عنده فيها كثير من الخداع والتلبيس والتخييل .[13] (3)
     ويقرر الغزالي أنه مما زاد الطين بلة ما جرى من تحريف لما ترجم عن فلاسفة اليونان وخاصة فلسفة أرسطاطاليس التي قلدها كل من أبي نصر محمد الفارابي ( 257 – 339 هـ) وأبي على بن الحسين بن سينا ( 370 – 428 هـ ) ، اللذين قلدا – على غرار غيرهم من فلاسفة المسلمين – أرسطاطاليس في مفاسده وضلالاته . يقول : " ثم المترجمون لكلام " أرسطاطاليس " لم ينفك كلامهم عن تحريف وتبديل محوج إلى تفسير وتأويل ، حتى أثار ذلك أيضا نزاعاً بينهم . وأقومهم بالنقل والتحقيق من المتفلسفة في الإسلام " الفارابي أبي نصر " و " ابن سينا " فنقتصر على إبطال ما اختاراه ورأياه الصحيح من مذهب رؤسائهما في الضلال ، فإن ما هجراه واستنكفا من المتابعة فيه لا يتماري في اختلاله ، ولا يفتقر إلى نظر طويل في إبطاله ، فليعلم أنا مقصرون على رد مذاهبهم بحسب نقل هذين الرجلين ، كي لا ينتشر الكلام بحسب انتشار المذاهب ."[14](4) وبسبب كل المفاسد المنتشرة في كل تلك الآراء الفلسفية أكد الغزالي على كفر فلاسفة اليونانيين ومن قلدهم من فلاسفة المسلمين .[15](5)   
     ويشير الغزالي إلى أن أغالطهم التي وقعوا فيها عشرون أصلا ووجب تكفيرهم في ثلاثة منها وتبديعهم في السبعة الأخرى .[16](6) . ويذكر في مؤلفه " تهافت الفلاسفة " الثلاثة التي يجب تكفيرهم فيها على النحو التالي: " أما المسائل الثلاث ، فقد خالفوا فيها كافة المسلمين ، وذلك في قولهم :
1 – إن الأجساد لا تحشر ، وإنما المثاب ، والمعاقب هي الأرواح المجردة ، والمثوبات والعقوبات روحانية لا جسمانية : ولقد صدقوا في إثبات الروحانية ، فإنها كائنة أيضاً ، ولكن كذبوا في إنكار الجسمانية ، وكفروا بالشريعة فيما نطقوا به ...
2 – ومن ذلك قولهم : عن الله تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات . وهذا أيضا كفر صريح ، بل الحق أنه : " لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض " .[17](*)
3 – ومن ذلك قولهم بقدم العالم وأزليته فلم يذهب أحد من المسلمين إلى شيء من هذه المسائل . "[18](1)
      لكن يري بعض الباحثين أن الغزالي عندما وجه انتقاداته للفلسفة والمنطق اليونانيين لم يكن ذلك موقفاً عدائياً منه تجاههما بل إنه انتقد بعض الفلاسفة وبعض أطروحاتهم فحسب بل الأكثر من ذلك فالغزالي– عند هذا النفر من الباحثين – كان فيلسوفاً ومنطقياً عندما انتقد الفلسفة والفلاسفة . فمما لاشك فيه أن الغزالي" ربما يكون أعظم فيلسوف أفرزه الإسلام ، لأنه الروح والفكر المتوقد والعقل الأصيل الفذ المبتكر الذي حاول أن يعبر عن النسق الفكري الإسلامي الأصيل . وسواء أنجح  الغزالي   أم لم ينجح ، فليس هنالك من شك أنه حاول محاولة رائدة ومتحررة إلى أبعد الحدود من أسر الفلسفة اليونانية ، وهي محاولة تزخر بالمثير الجديد . ولئن فشل الفلاسفة في الإشارة إليها والإشادة بها فإن ذلك مرده إلى سوء الفهم لموقف الغزإلى من الفلسفة خاصة ، ولزهد المفكرين الإسلاميين في الفلسفة عامة ، واعتبارها حكراً لفلاسفة اليونان الوثنيين ."[19](2)
     3 – ابن الجوزي :
         يشير أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي البغدادي ( تـ 597 هـ ) على نفس منوال غيره من أهل السنة ، الذين بينوا أن الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام حادوا عن الإسلام بسبب اتباعهم لفلاسفة اليونان في كل ما طرحوه من مذاهب وآراء وأفكار فلسفية . فقبل أن يعدد ابن الجوزي البغدادي الزلات التي سقط فيها هؤلاء المتفلسفة المنتسبين للإسلام – بسبب تلبيس إبليس عليهم – مما أدى بهم إلى الابتعاد عن الحق وتقليد الشيطان . يقول : " إنما تمكن إبليس من التلبيس على الفلاسفة من جهة أنهم انفردوا بآرائهم وعقولهم . وتكلموا بمقتضي ظنونهم من غير التفات إلى الأنبياء ."[20](1) نستنتج من ذلك أن الفلاسفة بسبب توكلهم على عقولهم واجتهاداتهم فحسب ضلوا وأضلوا ولضروا وما نفعوا .
     لقد ألبس إبليس على المتفلسفة المنتسبين للإسلام ، فقد ألبس عليهم الذكاء الشديد ، وأظهر لهم أن الصواب اتباع فلاسفة اليونانيين لا طريق الأنبياء . يقول : " وقد لبس إبليس على أقوام من ملتنا فدخل عليهم من باب قوة ذكائهم وفطنتهم فأراهم أن الصواب اتباع الفلاسفة لكونهم حكماء قد صدرت منهم أفعال وأقوال دلت على نهاية الذكاء وكمال الفطنة كما ينقل من حكمة سقراط و أبقراط  و أفلاطون وأرسطاطاليس وجالينوس وهؤلاء كانت لهم علوم هندسية ومنطقية وطبيعية واستخرجوا بفطنهم أموراً خفية إلا أنهم لما تكلموا في الإلهيات خلطوا ولذلك اختلفوا فيها ولم يختلفوا في الحسيات والهندسيات "[21](2) يدل ذلك على مدي موضوعية ابن الجوزي البغدادي الذي اقر بأن لدي فلاسفة اليونانيين علوم مقبولة ولا اختلاف حولها كعلوم الهندسة والطبيعيات ، وهذه العلوم ممكن الاستفادة منها في أفكارهم وأقوالهم عن الإلهيات فهي غير مقبولة بسبب ما يشيع فيها من مفاسد وضلالات تخالف العقيدة الإسلامية .
     4 – ابن الصلاح :
       لعبت الفتاوى التي أصدرها نفر من رجال الدين المسلمين دوراً بارزاً في النفور من دراسة الفلسفة والمنطق اليونانيين . فها هو ذي كمال الدين الموصلي ابن الصلاح الشهرزوي ( تـ 643 هـ ) يصدر فتواه التي تدعم ذلك الموقف الرافض للاشتغال بهما . وستقوم تلك الفتاوى بعد ذلك بدور كبير في ذلك المضمار حيث سيعتمد عليها ثلة من رجال الدين التالين عليه في تحريم الاشتغال بالفلسفة والمنطق اليونانيين تعليماً و تعلماً .
     فعندما سأل عن الفلسفة والمنطق والاشتغال بهما وعن الفلاسفة المنتسبين للإسلام أفتى بتحريم الاشتغال بهما وكفر هؤلاء الفلاسفة . ومن فتواه على سبيل المثال لا الحصر :
-    مسألة : في جماعة من المسلمين المنتسبين إلى أهل العلم والتصوف ، هل يجوز أن يشتغلوا بتصنيف ابن سينا وان يطالعوا في كتبه ؟ وهل يجوز لهم أن يعتقدوا أنه كان من العلماء أم لا ؟ .
-         أجاب – رضي الله عنه – لا يجوز لهم ذلك ، ومن فعل ذلك فقد غرر بدينه ، وتعرض للفتة العظمى – ولم يكن من العلماء بل كان شيطانا من شياطيناً الإنس ن وكان حيواناً في كثير من أمره ينشد كثيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا  : إن كنت أدري فعلى بدنــــه                                                 من كثرة التخليط أني أنه مـــن أنـــــــه)[22]1)
-    مسألة : فيمن يشتغل بالمنطق والفلسفة تعليماً وتعلماً وهل المنطق جملة وتفصيلاً مما أباح الشارع تعليمه وتعلمه ؟ و الصحابة و التابعون والأئمة المجتهدون والسلف الصالحون ذكروا ذلك ، أو أباحوا الاشتغال به ، أو سوغوا الاشتغال به أم لا ؟ [ وهل ] يجوز أن يستعمل في الأحكام الشرعية الاصطلاحات المنطقية أم لا ؟ وهل الحكام الشرعية ومفتقرة إلى ذلك في إثباتها أم لا ؟ وما الواجب على من تلبس بتعليمه وتعلمه متظاهراً به ، ما الذي يجب على سلطان الوقت في أمره ؟ وإذا وجد في بعض البلاد شخص من أهل الفلسفة معروفا بتعليمها وإقرائها والتصنيف فيها وهو مدرس في مدرسة من مدارس العلم فهل يجب على سلطان تلك البلاد عزله وكفاية [ الناس ] شره ؟
-    أجاب – رضي الله عنه – الفلسفة رأس السفه والانحلال ، ومادة الحيرة والضلال ، ومثار الزيغ والزندقة ، ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالحجج الظاهرة ، والبراهين الباهرة ، ومن تلبس بها تعليماً وتعلماً قارنه الخذلان والحرمان واستحوذ عليه الشيطان ، وأي فن أخزي من فن يعمي صاحبه – أظلم قلبه – عن نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم [ كلما ذكره ذاكر ، وكلما غفل عن ذكره غافل ] مع انتشار آياته المستبينة ، ومعجزاته المستنيرة حتى لقد انتدب بعض العلماء لاستقائها ، فجمع منها ألف معجزة وعددناه مقصراً ، إذ فوق ذلك بأضعاف لا تحصى ، فإنها ليست محصورة على ما وجد منها فى عصره صلي الله عليه وسلم على تعاقب العصور ، وذلك أن كرامات الأولياء من أمته ، وإجابات المتوسلين به حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في الشدائد براهين له صلي الله عليه وسلم قواطع ، ومعجزات له سواطع ، ولا يعدها عد ، ولا يحصرها حد ، أعاذنا الله من الزيغ عن ملته ، وجعلنا من المهتدين وتعلمه مما أباحه الشارع ، واستباحه أحد من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين والسلف الصالحين ، وسائر من يقتدي به من أعلام الأئمة وسادتها ، وأركان [ الأمة ] وقادتها ، قد برأ الله الجميع من مغرة ذلك وأدناسه ، وطهرهم من أوضاره .
-    وأما استعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الحكام الشرعية فمن المنكرات المستبشعة والرقاعات المستحدثة ، وليس بالأحكام الشرعية . والحمد لله [ فالافتقار ] إلى المنطق أصلاً ، وما يزعمه المنطقي للمنطق من أمر الحد والبرهان فقعاقع قد أغني الله عنهما [ بالطريق الأقوم والسبيل الأسلم الأطهر ] كل صحيح الذهن ، ولاسيما من خدم نظريات العلوم الشرعية ، وقد تمت الشريعة وعلومها وخاض في بحار الحقائق والدقائق علماؤها ، حيث لا منطق ولا فلسفة و [ الفلاسفة ] ، ومن زعم أنه يشتغل مع نفسه بالمنطق والفلسفة لفائدة يزعمها فقد خدعه الشيطان ومكر به ، فالواجب على السلطان – أعزه الله وأعز به الإسلام وأهله – أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم ، ويخرجهم من المدارس ويبعدهم ، ويعاقب على الاشتغال بفنهم ، ويعرض من ظهر منه اعتقاد عقائد الفلاسفة على السيف أو الإسلام لتخمد نارهم ، ولتنمحي آثارها وآثارهم ، يسر الله ذلك وعجله ، ومن أوجب هذا الواجب عزل من كان مدرس مدرسة من أجل الفلسفة و التصنيف فيها و الإقرار لها ثم سجنه و إلزامه منزله ، ومن زعم أنه غير معتقد لعقائدهم فإن حاله يكذبه والطريق في قلع الشر أصوله وانتصاب مثله مدرسا من العظائم جملة ، والله تبارك وتعالى ولي التوفيق والعصمة وهو أعلم .[23](1)
يتضح مما سبق أن الاشتغال بالفلسفة والمنطق اليونانيين تعليما وتعلما عند ابن الصلاح يرتبط بالكفر والإلحاد والبعد عن الإسلام قرآنا وسنة .
5 – ابن تيمية :
      بلغت المواجهة بين فلسفة اليونان ومنطقهم من جهة ، والإسلام من جهة أخرى ذروتها مع تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الدمشقي ( 728 هـ ) ، الذي ألف كثيراً من المؤلفات التي أكد من خلالها أن للفلسفة والمنطق اليونانيين مضار عديدة على عقيدة الإنسان المسلم وعلى تفكيره أيضاً ، ولأجل ذلك أشار إلى ما تنطوي عليه من مفاسد وضلالات في كثير من مؤلفاته . منها على سبيل المثال لا الحصر : " درء تعارض العقل والنقل " ، " الرد على المنطقين " ، " نقض المنطق " ، " الرسالة التدمرية " ، " الرسالة العرشية "، " رسالة الرد على عقائد الفلاسفة " ،،، إلخ . وسنشير في هذا المقام إلى بعض أقوال ابن تيمية – على سبيل المثال لا الحصر – التي تبين هذا الوقف الرافض لفلسفة اليونان ومنطقهم .
     أشار ابن تيمية إلى أن الفلاسفة يزعمون أن أطروحاتهم الفكرية والعقلية مما هو محكم ويجب اتباعه مقابل رسالات الأنبياء والمرسلين فهي من المتشابه . يقول : " ... ( وكالفلاسفة ) فيجعلون ما ابتدعوه هم برأيهم هو المحكم الذي يجب اتباعه ، وإن لم يكن معهم من الأنبياء والكتاب والسنة ما يوافقه ويجعلون ما جاءت به الأنبياء وإن كان صريحاً قد يعلم معناه بالضرورة يجعلونه من المتشابه ، ولهذا كان هؤلاء أعظم مخالفة للأنبياء من جميع أهل البدع . "[24](1)
     يعترض ابن تيمية على مزاعم المتفلسفة تجاه القرآن الكريم وتوهمهم أنهم وحدهم أهل اليقين . يقول : " والمتفلسفة يقولون : القرآن جاء بالطريق الخطابية والمقدمات الإقناعية التي تقنع الجمهور ، ويقولون : أن المتكلمين جاءوا بالطرق الجدلية ، ويدعون أنهم أهل البرهان اليقيني ، وهم أبعد عن البرهان في الإلهيات من المتكلمين ، والمتكلمون أعلم منهم بالعمليات البرهانية في الإلهيات والكليات ، ولكن للمتفلسفة في الطبيعيات خوض وتفصيل تميزوا به بخلاف الإلهيات ، فإنهم من أجهل الناس بها وأبعدهم عن معرفة الحق فيها ، وكلام أرسطو معلمهم فيها قليل كثير الخطأ فهو لحم جمل غث ، على رأس جبل وعر ، لا سهل فيرتقي ولاسمين فيقلي . "[25](2)
     ذكر ابن تيمية في مقدمة كتابه " نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان " والذي لخصه جلال الدين السيوطي ( تـ 911 هـ ) تحت عنوان " جهد القريحة في تجريد النصيحة " إلى عدم فائدة المنطق لعقمه وفساده ، وهذا ما أثبته في كثير من مؤلفاته " الرد على المنطقيين " و " نقض المنطق " ،،،إلخ . يقول : " أما بعد : فإني كنت دائماً أعلم أن المنطق اليوناني لا يحتاج  إليه الذكي ، ولا ينفع به البليد . ولكن كنت أحب أن قضاياه صادقة لما رأيناه من صدق كثير منها ثم تبين لي فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه وكتبت في ذلك شيئا ، ولما كنت بالإسكندرية اجتمع لي من رأيته يعظم المتفلسفة بالتهويل والتقليد ، فذكرت له بعض ما يستحقونه من التجهبل والتضليل . واقتضي ذلك أني كتبت في قعدة بين الظهر والعصر من الكلام على المنطق ما علقته تلك الساعة ولم يكن ذلك من همتي ، لأن همتي كانت فيما كتبته عليهم في الإلهيات ، وتبين لي أن كثيراً مما ذكروه في المنطق هو من أصول فساد قولهم في الإلهيات مثل ما ذكروه من تركيب الماهيات من الصفات التي سموها ذاتيات ، وما ذكروه من حصر طرق العلم فيما ذكروه من الحدود و الأقيسة البرهانيات ، بل ما ذكروه من الحدود التي بها تعرف التصورات ، بل ما ذكروه من صور القياس ومواد اليقينيات . فأراد بعض الناس أن يكتب ما علقته إذ ذاك من الكلام عليهم في المنطق فأذنت في ذلك لأنه يفتح باب معرفة الحق وإن كان ما فتح من باب الرد عليهم يحتمل أضعاف ما علقته . "[26](1)  
     لقد بز ابن تيمية في نقده وهجومه على فلسفة ومنطق اليونان الغزالي وكذلك أبو محمد على بن حزم الظاهري ( تـ 456 هـ ) ، و فاقهما أيضاً في حملته على علم الكلام وفلسفة الفلاسفة المنتسبين للإسلام . فقد " هاجما – يقصد الغزالي وابن حزم الظاهري - الفلسفة اليونانية – العربية بلهجة لا هوادة فيها ولا لبس . وقد تخطى ابن تيمية بعنفه ابن حزم ، فاحتج على مضار الفلسفة وعلم الكلام ، ودعا إلى الرجوع إلى الطرق القويمة التي انتهجها " السلف الصالح " فكأنه باندفاعه الديني هذا أراد أن يبطل تراث قرون عديدة من ثمار التفكير الديني ، ويستقي الحق من مياه الدين الصافية ، كما كانت قبل أن تعكرها الخلافات الكلامية والمشادات الفلسفية بزمن طويل . "[27](2)
6 – ابن قيم الجوزية :
      تابع ابن قيم الجوزية شيخه ابن تيمية في رفض فلسفة اليونان ومنطقهم بسبب ما يشتملا عليه من مفاسد وضلالات  ، إلى جانب الأضرار التي تلحق بالمشتغل بهما . ولقد بين ابن قيم الجوزية موقفه الرافض للفلسفة والمنطق اليوناني في العديد من المؤلفات التي تركها ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : " مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة " و " إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " و " القصيدة النونية المسماة الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية " و " الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة " ،،، إلخ .
     يري ابن قيم الجوزية أن إبليس تلبس على طائفة من الناس - الفلاسفة - وزين لهم أن الفلسفة تمثل اليقين المطلق وأن منطق اليونان يعتبر ميزان المعاني . يقول : " ومن كيده بهم وتحيله على إخراجهم من العلم والدين : أن ألقى على ألسنتهم أن كلام الله ورسوله ظواهر لفظية لا تفيد اليقين ، وأوحى إليهم أن القواطع العقلية والبراهين اليقينية في المناهج الفلسفية ، والطرق الكلامية ، فحال بينهم وبين اقتباس الهدى واليقين من مشكاة القرآن ، وأحالهم على منطق يونان ، وعلى ما عندهم من الدعاوى الكاذبة العرية عن البرهان : وقال لهم : تلك علوم قديمة صقلتها العقول والأذهان ، ومرت عليها القرون والأزمان ، فانظر كيف تلطف بكيده ومكره حتى أخرجهم من الإيمان كإخراج الشعرة من العجين ".[28](1)
     ويعتبر ابن قيم الجوزية آراء فلاسفة اليونان فاسدة ، فآراء أرسطاطاليس – على سبيل المثال لا الحصر – باطلة ويشيع فيها كثير من الأخطاء . يقول : " وقد حكي أرباب المقالات أن أول من عرف عنه القول بقدم هذا العالم أرسطو . وكان مشركاً يعبد الأصنام . وله في الإلهيات كلام كله خطأ من أوله إلى آخره ، قد تعقبه بالرد عليه طوائف المسلمين ، حتى الجهمية والمعتزلة ، والقدرية ، والرافضة ، وفلاسفة الإسلام ، أنكروا عليه ، وجاء فيه بما يسخر منه العقلاء . "[29](2) نستدل من ذلك على أن مفكري المسلمين بمختلف طوائفهم لم يقلدوا أرسطاطاليس على الإطلاق بل إنهم رفضوا بعض آرائه .
     ويحمل ابن القيم الجوزية على أرسطاطاليس لقوله :  أن الله تعالى لا يعلم الجزئيات ، ويتعجب كيف يدلي بهذا الرأي الفاسد . يقول : " وأنكر أن يكون الله سبحانه وتعالى يعلم شيئاً من الموجودات ، وقرر ذلك بأنه لو علم شيئاً لكمل بمعلوماته ، ولم يكن كاملاً في نفسه ، وبأنه كان يلحقه التعب و الكلال من تصور المعلومات . فهذا غاية عقل هذا المعلم والأستاذ . وقد حكي ذلك أبو البركات - يقصد هبة الله بن ملكا البغدادي ( تـ 547 هـ ) - ، وبالغ في إبطال هذه الحجج ، وردها ."[30](3)
     و لم يترك ابن قيم الجوزية مؤلفاً قائماً بذاته أشار فيه  لانتقاداته على منطق أرسطاطاليس على غرار شيخه ابن تيمية بل نجد له بعض الآراء حول هذه المسألة موجودة في مختلف مؤلفاته . فنجده في مؤلفه " مفتاح دار السعادة ... " يشير إلى أن المنطق اليوناني علم غير صحيح ، ومخالف للعقل الصريح ، وأن أصوله فاسدة ومتناقضة . يقول : " أما المنطق فلو كان علماً صحيحاً كان غايته أن يكون كالمساحة والهندسة ونحوها ، فكيف وباطله أضعاف حقه وفساده وتناقض أصوله واختلاف مبانيه توجب مراعاتها الذهن أن يزيغ في فكره ولا تؤمن بهذا إلا من قد عرفه وعرف فساده وتناقضه ومناقضة كثير منه للعقل الصريح ، وأخبر بعض من كان قد قرأه وعني به أنه لم يزل متعجباً من فساد أصوله وقواعده ومبانيها لصريح المعقول وتضمنها لدعاوي محضة غير مدلول عليها وتفريقه بين متساويين وجمعه بين مختلفين فيحكم على الشيء بحكم وعلى نظيره بضد ذلك الحكم أو يحكم على الشيء بحكم ثم يحكم على مضاده أو مناقضه به ."[31](1)
     ولقد أشار ابن قيم الجوزية إلى أنه  رد على آراء أرسطاطاليس المنطقية نفر غفير من المسلمين  وفي مقدمة هؤلاء ما صنفه شيخه ابن تيمية من مؤلفات للرد على منطق أرسطاطاليس ، وخاصة كتابيه الكبير " نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان " والصغير " نقض المنطق  " حيث بين فيهما ما يوجد في منطق أرسطاطاليس من مفاسد وعيوب .[32](2)    
7– السيوطي :
      ذكر السيوطي أن كثيراً ممن يشتغلون بالمنطق اليوناني لا يتقنونه ولا يفهمونه ، وهم يدافعون عنه عن جهل لا عن علم ، وهؤلاء المناطقة رفضوا فتاوى ابن الصلاح بتحريم تعليمه وتعلمه ، إنهم – عند السيوطي – لم يسلكوا طريق أهل الشرع ولا طريق أهل المنطق . يقول : " ثم أن كثيراً من المخبطين – يقصد المشتغلين بالمنطق – الذين هم عن تحقيق العلم بمعزل ، لهجوا بأن يقولوا ما الدليل على تحريمه ؟ وما مستند ابن الصلاح في إفتائه بذلك ؟ ونحو ذلك من العبارات . والعجب أنهم يناضلون عن المنطق ولا يتقنونه ، ويدأبون فيه وفي أبحاثهم لا يستعملونه ، فيخبطون فيه خبط عشواء ولا يهتدون عند المناظرة والاستدلال إلا إلى عمياء . ولقد اجتمع بي بعض من قطع عمره في المنطق فرأى قول ابن الصلاح في فتاويه – وليس بالاشتغال بتعلمه وتعليمه مما أباحه الشارع ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين والسلف الصالحين فقال ، هذه شهادة على نفي فلا تقبل : فقلت يا سبحان الله لا طريق أهل الشرع سلكتم ولا طريق أهل المنطق اعتمدتم . "[33](3) ويعلل السيوطي تخبط المناطقة وتذبذبهم بين طريق أهل الشرع وأهل المنطق بقوله : " أما أهل الشرع فيقولون : إن النفي إذا كان من أهل الاستقراء التام فإنه يقبل ويعتمد . وقد جري على ذلك أهل الحديث وأهل الفقه وأهل العربية ، لغة ونحواً وتصريفاً ، وأهل البلاغة معاني وبيانا وبديعا ، وأهل العروض في مشاكل يطول سردها . وأما أهل المنطق فإنهم يقولون : إن السالبة الكلية إنما تنتقض بموجبة جزئية . وهو أن يقال بل أباحه فلان الصحابي أو التابعي أو المجتهد فيحصل بذلك نقض كلام ابن الصلاح ولا سبيل إلى وجود ذلك عن أحد من المذكورين حتى يلج الجمل في سم الخياط . وأما الدفع بالصدر وهو أن يقال ما هو صحيح أو من أين له ذلك فما هو طريقة أحد لا متشرع ولا متفلسف . "[34](1)
     يؤكد السيوطي على موافقته على فثاوي ابن الصلاح من خلال إشارته إلى أنه ألف كتابه " صون المنطق ..." لأجل توضيح صحة ما قاله ابن الصلاح من تحريم الاشتغال بالمنطق . يقول : " وقد رأيت أن أصنف كتاباً مبسوطاً [ في تحريمه ] – يقصد المنطق – على طريقة الاجتهاد والاستدلال جامعا مانعا وبالحق صادعا ، أبين فيه صحة ما ادعاه ابن الصلاح من نسبة نفي الإباحة إلي المذكورين . ولما شرعت في ذلك ولزم منه الانجرار إلى نقل نصوص الأئمة في منع النظر في علم الكلام لما بينهما من التلازم . " [35](2)
     يبدو بوضوح مما سلف أن السيوطي تأثر بكل من فتاوى ابن الصلاح التي تنص على تحريم الاشتغال بالفلسفة والمنطق اليونانيين ، وتأثر أيضاً بالانتقادات التي وجهها ابن تيمية لهما في العديد من مؤلفاته . وسيتأثر بكل هذه الجهود لاحقا كثيرا من أهل السنة الذين سيأتون بعد ذلك . 
     يظهر مما سبق أن الفلسفة التقت بالدين في ديار الإسلام على يدي الفلاسفة المنتسبين للإسلام ، الذين قاموا بعملية توفيق بين الدين والفلسفة ، ولذلك قيل أن الفلسفة الإسلامية فلسفة توفيقية : توفق بين الدين ( الإسلام ) و الفلسفة ( الفلسفة عامة وفلسفة اليونان على وجه الخصوص ) . لكن هذا الأمر – على نحو ما ذكرنا سابقاً – لم يستمر كثيرا فقد واجه رجال الدين من المسلمين أعني أهل السنة هذه المسألة بالدراسة والتحليل والنقد . فهذه المحاولات من قبل الفلاسفة المنتسبين للإسلام " لم تمر بسلام ، فقد حدثت ردود فعل مختلفة ، وبدرجات متفاوتة إذ تصدى الغزالي للفلسفة وكفر منتحليها في مسائل معينة ولكنه ارتضي منها بعض مسائل أخري ، بينما نجد ابن تيمية ومدرسته ومن هم على شاكلته من المتشددين في التمسك بالصورة الأولى المخلصة للإسلام عند بدء ظهوره ، يرفضون كل دعاوى الفلسفة والمنطق . "[36](3)
      ولقد مرت تلك الثورة على الفلسفة والمنطق اليونانيين في ديار الإسلام بمراحل وتطورات . فيبدو بوضوح وجلاء " مدي عنف الثورة وشدتها تلك الثورة التي كادت أن تكون على المسلمين لا فرض عين بل فرض كفاية ، بيد أنها كانت حتى الآن قد اتخذت صورة الفتاوى والدعاوي والمنشورات والبيانات التي لا تهمنا قيمتها العلمية بقدر ما يهمنا مبلغ ما فيها من انفعالات نفسية وشحنات عقلية تلقي جميعاً الضوء على رد الفعل الذي كان العالم الإسلامي يحياه ، فإننا نجد هذه الثورة عند آخرين من نظار المسلمين وقد اتخذت شكل النقد المنهجي القائم على الاستدلال المنطقي المؤدي بدوره إلى تحريم تعاطي الفلسفات والتنازل عنها . "[37] (1)
     وفسر نفر من الباحثين موقف أهل من الفلسفة والمنطق اليونانيين أعني تحريم الاشتغال بهما من قبيل خوفهم على العقيدة الإسلامية ، فالفلسفة والمنطق اليونانيان يمثلان خطرا يهدد العقيدة الإسلامية ، لذلك قرر أهل السنة ضرورة التحذير من خطرهما ومحاربتهما . فقد كان " لأهل السنة بإزاء المنطق اليوناني موقف خطير أخطر بكثير من موقفهم بإزاء بقية علوم الأوائل . فبينما كان عدم الثقة بإزاء العلوم اليونانية الأخرى يبدو في العناية بالتحذير منها فحسب ، ظهر الكفاح ضد المنطق في صورة معارضة خطيرة كل الخطورة . فالاعتراف بطرق البرهان الأرسططالية أعتبر خطراً على صحة العقائد الإيمانية ، لأن المنطق يهدد تهديداً جدياً كبيراً . وعن هذا الرأي عبر الشعور العام لدى غير المثقفين في هذه العبارة التي جرت مجري المثل : من تمنطق تزندق . "[38](2)
     وبسبب تلك الثورة التي أعلنها أهل السنة تجاه الفلسفة والمنطق اليونانيين ، لجأ الفلاسفة المنتسبون للإسلام إلى التأليف بأكثر من طريقة حتى لا يتعرضوا لغضب رجال الدين مما قد يستعدي الحكام عليهم . وهذا ما فعله معظم المتفلسفة " فهم يتكلمون بألسنة كثيرة ويؤلفون كتباً خاصة وعامة ويرمزون أحياناً ولا يجهرون ، وربما كان من بين أسباب هذه الظاهرة جملة عوامل من بينها ... الخوف من قوة المحافظة وعلى رأسها طريقة الفقهاء والمحدثين ورجال الدين عموماً والسلطة السياسية التي كانت غير مأمونة الجانب حتى عندما يكون لها ميل لتشجيع الفلسفة أحيانا ، لأنها هي الأخرى واقعة تحت ضغط  الرأي العام متمثلاً في طبقة رجال الدين الذين هم في الغالب على عداء أو لنقل تخوف من الفلسفة والثقافات الوافدة . "[39](1) ورغم تلك المقاومة الشديدة من قبل أهل السنة للفلسفة والمنطق اليونانيين إلا أنهما تمكنا من إحراز انتصار كبير في ديار الإسلام أمام تلك المعارضة الشديدة .[40](2) ويعتبر الغزالي من أهم الشخصيات الإسلامية التي لعبت دوراً كبيراً في توطيد أقدام المنطق خاصة في ديار الإسلام من خلال تقديمه كثيراً من الأسباب والعوامل التي عملت على بقائه واستمراره في ديار الإسلام .[41](3) 
الخاتمة : تشتمل على أهم النتائج التي توصل إليها الباحث :
1 – لم يقف المسلمون موقفاً موحداً في التعامل مع فلسفة  اليونان ومنطقهم  ففي حين وفق فريق منهم -  وهم الفلاسفة المنتسبين للإسلام -  بين الدين والفلسفة ؛ رفض فريق آخر منهم الفلسفة والمنطق اليونانيين بسبب ما ينطويان عليه من مفاسد وضلالات .
2 – أكد المناطقة على الدور الذي لعبه المنطق اليوناني في تأسيس علوم اللغة العربية وخاصة النحو العربي في مقابل علماء اللغة العربية الذين رفضوا ذلك الدور وأكدوا على عدم تأثر علو اللغة العربية وخاصة النحو العربي بالمنطق اليوناني .
3 – ظهر في ديار الإسلام كثير من المشكلات الدينية والعقلية بسبب اشتغال الفلاسفة المنتسبين للإسلام بفلسفة اليونان ومنطقهم ، وفي مقدمة تلك المشكلات " مشكلة خلق القرآن الكريم " مما أدى إلى إلحاق الأذى المادي والمعنوي بمن رفض الرأي الذي تبنته السلطة الحاكمة في تلك الآونة .
4 – على الرغم من الانتقادات التي وجهها الغزالي للفلسفة والمنطق اليونانيين إلا أنه يُعتبر في مقدمة المفكرين المسلمين المرَّوجين لهما في ديار الإسلام .
5 – لعبت الفتاوى والمنشورات  التي أصدرها أهل السنة دوراً كبيراً في الحد من الاشتغال بالفلسفة والمنطق اليونانيين تعليما وتعلما .

قائمة المصادر والمراجع :
·        القرآن الكريم .
·        السنة الشريفة .
أولا : العربي منها :
1 – د. إبراهيم مدكور : في الفلسفة الإسلامية : منهج وتطبيق  ، دار المعارف – مصر .
2 - ابن تيمية : مجموعة الرسائل  ، يطلب من مكتبة ومطبعة محمد على صبيح وأولاده – الأزهر – مصر .
3– ابن الجوزي البغدادي : تلبيس إبليس ، الدراسة والتحقيق والتعليق د. السيد الجميلي ، دار الريان للتراث – مصر .
4-  ابن حزم الأندلسي : الفصل في الملل والأهواء والنحل  وبهامشه الملل والنحل للشهرستاني ، مكتبة الخياط ، بيروت – لبنان .
5- ابن الصلاح : فتاوى ومسائل : في التفسير والحديث والأصول والفقه ومعه أدب المفتي والمستفتي ، حققه وخرج حديثه وعلق عليه ، د. عبد المعطي أمين فلعجي ، الطبعة الأولي ، 1406 هـ / 1986م ، دار المعرفة ، بيروت – لبنان .
6- ابن قتيبة الدينوري : أدب الكاتب ، حققه وضبط غريبه ، وشرح أبياته أو المهم من مفرداته محمد محيي الدين عبد الحميد ، بدون .
7-  قيم الجوزية : الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة  ، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه وقدم له د. على بن محمد الدخيل الله ، النشرة الأولي 1408 هـ  ، دار العاصمة ، الرياض ، المملكة العربية السعودية .
8- ابن قيم الجوزية : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة. بدون د. 7 9 - ابن قيم الجوزية : إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان  ، حققه وعلق عليه وقدم له د. السيد الجميلي دار ابن زيدون للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان . 
10 - أبو حيان التوحيدي:  المقابسات  ، محقق ومشروح بقلم حسن السندوبي ، الطبعة الأولي  ، 1347 هـ / 1929م ، المطبعة الرحمانية ، يطلب من المكتبة التجارية الكبرى – مصر .
11 - أحمد بن حنبل : أصول السنة : وبحاشيته تمام المنة في التعليق على أصول السنة بقلم عمرو عبد المنعم سليم ، الطبعة الأولي ، 1414 هـ / 1993 م، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة .
12 - ت. ج. دي بور : تاريخ الفلسفة في الإسلام ، نفله للعربية وعلق عليه محمد عبد الهادي أبو ريده ، الدار التونسية للنشر – المؤسسة الوطنية للكتاب – الجزائر .
13 - جلال العشري : حقيقة الفلسفة الإسلامية : ، الطبعة الأولي ، 1412 هـ / 1991م ، الدار المصرية اللبنانية طباعة نشر توزيع .
14 - د. حسام الدين الألوسي : دراسات الفكر الفلسفي الإسلامي : ، الطبعة الأولي  ، 1400/ هـ 1980م المؤسسة العربية للدراسات والنشر .
15 - د. زكريا بشير إمام الفلسفة النورانية القرآنية عند الغزالي: رؤية نقدية لفكر الغزالي وفلسفته ، الطبعة الأولي ، 1409 هـ / 1989م ، مكتبة الفلاح – الكويت للنشر والتوزيع .
16 - السيوطي : صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام : ويليه مختصر السيوطي لكتاب نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان لتقي الدين بن تيمية ، نشره وعلق عليه على سامي النشار ، الطبعة الأولي  ، 1946م ، بنفقة مكتبة الخانجي بمصر – مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر .
17  – د. عبد الحليم الجندي : أحمد بن حنبل إمام أهل السنة ، 1390 هـ / 1970 م، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية : لجنة التعريف بالإسلام يشرف على إصدارها محمد توفيق عويضه ، الكتاب الخامس والستون ، الجمهورية العربية المتحدة .
18 - عبد الحليم محمود : التفكير الفلسفي في الإسلام  ، 1985م ، دار الكتاب اللبناني – مكتبة المدرسة . بيروت – لبنان .
19- أ د . عبد الله بن عبد المحسن التركي :  صول مذهب الإمام أحمد بن حنبل دراسة أصولية مقارنة : ، ط 1، 1393 هـ /1974 م ،مطبعة جامعة عين شمس .
 20 - الغزالي : المنقذ من الضلال مع أبحاث في التصوف ودراسات عن الغزالي أ.د. عبد الحليم محمود ، مطبعة حسان ، يطلب من دار الكتب الحديثة .
21 -  الغزالي : تهافت الفلاسفة  ، تحقيق د. سليمان دنيا ، الطبعة الثالثة ، مزيدة ، ذخائر العرب (15 ) دار المعارف – مصر .
22 - الغزالي : المنطق والموازين القرآنية : قراءة لكتاب القسطاس المستقيم أ.د . محمد مهران ، الطبعة الأولي ، 1417 هـ / 1996م ، سلسلة أبحاث علمية (13 ) المعهد العالمي للفكر الإسلامي .
23 - لاجنتس جولد تسيهر : موقف أهل السنة القدماء بإزاء علوم الأوائل ، دراسة ضمن كتاب التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية : دراسات لكبار المستشرقين : ألف بينها وترجمها عبد الرحمن بدوي ، 1940م ، الناشر مكتبة النهضة العربية .
24 - د. ماجد فخري : تاريخ الفلسفة الإسلامية باللغة الإنجليزية نقله إلى العربية د. كمال اليازجي ، 1974م ، جميع حقوق الطبعة العربية محفوظة للدار المتحدة للنشر .
25 - محجوب بن ميلاد : الفكر الإسلامي بين الأمس واليوم أو شؤون دارنا العقلية : ، الطبعة الثانية  ، 1961م ، الشركة القومية للنشر والتوزيع – تونس .
26 - د. محمد على أبو ريان : تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام : المقدمات – علم الكلام – الفلسفة الإسلامية ، 1976م ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت – لبنان .
27 - مصطفي حلمي : الإسلام والمذاهب الفلسفية  ،الطبعة الأولي ، 1405 هـ / 1985م ، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع .
الأجنبي منها :
      1- Sheikh (Saeed .M ) :Islamic philosophy ,first impression © 1982 the Octagon press Ltd .Photoset and printed in Great Britain .                                                         
 2 – Watt ( Montgomery .W) Muslim intellectual a study of Al – Ghazali , ©1963 , the Edinburgh university press. U.S.A .Agent : Aldine publishing company .                

    
                        

         
     
     
                       
 
    
     [42] (((((


(1) د. عبد الحليم محمود : التفكير الفلسفي في الإسلام ،  19085م ، دار الكتاب اللبناني ، مكتبة المدرسة بيروت – لبنان ، ص 465 .
(2) جلال العشري : حقيقة الفلسفة الإسلامية ، الطبعة الأولي 1412 هـ / 1991م ، الدار المصرية اللبنانية طباعة نشر توزيع ، ص 135 .
(*) ورد هذا الحديث بأكثر من رواية في كتب الصحاح على النحو التالي:
- كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها " .
- كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : " اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ، ودعاء لا يسمع ، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع أعوذ بك من هؤلاء الأربع " .
-  عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يتعوذ من أربع " من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع " .
- كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : " اللهم إني أعوذ بك من الأربع من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ،  ومن نفس لا تشبع ،  ومن دعاء لا يسمع " . ينظر الكتب الستة بإشراف ومراجعة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم أل الشيخ : صحيح مسلم ، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، باب 18 في الأدعية ، حديث رقم 6906، ص 1150 ، سنن الترمذي ، كتاب الدعوات ، باب 68 : دعاء اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ، حديث رقم 3482 ، ص 201 ، سنن النسائي ، كتاب الاستعاذة ، باب 2 : الاستعاذة من قلب لا يخشع ، حديث رقم 5444 ، ص 2436 ، سنن ابن ماجه ، كتاب الدعاء ، باب 2 : دعاء رسول الله صلي الله عليه وسلم ، حديث رقم 3837 ، ص 2705 ، سنن أبي داود ، كتاب الوتر ،باب 32 : في الاستعاذة ، حديث رقم 1548 ، ص 1337 . 
(1) د. محمد مصطفي حلمي :  الإسلام والمذاهب الفلسفية ،  الطبعة الأولي 1404 هـ / 1985م ، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ، ص 100 .
(*)  ورد هذا الحديث بأكثر من رواية في كتب الصحاح على النحو التالي:
- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ." .
- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً وسترون من بعدي اختلافاً شديداً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة . " .
- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافاً كثيراً ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ." . ينظر الكتب الستة بإشراف ومراجعة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ : سنن أبي داود ، كتاب السنة ، باب 5 : في لزوم السنة ، حديث رقم 4607 ، ص 1561 ، سنن ابن ماجه : كتاب السنة ، باب 6 : اتباع سنة الخلفاء الراشدين ، حديث رقم 42 ، ص 2479 ، سنن الترمذي ، كتاب أبواب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باب 16 : ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة ، حديث رقم 2676 ، ص 1921 .
 (1) د. إبراهيم مدكور : في الفلسفة الإسلامية : منهج وتطبيق  ،  دار المعارف – مصر ، جـ 2  ، ص 29 .                                                   (*) من الضروري أن ننبه إلى أن الموقف الرافض للاشتغال بفلسفة ومنطق اليونان لم يقتصر على رجال الدين فحسب بل أنه يوجد شريحة أخرى من المثقفين المسلمين عارضت بدورها الاشتغال بهما وبخاصة المنطق ، ورفضت أن يكون للمنطق دوراً في تأسيس علوم اللغة العربية وبخاصة النحو العربي . وسنذكر هنا نماذج من هؤلاء اللغويين على سبيل المثال لا الحصر :
* يشير أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ( 213 – 276 هـ ) إلى أن أكثر أهل زمانه اتجهوا إلى الاشتغال بالمنطق وأعلوا من شأنه في حين أنهم ولوا ظهورهم  للقرآن الكريم والسنة الشريفة ، وهذه الفئة من المسلمين ظنوا بذلك أنهم علماء عصرهم ، يقول : " وأرفع درجات لطيفنا – يقصد المشتغل بالمنطق - ... ينظر في ... حد المنطق ، ثم يعترض على كتاب الله بالطعن وهو لا يعرف معناه ، وعلى حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم بالتكذيب وهو لا يدري من نقله ، قد رض عوضا من الله ومما عنده بأن يقال " فلان لطيف " ... و" فلان دقيق النظر " يذهب إلى أن لطف النظر قد أخرجه عن جملة الناس وبلغ به العلم ما جهلوه ، فهو يدعوهم الرعاع والغثاء والغثر ، وهو لعمر الله بهذه الصفات أولي ، هي به أليق ، لأنه جهل وظن أنه قد علم ، فهاتان جهالتان ، ولأن هؤلاء جهلوا وعلموا أنهم يجهلون . ولو أن هذا المعجب بنفسه ، الرازي على لإسلام برأيه ، نظر من جهة النظر لأحياه الله بنور الهدي وثلج اليقين . " وهكذا لا ينبهر المنطقي بمنطق يونان فحسب بل أنه يطعن في القرآن الكريم ويكذب السنة الشريفة .
* يصف ابن قتيبة الدينوري المنطق الذي اعتبره المنطقي العلم كل العلم مقابل الكتاب الكريم والسنة الشريفة وعلوم العرب والعربية بأنه علم أجوف بلا فائدة بل أنه يضر صاحبه أكثر مما ينفعه ، يقول : " ولكنه – يقصد المنطقي – طال عليه أن ينظر في علم الكتاب وفي أخبار الرسول صلي الله عليه وسلم وصحابته ، وفي علوم العرب ولغاتها وآدابها ، تنصب لذلك وعاداه وانحرف عنه إلى علم قد سلمه له ولأمثاله المسلمون ، وقل فيه المتناظرون ، له ترجمة تروق بلا معني ، واسم يهول بلا جسم ، فإذا سمع الغمر والحدث الغر قوله : الكون والفساد ... وسمع الكيان ، والأسماء المفردة ، والكيفية والكمية والزمان والدليل ، والأخبار المؤلفة ، راعه ما سمع ، وظن أن تحت هذه الألقاب كل فائدة وكل لطيفة ، فإذا طالعها لم يحل منها بطائل إنما الجوهر يقوم بنفسه ، والعرض لا يقوم بنفسه ، ورأس الخط النقطة ، و النقطة لا تنقسم والكلام أربعة : أمر ، وخبر ، واستخبار ، ورغبة ، ثلاثة لا يدخلها الصدق والكذب ن وهي : الأمر ، والاستخبار ، والرغبة ، وواحد يدخله الصدق والكذب وهو الخبر ، والآن حد الزمانين ، مع هذيان كثير ، والخبر ينقسم إلى تسعة آلاف وكذا [ و ] مائة من الوجوه ، فإذا أراد المتكلم أن يتعمل بعض تلك الوجوه في كلامه كانت وبالاً على لفظه ، وقيداً للسانه ، وعيا في المحافل وعقله عند المتناظرين ." نستنتج من ذلك أن علوم اللغة العربية عامة والنحو العربي خاصة لا أثر للمنطق اليوناني أو المنطق الأرسطاطاليسي في تكوين أو تأسيس قواعدها . و بالتالي ليس له نصيب من الصحة ما يدعيه أحد الباحثين أن منطق أرسطاطاليس ( 322- 384 ق. م . ) له تأثير كبير في تشكيل علوم اللسان العربي .
* يؤكد ابن قتيبة الدينوري على أن من يشتغل بالمنطق يصاب بالعديد من الأضرار ويبدو ذلك بوضوح عندما ينعت المنطق بالرذيلة الضارة التي يبتلي بها المشتغل بالمنطق ، في حين نجد ابن قتيبة الدينوري يرى أن من منحه المولي عز وجل الإيمان والعمل بالكتاب الكريم والسنة الشريفة أنه ينجو من أضرار هذه الرذيلة اعني المنطق ، يقول : " فالحمد لله أعاذ الوزير أبا الحسن – يقصد أبا الحسن عبد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل الذي ألف لأجله هذا الكتاب – أيده الله من هذه الرذيلة ، وأبانه بالفضيلة وحياه بخيم السلف الصالح ، ورداه رداء الإيمان ، وغشاه بنوره ، وجعله هدى من الضلالات ، ومصباحاً في الظلمات ، وعرفه ما اختلف فيه المختلفون ، على سنن الكتاب والسنة . " ذلك يعني أن كل من اشتغل بالمنطق اليوناني فهو ممن كتم الله تعالى على قلبه وعقله ، وأن كل من اشتغل بالقرآن الكريم والسنة الشريفة وعلومهما فهو ممن رضي المولي عز وجل عنه ورزقه الإيمان في الدنيا ونفعه به في آخرته . للمزيد من التوضيح ينظر ابن قتيبة الدينوري : أدب الكاتب ،  حققه وضبط غريبه وشرح أبياته أو المهم من مفرداته محمد محيي الدين عبد الحميد ، بدون ، المقدمة ص 2-3 ، 3 – 4 ، 5 ، ت ، ج ، دي بور : تاريخ الفلسفة في الإسلام  ، نقله إلي العربية وعلق عليه محمد عبد الهادي أبو ريده ، الدار التونسية للنشر ، المؤسسة الوطنية للكتاب اللبناني – مكتبة المدرسة بيروت – لبنان ص 76 .
* يذكر أبو حيان التوحيدي ( 312 – 403 هـ ) في مقابساته مناظرة تحت عنوان :
" المنطق اليوناني والنحو العربي
مناظرة جرت بين أبي سعيد السيرافي
وبين متى بن يونس الغنائي الفيلسوف "
وتدور هذه المناظرة كما يبدو من عنوانها بين أبي سعيد السيرافي ( تـ 368 هـ ) النحوي والأديب العربي ومتى بن يونس المنطقي ( 328 هـ ) ، والمطالع لهذه المناظرة يجد أن أبا سعيد السيرافي يؤكد على عدم تأثر النحو العربي  بمنطق يونان مقابل متى بن يونس المنطقي الذي يؤكد بدوره في المقابل على حدوث هذا التأثير ، نجد الأول كذلك يعتبر اليونان مثل بقية الأمم فهم – وبخاصة فيلسوفها أرسطاطاليس – ليسوا حجة على كافة البشر ، في المقابل نجد الثاني يزعم أنهم كذلك . وسنشير هنا إلى بعض نقول من هذه المناظرة ، تلك النقول التي تبين حجة كل طرف في دعم وجهة نظره في مسألة تأثر النحو العربي بالمنطق اليوناني من عدمه .
·     قال متى : أعني به أنه آلة من الآلات – يقصد المنطق – يعرف به صحيح الكلام من سقيمه  ، وفاسد المعني من صالحه ، كالميزان فإني أعرف به الرجحان من النقصان ، والشائل من الجانح .
·     فقال له أبو سعيد : أخطأت ، لأن صحيح الكلام من سقيمه يعرف بالعقل ، إن كنا نبحث بالعقل . هبك عرفت الراجح من الناقص من طريق الوزن ؛ من لك بمعرفة الموزون ، أهو حديد أو ذهب أو شبه أو رصاص ؟ وأراك بعد معرفة الوزن ، فقير إلى معرفة جوهر الموزون ، وإلى معرفة قيمته وسائر صفاته التي يطول عدها ، فعلى هذا لم ينفعك الوزن الذي كان عليه اعتمادك ، وفي تحقيقه كان اجتهادك ، إلا نفعا يسيرا من وجه واحد ، وبقيت عليك وجوه : فأنت كما قال الأول : حفظت شـيئا وضاعــت منــــك أشــياء وبعد فقد ذهب عليك ها هنا ، ليس كل ما في الدنيا يوزن ، بل فيها ما يوزن ، وفيها ما يكال ، وفيها ما ندع ، وفيها ما يمسح ، وفيها ما يحزر . وهذا وإن هكذا في الأجسام المرئية ، فإنه أيضاص في المعقولات المقروءة ، والإحساس ظلال العقول ، وهي تكها بالتبعيد والتقريب مع الشبه المحفوظ ، والمماثلة الظاهرة ودع هذا ، إذا كان المنطق وضعه رجل من يونان على لغة أهلها واصطلاحهم عليها ، وما يتعارفونه بها من رسومها وصفاتها ، من أين يلزم الترك والهند والفرس والعرب أن ينظروا فيه ويتخذوه حكماً لهم وعليهم ، وقاضياً بينهم ما شهد له قبلوه ، وما أنكره رفضوه ؟..
·     قال أبو سعيد : إذا سلمنا لك أن الترجمة صدقت وما كذبت ، وقومت وما حرفت ، ووزنت وما جزمت ، وأنها ما التاثت ولا حافت ، ولا نقصت ولا زادت ، ولا قدمت ولا أخرت ، ولا أخلت بمعني الخاص والعام ، ولا بأخص الخاص ولا بأعم العام – وإن كان هذا لا يكون وليس في طبائع اللغات ولا في مقادير المعاني – فكأنك تقول بعد هذا : لا حجة إلا عقول يونان ، ولا برهان إلا ما وضعوه ، ولا حقيقة إلا ما أبرزوه !
·     قال متى : لا ، ولكنهم من بين الأمم أصحاب عناية بالحكمة ، والبحث عن ظاهر هذا العالم وباطنه ، وعن كل ما يتصل به وينفصل غنه ، وبفضل عنايتهم ظهر ما ظهر ، وانتشر ما انتشر ، وفشا ما فشا ، ونشأ ما نشأ من أنواع العلم وأصناف الصناعة ، ولم نجد هذا لغيرهم .
·         قال أبو سعيد : أخطأت وتعصبت ، وملت مع الهوى  فإن العلم مبثوث في العالم ولهذا قال قــائل :    
العـلم  في العـالم مبثــوث                                                                    ونحـــوه العــــاقل محثــوث
وكذلك الصناعات منقوصة على جميع من على جديد الأرض ، ولهذا غلب علم في مكان دون مكان ، وكثرت صناعة في بقعة دون بقعة ، وهذا واضح ، والزيادة عليه مشغلة ، ومع هذا فإنما كان يصح قولك وتسلم دعواك ، لو كانت يونان معروفة بين جميع الأمـــــــم  بالعصمة الغالية ، والفطرة الظاهرة والبينة المخالفة ، وأنهم لو أرادوا أن يخطئوا ما قدروا ، ولو قصدوا أن يكذبوا ما استطاعوا ، وأن السكينة نزلت عليهم ، والحق تكفل بهم ، والخطأ تبرأ منهم ، والفضائل لصقت بأصولهم وفروعهم ، والرذائل بعدت عن جواهرهـم وعروقهم ؟!  وهذا جهل ممن يظنه بهم ، وعناد ممن يدعيه عليهم ، بل كانوا كغيرهم من الأمم ، يصيبون في أشياء ، ويخطئـــون في أشياء ، ويصدقون في أمور، ويكذبون في أمور ، ويحسنون في أحوال ، ويسيئون في أحوال ! وليس واضع المنطق يونان بأسرها ! إنما هو رجل منهم ، وقد أخذ عمن قبله ، كما أخذ عنه من بعده ، وليس هو حجة على هذا الخلق الكثير والحجم الغفير ، ولـه مخالفـون منهم ومن غيرهم . ومع هذا فالاختلاف في الرأي والنظر في البحث والمسالة والجواب سنخ وطبيعة ! فكيف يجوز أن يأتي رجل بشيء يرفع هذا الخلاف أو يحلحله ، أو يؤثر فيه ؟ هيهات ! هذا محال . ولقد بقي العلم بعد منطقه على ما كان عليه قبل منطقـه، وامسح وجهك بالسلوة من شيء لا يستطاع ؛ لأنه مفتقد بالفطرة والطباع . وأنت فلو فرغت بالك ، وصرفت عنايتك إلى معرفــــة هـــذه اللغة التي تحاورنا بها ، وتجارينا فيها ، وتدرس أصحابك بمفهوم أهلها ، وتشرح كتب يونان بعبارة أصحابهـــــــــا،  لعلمـت  أنك غني عن معاني يونان ، كما أنك غني عن لغة يونان . ابو حيان التوحيدي : المقابسات ،  محقق ومشروح بقلم حسن السندوبي ، الطبعة الأولي 1347 هـ / 1929م ، المطبعة الرحمانية ، يطلب من المكتبة التجارية الكبرى – مصر ، ص 70 – 71 . ولقد أورد السيوطي (  تـ 911 هـ ) نفس المناظرة  في مؤلفه : صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام ، ص 190 – 200 .   
(1) ابن قيم الجوزية : الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة  ، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه وقدم له د. على بن محمد الدخيل الله ، النشرة الأولي 1408 هـ دار العاصمة الرياض ، المملكة العربية السعودية ، جـ 3 ، ص 1072 – 1073 .
(2) د. عبد الله بن عبد المحسن التركي  : أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل : دراسة أصولية مقارنة ، الطبعة الأولي 1393 هت م 1974م ، مطبعة جامعة عين شمس ، ص 40 .
                           
 (1) أحمد بن حنبل : أصول السنة  ، وبحاشيته تمام المنة في التعليق على أصول السنة بقلم عمرو عبد المنعم
سليم ، الطبعة الأولي 1414 هـ / 1993م ، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ،  ص 56 – 57، وللمزيد من التوضيح ينظر ابن حزم الأندلسي : الفصل في الملل والأهواء والنحل  ، وبهامشه الملل والنحل للشهرستاني ، مكتبة الخياط بيروت – لبنان ، جـ 3 ، ص 5 . 
(2) عبد الحليم الجندي : أحمد بن حنبل إمام أهل السنة ،  1390 هـ / 1970م ، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية  : لجنة التعريف بالإسلام يشرف علي إصدارها محمد توفيق عويضه ، الكتاب الخامس والستون ، الجمهورية العربية المتحدة ، ص 415 .
(3) د. عبد الله بن عبد المحسن التركي : أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل : دراسة أصولية مقارنة ، ص 44 – 45 .
(4) الغزالي  : المنقذ من الضلال : مع أبحاث أخرى في التصوف ودراسات عن الغزالي ،  أ.د/ عبد الحليم محمود ، مطبعة حسان ، يطلب من دار الكتب الحديثة ، ص104.
(5) الغزالي  : تهافت الفلاسفة  ، تحقيق د. سليمان دنيا ، الطبعة الثالثة ، مزيدة ، ذخائر العرب (15) دار المعارف – مصر ، المقدمة ، ص 74.
(1) الغزالي :المنقذ من الضلال ، مع أبحاث في التصوف ودراسات عن الغزالي ، ص 113 .
(2) الغزالي : تهافت الفلاسفة ، المقدمة ، ص 74 – 75 .
(3) الغزالي : المنقذ من الضلال ، مع أبحاث في التصوف ودراسات عن الغزالي ، ص 104 .
(4) الغزالي : تهافت الفلاسفة ، المقدمة ، ص 75 – 76 .
(5) الغزالي : المنقذ من الضلال مع أبحاث في التصوف ودراسات عن الغزالي ، ص 112.
 (6) Sheikh ( Saeed .M ): Islamic  philosophy , frist impression © 1982 the Octagon press Ltd . photoset and printed in Great Britain ,  p :88 .                     
(*) " وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرءان ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين " ( يونس / 61 )
(1) الغزالي : المنقذ من الضلال مع أبحاث في التصوف ودراسات عن الغزالي ، ص 118 – 12 .
(2) د. زكريا بشير إمام : الفلسفة النورانية القرآنية عند الغزالي: رؤية نقدية لفكر الغزالي وفلسفته  ، الطبعة الأولي 1409 هـ م 1989م ، مكتبة الفلاح – الكويت للنشر والتوزيع ، ص 177 ، وللمزيد من التوضيح ينظر : الغزالي:  المنطق والموازين القرآنية : قراءة لكتاب القسطاس المستقيم ، أ.د. محمد مهران،  الطبعة الأولي 1417 هـ / 1996م ، سلسلة أبحاث علمية (13) المعهد العالمي للفكر الإسلامي – مصر ،  المقدمة ، ص 8 . 
(1) ابن الجوزي البغدادي : تلبيس إبليس  ،  الدراسة والتحقيق والتعليق د. السيد الجميلي ، دار الريان للتراث – مصر ، ص 59 .
(2) المرجع السابق : ص 63 .
(1) ابن الصلاح : فتاوى ومسائل: في التفسير والحديث والأصول والفقه ومعه أدب المفتي والمستفتي ، حققه وخرج حديثه وعلق عليه د. عبد المعطي أمين فلعجي ، الطبعة الأولي 1406هـ / 1986م ، دار المعرفة بيروت – لبنان ،   ص 208 – 209 .
(1) ابن الصلاح : فتاوى ومسائل: في التفسير والحديث والأصول والفقه ومعه أدب المفتي والمستفتي ، ص 219 – 212
(1) ابن تيمية : مجموعة الرسائل الكبرى ، يطلب من مكتبة ومطبعة محمد على صبيح وأولاده الأزهر – مصر ، جـ 1 : الرسالة الأولي : الفرقان بين الحق والباطل ، ص 107 . 
(2) المرجع السابق : الرسالة الثانية : معارج الوصول ، ص 181 .
(1) السيوطي : صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام : ويليه مختصر السيوطي لكتاب نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان لتقي الدين ابن تيمية ،  نشره وعلق عليه على سامي النشار ، الطبعة الأولي 1946م ، بنفقة مكتبة الخانجي بمصر – مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر ، ص 202 ،                 
Watt (Montgomery . W ) : Muslim intellectual a study of Al – ghazall , © 1963 , the      Edinburgh university press U.S.A. ,agent: Aldine publishing company ,  p 124 .         
(2) د. ماجد فخري : تاريخ الفلسفة الإسلامية باللغة الإنجليزية نقله إلى العربية د. كمال اليازجي ،  1974م ، الدار المتحدة للنشر ، ص 432 .
(1) ابن قيم الجوزية : إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ،  حققه وعلي عليه وقدم له د. السيد الجميلي ، دار ابن زيدون للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان ، جـ 1 ، ص 127 .
(2) المرجع السابق : جـ 2 ، ص 594 .
(3) المرجع السابق : جـ 2 ، ص 594 .
(1) ابن قيم الجوزية : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة ، بدون ، جـ 1 ، ص 246 . 
(2) المرجع السابق : جـ 1 ، ص 247 .
(3) السيوطي : صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام  ، ويليه مختصر السيوطي لكتاب نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان لتقي الدين ابن تيمية ، ص 32 .
(4) المرجع السابق : ص 32 .
(1) ) السيوطي : صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام  ، ويليه مختصر السيوطي لكتاب نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان لتقي الدين ابن تيمية ، ص 32 .
(2) المرجع السابق : ص 3 .
(3) د. محمد على أبو ريان : تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام : المقدمات – علم الكلام – الفلسفة الإسلامية ،  1976م ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت – لبنان ، ص 5 ، 354 .
(1) جلال العشري : حقيقة الفلسفة الإسلامية : ، ص 146 .
(2) لاجنتس جولد تسيهر : موقف أهل السنة القدماء بإزاء علوم الأوائل ، ص 147

(1) د. حسام الدين الألوسي  : دراسات في الفكر  الفلسفي الإسلامي  ،  الطبعة الأولي 1400 هـ / 1980م، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ص 18 . 
(2)  محجوب بن ميلاد : الفكر الإسلامي بين الأمس واليوم أو شؤون دارنا العقلية ،  الطبعة الثانية 1961م ، الشركة القومية للنشر والتوزيع – تونس ، ص 91.
(3) الغزالي : المنطق والموازين القرآنية : قراءة لكتاب القسطاس المستقيم: أ.د. محمد مهران ، المقدمة ، ص 8      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق